التوازن في كتل سياسية هي أصلا غير متوازنة


كما يبدو لنا ان الواقع السياسي في العراق مشوب بالكثير من الحساسيات التي لا تخرج عن مضمون الصراعات الشخصية وحسابات الأجندة الخارجية التي تضغط باتجاه تمزيق العراق ولا تريد له الاستقرار السياسي او الاجتماعي وفي النهاية الوصول الى الغاية الأهم وهي إفشال النظام السياسي الجديد في العراق برمته لان الحكومات المخضرمة النائمة على عروشها منذ ان ولد ابنائها وحتى يومنا هذا تعودوا ان لا يشاهدوا او يعيشوا مع ديمقراطية في المنطقة كالتي يعيشها العراق وهو ما يدعو تلك الدول الى الاستعانة ببعض الذين يمكن لهم ان يعملوا على عرقلة عمل الحكومات العراقية المتعاقبة وقد سمعنا نفس الأصوات النشاز التي شككت وصرخت بأعلى صوتها لإخراج الجعفري ثم صرخت مرة اخرى بحجة الدكتاتورية المالكية فعملوا على إسقاطه بكل الوسائل الشريفة وغير الشريفة ووجدناهم يهللون ويباركون للسيد العبادي مسؤولياته ويضفون على الحكومة الجديدة انها حكومة العمل من اجل المواطن وحكومة التوافق الوطني الحقيقي ولكن سرعان ما انقلب هؤلاء على تصريحاتهم تلك واتجهوا بالتهديد والوعيد للدكتور العبادي ويريدون استجوابه في البرلمان لمجرد انه أراد تطبيق الدستور العراقي في تحقيق مطالبهم المدرجة في ورقة الاتفاق السياسي عند تشكيل تلك الحكومة قبل اكثر من شهرين ومع معرفتهم المسبقة ان رئيس الوزراء وافق على تلك الورقة في إطار الدستور العراقي وليس تجاوزا عليه حيث هدد اتحاد القوى الوطنية، باستجواب رئيس مجلس الوزراء، إذا لم يتم الإيفاء بالموعد المحدد للتوازن، متهما التحالف الوطني، بـ"عدم الاعتراف" بلجنة التوازن التي شكلتها الرئاسات الثلاث.


وتضمنت الوثيقة، التي شكلت بموجبها حكومة حيدر العبادي، مجموعة من البنود، بينها إقرار النظام الداخلي لمجلس النواب خلال ثلاثة أشهر، مع تحقيق التمثيل المتوازن للمكونات في الوظائف العامة من خلال تشريع قانون الهيئة العامة لضمان التوازن، وتشكيل مجلس الخدمة الاتحادية خلال مدة لا تتجاوز الستة أشهر. ولا ندري ماذا يعني تشكيل تلك الهيئات التي لا داعي لها سوى انها ترهق خزينة الدولة وتزيد من مشاكل العمل المؤسساتي للحكومة وكيف يمكن لمثل تلك الهيئات المسمات بالتوازن ان تحل مشاكل سياسية لكتل وأحزاب هي أصلا غير متوازنة لا في وطنيتها ولا في أسلوب عملها ثم لا اعتقد ان أسلوب المرونة الذي يبديه السيد العبادي قد يحصل حتى في افضل الدول الديمقراطية فقد تجد هناك تصلب بالرأي وعناد في كثير من القرارات كما يحصل في بريطانيا وأميركا ولكن في العراق نجد ان رئيس الوزراء يبذل كل جهده لإعطاء الفرقاء الآخرين ما يريدون ، لذلك فهؤلاء لن يقتنعوا او يقولوا نعم حصلنا على حقوقنا طالما ان هناك دول تغذي أفكار هؤلاء السياسيين .