وعدنا بوقفة اخرى مع هذا ( المولود الجديد ) المسمى قانون هيئة المفتش العام الاتحادية ، إن تحليل مواد وفقرات القانون يوقفنا على ثغرات عديدة إبتداء من إسم القانون إلى الهدف الذي من أجله سيشرع ، ونذكرها على شكل فقرات ونترك التفاصيل للمهتمين بهذا الموضوع : 1. الإسم (العنوان العام ) للقانون يحتاج الى صياغة والأصح (( هيئة المفتشين العامين الإتحادية)) إذا أريد له أن يقع وقعاً صحيحاً في أذن المتلقي ولا يشوه أسماعنا بنغمة نشاز لا تقبلها العربية وأقصد (اللغة) .
2. إرتباط الهيئة .. من أكبر الأخطاء فالمفتش العام هو الجهة التي تراقب عمل الحكومة ويرتبط بالحكومة .. كونه يمثل ( الرقابة الداخلية ) لنفس الجهة . وأما البرلمان والجهات الرقابية الأخرى فهي (الرقابة الخارجية ) تراجع وتراقب عمل الحكومة وترتبط بجهة أخرى وهي البرلمان ، إذن ( فمصادرة ) البرلمان لرقابة الحكومة على نفسها شئ غير عملي ومعيب ومن حق الحكومة أن تحاسب نفسها قبل أن تُحاسب ، وأقصد هنا مكاتب المفتشين العامين (الرقابة الداخلية) .
3. ينتج من الخلل أعلاه أن تفقد مكاتب المفتشين العامين القدرة على وضع السياسات والبرامج الكفيلة برفع كفاءة الأداء في الوزارات في مجال مكافحة الفساد كونها أصبحت لاتنتمي إلى الجهة التنفيذيه ، وهذا سيؤثر حتماً على مستوى الخدمة ، ونوعها ومراقبة هذه السياسات والبرامج وفتح باب ( المال السائب بعلم السرقة) كون الجهات العاملة في الجهة التنفيذية ستشعر بغياب الرقابة الحقيقية (والوحيدة) الموجود على أرض الواقع وليس الرقابة ( البعدية) التي يمارسها ديوان الرقابة المالية ولا الرقابة الجزائية التي تمارسها هيئة النزاهة .
4. ينتج عن ذلك أن التحقيقات الإدارية والتي تحتوي على العنصر الجزائي التي يقوم مكتب المفتش العام بإحالتها إلى هيئة النزاهة ، ثم الى القضاء سينخفض عددها بشدة لصعوبة عمل هيئة النزاهة بشكل يومي ومباشر على الوزارات والدوائر الحكومية ، وإذا أرادت ان تعمل بشكل فعال ستنشأ لها مكاتب في هذه الوزارت والدوائر وبالتالي العودة إلى مكاتب داخل هذه الدوائر والوزارات اي (مكتب مفتش عام بشكل آخر يرتبط بهيئة النزاهة ) والوضع لايحتمل مثل هكذا تعقيد .
5. الأهداف التي حددها القانون : عبارات عامة مشتركة ومتشابهة مع بقية الاجهزة الرقابية كديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة وهذا الخلط في الأهداف والمسميات يتوجب إيضاحها لكل جهة تجنباً لإزدواجية الأدوار والمهام. 6. يمكن مما تقدم لكل من يطلع على القوانين أن يتسائل ما جدوى كل هذه المسميات ولماذا هذا الخلط والإزدواج ، وماجدوى إنشاء هذه الهيئات والمؤسسات إذا كانت الأهداف والوسائل والمسميات هي ذاتها وهذا طبعاً يختلف عن الواقع الفعلي والدور الحقيقي لهذه الهيئات ، فهي دائرة من التكامل الثلاثي وليس التصادم والإنقسام وهذا قطعاً ليس إلّا إلى اولئك المطلعين على بواطن الأمور وهم الذين إستبعدوا من المشورة في وضع هذا المشروع تحت ذريعة ( تضارب المصالح ) والعجيب ان تُطبق هذه القاعدة ( الصحيحة ) فقط في مثل هذا القانون ولا تطبق في مشاريع القوانين التي تخص الكتل والمتنفذين فيها .
|