كالّه عمي خبزك طيب، كالّه من جرد عمك

وجرد تعني سوء حظ، ويحكى في هذا ان رجلا حل ضيفا على فقير مدقع، لايملك من الدنيا الا بضع ارغفة من الخبز، وكان الضيف جائعا، فأكل جميع الارغفة والرجل ينظر اليه، وهو يأكل بنهم وشراهة، وعندما اتى على آخرها قال: ( عمي خبزك طيب، فرد عليه الفقير: من جرد عمك)، وهذا يذكرنا بعودة القوات الاميركية الى العراق بصفة مستشارين، ولانعرف كم من المستشارين سيدخلون العراق، حتى الآن وصل العدد الى مايربو على ثلاثة آلاف، وهو بتزايد واضح، ربما الماء في العراق لذيذ، وربما الخبز فيه لذيذ، او النفط الذي ستحوله اميركا عاجلا ام آجلا الى اسلحة.

لن تقف اميركا عند داعش، فهي تبحث دائما عن جديد حتى آخر برميل نفط في العراق، القوات الخاصة وفرق الاغتيالات الاميركية تؤكد حقيقة واحدة، وهذه الحقيقة تجسدها الافلام الاميركية على الدوام، حيث تنتهي اللعبة بقتل رئيس العصابة، والذي يعرف التفاصيل الدقيقة عن مشاريع اميركا التوسعية، لم يكن ابن لادن عبدا آبقا، وانما كان مطيعا للبيت الابيض، ولكن اللعبة انتهت كما انتهت مع زعماء كثيرين فكانت النهاية، والبغدادي لايقل اهمية عن ابن لادن، لانه دخل تحت عباءة اميركا، واميركا مستمرة في صنع المسوخ لفرانكشتاين او سواه.

كل التكهنات والحسابات العسكرية تقول ان داعش في طريقها الى الزوال، لكن الامر الاكثر اهمية للعراق هو مابعد داعش، ربما ستكون سنوات عجافا جديدة تطيح بالاقتصاد العراقي الهش والاحادي الجانب، لنحظى بحصار جديد هو حصار التسليح وتصفيات الحسابات التي لايمكن لاميركا ان تتنازل عنها، فاميركا دفعت الكثير ولكنها لم تجن ثمار ماعملت، ولذا سنبقى في دائرة اميركا تلعب على خيوط بيت العنكبوت الذي نسكنه، حيث نمتلك ارضا خصبة للفرقة والتشرذم، وحتى بلا عملاء، قناة فضائية واحدة تستطيع ان توصل العراقيين للاقتتال الطائفي، وبدون ان تدفع اميركا دولارا واحدا، تاريخ خصب للفرقة ومذاهب خصبة واديان وقوميات.

اميركا تضع ايديها في الماء بعيدا هناك عبر البحار، والهزة الكبيرة التي بدأت باحتلال الموصل، هي بمثابة (جرة اذن)، وستنتهي بانتهاء ابو بكر البغدادي، الذي تعرف اميركا جيدا كيفية تصفيته، وهو لايقل عن قلم الذهب الذي اهدي لليلى العطار في فرنسا، والذي كان بمثابة جهاز لتوجيه الصواريخ، فكانت نهاية الفنانة

التي رسمت صورة بوش الاب على ارضية احد الفنادق لتدوسها اقدام العراقيين، حيث دخل الصاروخ الى غرفة نوم الفنانة لينهي حياتها ببساطة، لوفكرنا ببديل للطاقة ربما سننجو بريشاتنا، لكننا مع النفط سنحيا ذات الحياة وسننتقل من حرب الى حرب، وسنعذر صدام قليلا للحروب التي شنها على دول الجوار واميركا، فهو قد لعب دورا اميركيا في المنطقة وقتل بسيف اميركا الذي جاء به، هكذا الامر ببساطة شديدة، كالّه عمي خبزك طيب، كالّه من جرد عمك، ومازال نفط العراق يضاهي نفط برنت فمن جرد العراق، لاننا سنبيع آخر برميل لنشتري بثمنه اسلحة، حتى وان فعلنا منهج الفيدرالية، وحتى ان استقل الكرد، فهناك توجس ان الحرب القادمة هي حرب قومية، لان اميركا في هذه الحالة ستصدر سلاحها بكل الاتجاهات، لكردستان ولبغداد، ومحافظات اخرى ،ستنتعش شركات الاسلحة، وسيستمر النفط بالانخفاض، لان اميركا تريد هذا، وهذا جميعه من جرد عمك.