قادة الشرطة بالأمان وأرواح العراقين مستباحة !

حتى وقت قريب ،ماكنّا نعتقد بأن رئيس الحكومة الجديد السيد حيدر العبادي سيبعد هذا العدد الكبير من (القادة العسكريين). وكان المراقبون الأمنيون يعتقدون أن العبادي سيتأخر في أتخاذ قرار بأقالة أو نقل بعض (القادة) الى وظائف غير ذات شأن .

على أية حال ،لايمكن تفسير قرار العبادي بالجذري والجاد حتى وأن كان قد أستعجل في أبعاد هؤلاء القادة الفاشلين والفاسدين . فالابعاد وحده لايكفي ،أذ لايعطي العبرة للأخرين.وكان يفترض بالعبادي أن يرافق قراره (الجرئ) هذا مع قرار أخر بأحالهم الى القضاء العسكري ،كونهم مسؤولين عن كل المفاسد التي حصلت خلال توليهم القيادة في الجيش .وكان ينبغي أن يدفعوا ثمن معقول جراء فشلهم في نينوى وصلاح الدين وكركوك والانبار وحتى في ديالى. فالقائد مثله مثل أي مسؤول في الدولة ليس بمنأى من العقاب في حال فشل في مهمته. وهذا ما تأكد بعد الكارثة التي أعقبت ( انتكاسة العاشر من حزيران ) .والعبرة التي نريد أن يتعلمها من يخلفهم هي أن أي عسكري قائداً كان أو مجنداً ، عليه أن يتيقن بأنه سيحاسب ومن ثم يعاقب في حال اخفق في اداء الواجب المكلف به .

أردنا من هذه المقدمة أم نسجل عدم قناعة المراقيين الامنيين بجدوى قرار القائد العام الأخير . لكن مايشغل البال هو هل سيكون قرار العبادي المقبل بأقالة أو أحالة كبار القادة الأمنين (الشرطة والجهات الساندة) نسخة أخرى مطابقة لقرآره السابق بخصوص قادة الجيش ؟ هل سيخرج كبار ضباط الشرطة من المسلك سالمين غانمين وقد خلفوا وراءهم فلتاناً أمنياً لم يسبق أن شهده بلد أخر في العالم ؟ وهل سيكون قادة الشرطة محصنين من الحساب والعقاب مثلهم مثل قادة الجيش الذين أستبعدهم العبادي مؤخراً .

حقيقة ، مثل هكذا قرارات عرجاء ، من الافضل أن لا تصدر أذا مأريد أيقاف هذا الانهيار الامني ،فأن عرض قادة الشرطة على القضاء ربما سيساعد في الحد من الفوضى الامنية .فالفساد قد تفشى وصار على صورة وباء داخل الجسد الشرطوي في ظل هكذا قادة ، ماعرف عنهم خلال السنوات الماضية غير التخاذل والتكاسل وعدم الاكتراث بما يحدث من مجازر. بل أن القائد العام السابق كان يكافئ الفاشلين والفاسدين أن كانوا من الجيش أو من قادة الشرطة .

لم نسمع أو نرى أن ضابطاً كبيراً في الشرطة قد أحيل الى القضاء – باستثناء واحد – حكم عليه وكانه قد ارتكب مخالفة مرورية ،مع أنه عرّض حياة الاف العراقيين من بينهم أفراد من الشرطة الى القتل جراء (تزكيته) لاجهزة السونار لفحص المفخخات وموافقته على الصفقة تلك مع أن التاجر البريطاني ،الذي باعها الى دائرة مكافحة المتفجرات في الداخلية، حكمت عليه المحاكم البريطانية بعشر سنوات في حين حكم على (الجابري) بأربعة سنوات ،مع عدم محاسبة من هم أعلى مرتبة من (الجابري) ممن وافقواً على تلك الصفقة المفضوحة !

أتوجه بسؤال الى القائد العام للقوات المسلحة الحالي وأطلب منه أن يطلع على الاجراءات التي اتخذت بحث قادة الاجهزة الأمنية بعد المجازر التي عمت العراق من اقصاه الى ادناه . واتساءل : هل تم عزل أو سجن ضابط كبير حين تقع مجزرة ضمن حدود مسؤوليته ؟ وأذا ماتكررت هذه المجزرة ثانية وثالثة وعاشرة هل أحيل الضابط الكبير هذا الى التقاعد أو استدعى للتحقيق ؟

يادولة رئيس الوزراء .. قادة وزارة الداخلية اليوم مضى على كثير منهم أكثر من ثماني سنوات وهم في مناصبهم ،بل أن بعضهم ترقى الى منصب أعلى على الرغم من هذه المجازر التي وقعت وتقع كل يوم ؟

وقديماً قيل : من أمن العقاب أساء الأدب .. فهل تغض النظر يادولة الرئيس عن الفاشلين والفاسدين والمتخلفين في الجيش والشرطة والاجهزة الاستخبارية الساندة ؟