كيف وصلت ؟؟ قصة معبرة جدا.. عادل الجوهر.

 

كان الشيخ أبو الحسن المازندراني صديقاً للشيخ مرتضى الأنصاري قدّس سره وزميلاً له في الدراسة حيث كانا يدرسان سوية في النجف الأشرف.
ذات مرة ذهبا معاً إلى مسجد الكوفة وصمّما على المبيت ليلتهما في المسجد. وعندما حان وقت العشاء قال الشيخ الأنصاري لزميله الشيخ أبي الحسن: عندي فلس واحد، وأنت كم لديك؟
قال أبو الحسن: لا يوجد معي أي شيء، فقال الشيخ الأنصاري: حسناً اذهب إلى البقال واشتر لنا قرصاً من الخبز (حيث إن قيمة الخبز في ذلك الزمان كانت فلساً واحداً) حتى نقسمه نصفين، نصف لك ونصف لي. فذهب ابو الحسن وعاد بالخبز، وعندما وضعه أمام الشيخ الأنصاري، شاهد الشيخ في وسطه مقداراً من الدّبس (عصارة التمر) فقال لأبي الحسن:
كيف اشتريت الدبس وقد قلت ليس معي أي شيء؟
فقال أبو الحسن:اشتريت الخبز بفلسك والدبس استقرضته بمقدار فلس من البقال.
فقال الشيخ الأنصاري: أنا وأنت غداً نريد العودة إلى النجف فمن أين تعلم أننا سنعود أحياء؟ وكيف استقرضت وأنت لا تدري هل تستطيع إرجاعه إلى البقال أم لا؟
قال أبو الحسن: شيخنا: الله كريم.
فقال الشيخ الأنصاري: نعم الله كريم هذا صحيح، والقرض أيضاً صحيح، لكني لا آكل الخبز الملطّخ بالدبس بل أكتفي بحاشيته حيث لم تلطخ بالدبس. وبعد أن أكلا باتا ليلتهم في المسجد وعند الصباح رجعا إلى النجف الأشرف.
وبعدها بسنوات انفصلا عن بعض وقد سكن الشيخ أبو الحسن المازندراني في إحدى مدن إيران الشمالية، وفي مرة قدم إلى العراق لزيارة العتبات المقدسة، وعند زيارته للنجف الأشرف شاهد أن الشيخ الأنصاري قد أصبح مرجعاً عاماً للشيعة ويقلّده معظم الناس ويدرس عنده المئات. فجاءه وسلّم عليه وقال هامساً في أذنيه ـ حيث إن الشيخ كان وسط طلابه ـ ممازحاً إياه:
شيخنا لقد درسنا وتربّينا سوية عند جوار مولانا أمير المؤمنين سلام الله عليه، فكيف وصلت إلى هذا المقام ولم أصل أنا إليه؟
فأجابه الشيخ الأنصاري أيضاً (بمزاح يريد منه الجدّ) وهامساً في أذنيه: لأني قد غضضت النظر عن الدبس ولم آكله، أما أنت فلم تغض عن الدبس وأكلته!