لازالت الحكومة العراقية الجديدة عاجزة عن طمأنة المواطنين باجراءات حازمة ورادعة تعيد الثقة للمواطن بالاجهزة الامنية ..واختصر الاسباب ..قلة الخبرة والاختصاص والفساد والبطيء والمحاصصة الحزبية والطائفية ..
كلمة الارهاب كلمة شاملة ومطاطة ..والحرب العالمية والعراقية على الارهاب يجب ايضا ان تتسم بالشمولية ولا تقتصر على المهمات القتالية فقط وتحشيد ملايين المقاتلين وحتى في هذا المجال نجد الحكومة عاجزة وبطيئة عن ايجاد حلول ناجعة لمعالجة الاخطاء والنواقص في القوات المسلحة والاجهزة الامنية ..وتتسم اجراءاتها بالارتجالية وردود الفعل ..واعتماد المال والرشى لاغراء النا س وحثهم على القتال وهنا يكمن الخطأ القاتل ..
اليوم نجد ان الكثير من الدول تتسابق لارسال خبراء ومستشارين لتقديم المساعدة للعراقيين في الحرب على الارهاب بعد ان استشرى شرورهم وعدوانهم وتوسع واصبح خطر يهدد العالم وليس العراق فحسب ..
ولكن للاسف اجد ان الحكومة العراقية عاجزة وفاشلة عن امتلاك زمام الخبرة والقدرة لاستثمار هذه المساعدات المقدمة من دول ذات باع طويل وخبرة وامكانيات في مكافحة الارهاب ..وبهذا يفقد الجانب العراقي فرصة مهمة وبنفس الوقت يفقد احترام وثقة هذه الدول بقدرة العراقيين على مواجهة الارهابيين (وربما انا شخصيا اتفق مع هذا الرأي )...
وعلى العراقيين اثبات قدرتهم وللعالم اجمع انهم قادرون وند للاخرين في مشاركتهم بوضع خطط استراتيجة شاملة لمحاربة الارهاب وهزمه ...وكحزمة واحدة وساحة ميدان واحدة وليس معركة هنا ومعركة هناك ..
وللاسف لم يلاحظ هذا وانما نجد الجانب العراقي دائما في موقف المتلقي وليس الفارض ..واللافت للنظر نجد البعض فالح و ناجح فقط في تصوير مواقف عنترية وانتصارات في اجهزة الاعلام وينسون وجود الاقمار الصناعية والخابرات الدولية واجهزة التجسس الحديثة التي تمع المعلومات وبدقة وتفضح هذه العنتريات والانتصارات والتي لن تنطلي على القوى العظمى ..فاصحاب الرتب العالية يكذبون ويعتقدون ان الشعب يصدقهم ..
كلنا سمعنا ان الولايات المتحدة والرئيس اوباما قرر ارسال 1500 عسكري امريكي وبالامس اذاع نائب الانبار ومرحبا بوصول 50 عسكري امريكي من اصل 180 لمحافظة الانبار .. ويوما بعد يوم تقرر وتزيد اعداد من تسميهم ( مستشارين ) عسكريين لتدريب القوات العراقية ...والغريب ان الكثير من العراقيين بدأوا يرحبون بمجيئهم بعد ان كانوا يرفضون وجودهم جملة وتفصيلا ..
بالمقابل ولاسباب معروفة للعراقيين في الوقت ترفض ايران ومن يمثل ايران في العراق وجود امريكان على الارض ...علما وفي الوقت الذي ترحب حكومة كردستان بهم وايضا لاسباب معروفة وحتى منحتهم قواعد جوية وكل التسهيلات لتواجدهم وكذلك ناشدت الادارات المحلية في محافظات انبار وديالى وصح الدين ونينوى ويطالبون بعودة الامريكان ... وهنا من حقنا ان نتساءل ما السبب في انقلاب المواقف ؟؟ الجواب ..هي السياسة الخاطئة والفاشلة في ادارة العراق من قبل حكومة المالكي ..
اما عن الدواعش وقصتهم فانا ايضا لاابرأ الحكومات السابقة واخطاءها في التسبب في انتصاراتهم واحتلال لثلث العراق ...فبالرغم من قلة عددهم وضعف تسليحهم و شحة مواردهم المالية يثبتون للعالم على الارض قوة شكيمتهم وعنفوان اندفاعهم وبالرغم من وقوف كل العالم ضدهم ..بسبب بربريتهم واعمالهم الوحشية ضد اهالي المناطق التي احتلوها ..
