برج بابل



سياراتُ الأطفاء بخير .
سياراتُ الأسعاف بخير .
الملوكُ ، والأمراءُ ، والحاشيةُ .. بخير .
نحنُ لسنا بخير .
بغدادُ ليست بخير .
العراقُ ليس بخير .
الخيرُ هو .. الخير .
إعادةُ تعريف الخير 
تعني أنّ هناك أشياء كثيرة 
ليست بخير .

***

مرّةً واحدةً في اليوم .
في كلّ ليلة .
لمدّة خمس دقائق .
إدخُل إلى غرفتكَ ، وحدك .
إغلق عليك البابَ .. وأطرحْ على نفسك بضعةَ أسئلة . مثلاً :
ما هذا ؟ ماذا فعلتْ ؟ ماذا قُلْت ؟ و .. هل كان ذلك ضرورياً ؟ .
هكذا .. القليل من الأسئلة ، في خمس دقائق . وجرد بسيط للأرباح والخسائر ، لليومِ الذي انتهى توّاً .
و قبل أن تفتحَ باب غرفتكَ ، وتخرج إلى العالم في اليوم التالي .. عليكَ أنْ تُقرّرَ كيف ستواجهُ الآخرين ، و تتعامل معهم في هذا العالم .
شيطانُ أم مَلاك ؟ إنسانٌ عاديٌّ أم إله ؟ أحمق أم حكيم ؟ خالدٌ أم زائل ؟ .
خمس دقائق في اليوم . كلّ ليلة . في غرفتكَ ، لوحدك .. ستكونُ كافية لأستئناف الرحلة بسلامٍ تام ، مع هذا العالم .
لهذا فقط .
من أجل سلام الأنسان مع نفسه ، ومع العالَم .
قامت بعضُ الحضارات البشرية بأكتشاف الصمت .
بأبتكار الأعتذار .
بأختراع الأسف .

***

منذ أنْ بَنيْنا بُرجَ بابلَ ، لنُلامِسَ السماء الواحدة ،
لم نعُد نفهمُ بعضنا بعضاً .
وعندما بنينا أبراجَ أخرى .. لنُلامسَ السماوات السبع ،
لم نعُد نعرفُ بعضنا بعضاً .
لو انّنا هدّمنا كلّ تلك الأبراج .
لو أننا تركنا كلّ واحدٍ منّا ، يُلامسُ السماواتَ سِرّاً ،
في غرفةِ روحه .
لو انّنا ، من باحةِ القلبِ ،
مشينا على دروب المجرّات
باحثين عن أحلامنا
نجمةً .. بعد نجمة .
لأصبحنا ، كُلّنا ، عُشّاقاً .
و لما كان كلّ واحدِ منّا يكرهُ الآخرَ
بسببِ كُثرةِ السلالمِِ ِ الممدودةِ نحو السماء
هُنا .. 
على هذه الأرضِ
العظيمةِ
المُعَذّبَة