يبدو إن هذا هو قدر العراق والعراقيين.فمنذ 14 تموز عام 1956 لم يرَ العراقيون إستقراراً سياسياً ونماءً وسعادة.بحار من دم وحروب وإضطهادٌ وإبادة وذلٌ وإحباط .إلا فترات قصيرة إما كانت خطأٌ لحاكم أولأمر في نفس يعقوب .وقد يكون هذا مخطط له لأيهام البسطاء من الناس إن الحاكم الذي أغدق عليهم هو مخلص محبٌ لهم .وإنَّ ما وقع بعد هذا من مصادرة للحريات وإرهاب دولةٍ وحروب ما هو إلا دفاعٌ عن سلامة وشرف الوطن الذي يجب ألا يضجرمنه أي مواطن أو يعترض .ولكن الويل والثبور لمن ينبس ببنت شفة أو برأي مخالف. وآخر المطاف الفساد وداعش.عدّوانِ يلتهمان أرواح الأبرياء ويحرقان الأخضر واليابس .والجرح ينزف والأقتصاد في إنهيارٍ وتراجع. تُفْرِحنا أخبار الأجراءات التي إتخذها السيد رئيس الوزراء بتغيير القيادات العسكرية ومتابعته الأمور الأمنية وتطربنا إنتصارات القوات المسلحة على داعش.وكلُ المشاعر والعواطف مع أبطال جيشنا البواسل والحشد الشعبي والقوى الأمنية المساندة .ولكن متى ينتهي هذا الأمر وكيف؟ لن يستقر الأمر إن لم يصاحب العمل العسكري إصلاحٌ سياسي للعملية السياسية وإعادة رسمها وتخطي المحاصصة اللعينة. فمن الأمور التي سيصطدم بها العراقيون عن قريب صراعات وتجاذبات خطيرة عند تقديم قوانين هامة لمجلس النواب كقانون الحرس الوطني والعفو العام والمساءلة والعدالة وعلاقة المركز يإقليم كوردستان وقانون مجلس الأتحاد الذي هو شبيه بمجلس الأعيان أو الشيوخ.إن هذه الأمور تحتاج للجان قانونية من شخصيات مستقلة بعيدة عن هذه الكتل والأحزاب التي أثبتت عدم جدارة وسوء تصرف وتبعية لدول إقليمية ودولية. ولكي نصل لنتائج سريعة وعلاجات شافية لجراحاتنا الملكومة من عقود ولنجدَ مخرجاً لما ألم بنا من أزمات , لا بدَّ من إشراك الشعب بشكل فاعل وأخذ رأيه مباشرة لا عن طريق مجلس النواب فقطلأنه لا يمثل الشعب بشكل جدي وصحيح فإنتخابه جاء وفق قانون أتاح الفوز للكتل النافذة فقط فإحتلت مقاعد فيه .وعلى المثقفين ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب الليبرالية أن تكثف من نشاطها الجماهيري والأعلامي لبث الوعي وإستنهاض القيم الأجتماعية والوطنية لأستعادة لحمة الشعب .فما أحدثته داعش من تقتيل ورعب سهل أمر الوطنيين والشرفاء المخلصين للوطن والساعين لرفعة شأنه ووحدته الوطنية. إن قوى دولية وإقليمية تثابر وتخطط وتناور من أجل بقاء العراق مضطرباً مجروحاً تتقاذفه الأزمات .لأن إستقرار العراق يهدد مصالحها وينسف مخططاتها.فكل ما جرى لنا دبِرَ بليل مظلم. فقد رَسَمتلنا قوى دولية عمليةً سياسية طائفية عرقية خطرة. وكتبت لنا دستوراً ملغماً مثيراً للنزاعات وخالقاً للأزمات .وشرعت قانون إنتخابات لا يفرز ممثلين حقيقين للشعب. ليستقيم الحال لتابعيهم وذيولهم ومنفذي مآربهم .فهم يريدون للعراق أن يبقى مأزوماً وشعبه مهزوماً وجرحه ملكوماً كل ساعة. تساعدهم في هذا شلة من معدومي الضمير أو ساسة فاشلون لا يعون الخطر. الكرة الآن بملعب الكتل السياسية المهيمنة على القرار. والتي نرى فيها قوى مكبلة لمسعى رئيس الوزراء بالأصلاح والتغيير والنهوض بالعراق.فهي من تصر على المحاصصة .وتتستر على الفاسدين. وتصادر قرار الشعب. فهي اليوم تمرُّ بإمتحان عسير .وأمامها طريقان الأول في فك قيد المحاصصة عن الحكومة ورئيسها. وتبدأ بعملية سياسية جديدة .ليلتئم الجرح العراقي الملكوم وفيه نجاتها ونجاة الشعب والثاني التمسك بالمحاصصة والتستر على الفاسدين وتكبيل الحكومة ورئيسها وشد القيد على الشعب وفيه هلاك العراق والعراقيين وهم أول الهالكين.وفي الأمتحان يكرم المرء أو يهان.
|