وليس خافيا على احد من المراقبين العسكريين ..ان مقاتلي داعش ندهم دوما هم في صفحة الهجوم بينما القوات الحكومية والمساندة لها دائما تتخذ صفحة الدفاع ..علما ان من ابسط المباديء العسكرية لتعبأة القطعات والتي درسناها في الكلية العسكرية .. ان القوة المهاجمة يجب ان تكون ثلاثة اضعاف القوة المدافعة ..وهنا تكون المفارقة الغريبة في المعارك التي تدور على الارض العراقية ..وحسب ما نسمع في الاعلام ..ا ن الدواعش واعدادهم لاتتجاوز العشرات او المئات يهاجمون قوات مدافعة تعد بعشرات الالوف ..وكمثل من الواقع القريب كان عدد الدواعش في اول غزوهم للموصل وهي ثاني اكبر مدينة في العراق لم يتجاوز عددهم 400 مقاتل ..ومن هذا ومئات الامثلة المشابهة ... اذن هناك خلل تعبوي قاتل ..ونجد حكومتنا الرشيدة والفهيمة والقادة الميامين يعتمدون على الكم الفاشل ومن يشاهد الافلام التي تبث يلاحظ ان الجنود يتقدمون ويرمون في الهواء وكانهم في زفة عرس وان سالت عريف سابق ومسلكي لاستهجن واعاب هذا التكتيك في انفتاح المعركة ..وفي المقابل وهذا ليس مدحا بالدواعش يعتمدون على النوع رغم قلة عددهم ومن المدربين جيدا ولايهابون الموت ..
من هنا نلاحظ ان القلة من الدواعش يحتلون اية مدينة او قرية وناحية بيوم واحد ..وفي المقابل نلاحظ ان القوات الحكومية تحتاج الى اشهر كي تستعيد نفس المدينة او القرية كما حدث في جرف الصخر او هيت والفلوجة والامثلة كثيرة ...هذه حقائق عسكرية واقعية وليس غايتي الطعن في الجيش او القوات المسلحة او الاشادة بالدواعش والسبب معروف وكما يقول المثل العراقي ( الفرس بخيالها ) والحليم تكفيه الاشارة ..والجيوش بقياداتها ..والا لما خلد التاريخ انتصارات القائد البريطاني مونتغمري او الالماني رومل في الحرب العالمية الثانية ؟؟
وهذه الحقيقة المرة كان من وراءها اجراءات واخطاء الادارة الامريكية وسفيرها بريمر والقيادة العسكرية التي احتلت العراق وحلت جيشه النظامي ونشرت الفوضى الامنية الخلاقة والغت الدولة العراقية والتي تعب الانكليز والعراقيون المخلصون في بناءها ولعدة عقود من العهد الملكي و التي الغاها الامريكان بجرة قلم ..
والان وبعد ان عاد الامريكان للعراق من الشباك وبطلب من حكومة العراق وبعد ان اخرجوا عنوة من الباب في 2011 ...من الواجب عليهم الاستفادة من دروس الماضي ويصححوا اخطاءهم وعليهم ان يساعدوهم على بناء جيش عراقي نظامي مهني لاطائفي وبعيدا عن الولاءات السياسية والمليشيات العشائرية والطائفية ..ومن خلال تفعيل العمل بضوابط الخدمة العسكرية الصارمة وبعيدا عن المحاصصة الطائفية والحزبية او كما يحلوا لتجار السياسة والدين تسميتها بالتوازن والتوافق ..وتحت شعار العراق لكل العراقيين بدون استثناء وليس لطائفة معينة ..فهل سيبادر الامريكان لاصلاح ما افسدوه وساؤوه بحق الشعب العراقي ؟؟؟..انا شخصيا لا ادري ولكني اتمنى ان يعيدوا النظر بسياستهم الحمقاء..وانطلاقا من قول الشاعر (وداوني بالتي كانت هي الداء ) ..
وفي الختام ما اوصلني الى هذه القناعة ليس حبا بعودة الاحتلال وانما يأسنا من سياسينا وعسكرينا وطائفيتهم ... وكما يبدوا لي ان وجود الامريكان بالعراق ..سينمو ويتكاثر سواء رضينا ام ابينا و اصبح شر لابد منه ..
ونصيحة عراقي للامريكان أفهموا جيدا ان من اخرجكم اول مرة وندم وعاد يطالب بعودتكم اليوم فهو ينقلب بسرعة و يستطيع اخراجكم مرة ثانية ان لم تحسنوا التعامل معه ..لان العراقيين ملوا وتعبوا من القتل والطائفية الملعونة ..
اللهم احفظ العراق واهله اينما حلوا او ارتحلوا
|