شموع في ملعب الشعلة

كان شباب مدينة الشعلة في بغداد على موعد مع الحقد،وكانت امهاتهم على موعد مع الفجيعة،لم يخطر ببالهم ان حقد الظلاميين الموروث يصل الى هذه الخسة والدناءة وانعدام الضمير،كانوا يلعبون الكرة منشرحين ..هي تسليتهم الوحيدة البريئة في مدينة عانت الفقر والعوز والحرمان والاهمال منذ اسسها العراقي الشريف الشهيد عبد الكريم قاسم وخصصها للطبقة المسحوقة التي كانت تسكن الاكواخ والصرائف والتي اطلف عليها الزعيم الخالد لقب (قبور الاحياء) واقسم ان ينتشلهم منها ،وفعل.فكانت مدينة الثورة ومدينة الشعلة مدينتين لفقراء العراق في بغداد،ولامر معروف وغاية مقصودة عانت هاتان المدينتان الحرمان بعد استشهاده ،وتحملتا الثقل الاكبر من عمليات الارهاب الحاقد المتمثل ببقايا زمر السلطة البائدة والمتحالفة مع متشردي القاعدة ،هذا الثنائي الحاقد على كل شريف ومخلص في هذا البلد. على غفلة، والشبان منهمكون في لعبتهم المفضلة باغتهم اللقيط بحزامه الناسف،وقبل ان يغوص في وسطهم تنبه له حامي الهدف الشجاع ..هذا الفارس الصغير لم يفر بل انقض على الوحش المدجج بحزام الحقد كما ينقض النسر الاشم على فريسته وتفجر معه قبل ان يتوغل وسط الساحة. القريبون من الشبان استشهد بعضهم واصيب البعض الآخر بجروح متفاوتة. جمعت اشلاء كل جثة في كيس بلاستيكي,هرع الاهالي الى الساحة ..كانت السيارة المفخخة معدة لهذا الغرض.. الحقت بعض الآباء والامهات والاخوة والاخوات بشبان الملعب!. احدى الامهات تبحث عن ابنها بين الجرحى..اخبروها انه استشهد واروها جثته المقطعة لكنها تخدع عينيها ونفسها وترفض التصديق .. اخرجوامن جيبه هاتفه المحمول فانهارت فوق اشلائه جثة هامدة!. مستشفى الشعلة البائس تمكن من تقديم الاسعافات الاولية وضمد الجراح الخفيفة،حول الاصابات الى المستشفيات الاكبر وذات الاختصاص،سواق الاسعاف يحتجون بعدم وجود البنزين في السيارة والسبب ان الوزارة تفرض على السائق تعبئة السيارة من ماله الخاص ثم يجلب (وصل) ليقبض المبلغ مع الراتب الشهري !.راتب السائق –حسب ادعائه-400الف ديناروهذا المبلغ لايكفيه عشرة ايام فكيف يستطيع دفع اجور البنزين طيلة الشهر ياوزارة الصحة ؟! اضطر اهالي الجرحى الى دفع الاجور وملئ سيارات الاسعاف بالبنزين كي تنقل المصابين وليزدادوا فجيعة اخرى، تحولت سيارات الاسعاف الى تكسي..تحولت الشعلة الى مجالس عزاء،خيمة تجاور خيمة..نواح يختلط بنواح..وعويل يعانق عويلا. منذ خميس شباط الاسود وملعب الشعلة يزدان بالشموع ليلا.. شموع اصدقاء الشبان الشهداء تملأ المكان الذي غادروه ابرياء مظلومين.