عزة الشابندر الذي يوحي لمن يشاهده من بعيد او عبر شاشات الفضائيات المفتون بها جدا، انه هاديء ورصين هو في الحقيقة متقلب المزاج سياسيا، سرعان ما يتحول من صديق الى عدواني، ويستخدم الفاظا تجمع بين السخرية والاستخفاف بخصومه وبعضهم كان رفيقا له او زميلا. الشابندر يمضي ايامه حاليا في بيروت التي يحبها كثيرا، ويصف اللبنانيين بانهم اصحاب ذوق وحسن ضيافة ويقول: ان لبنان بلد مريح وخصوصا للسياسيين المرهقين في بلدانهم بسبب الازمات والصراعات وهو يحتفظ بصداقات مع كثير من الشخصيات السياسية والاجتماعية اللبنانية. وسيرة عزة الشابندر السياسية ملتبسة فهو يدعي انه اعتقل في العهد السابق خمس مرات بدءً من عام 1974 عندما كان طالبا في كلية الاداب مرورا بالاعوام 1976 و1978 و1980 قبل ان يغادر الى الكويت ومنها الى طهران والحرب العراقية الايرانية في شهرها الثالث، والمعروف عن عزة الشابندر انه رجل مبالغ وصاحب خيال. وعرف الشابندر على الصعيد السياسي في دمشق عندما لجأ اليها واقام فيها منذ نهاية السبعينات، بانه قيادي في حركة سياسية شيعية صغيرة كانت تسمى حركة جند الامام شكلها بالتعاون مع رجل دين شيعي فيلي يدعى سامي البدري نسبة الى بلدة بدرة الحدودية مع ايران بعد ان اختلفا مع قادة حزب الدعوة في طهران، وحانت الفرصة امام الشابندر للظهور سياسيا عندما قابل رئيس الوزراء الليبي السابق عبدالسلام جلود في مطلع الثمانينات في العاصمة السورية بوساطة من اللواء حسن خليل رئيس المخابرات السورية وقتئذ، وقد دعا جلود المعروف بتعاطفه مع الايرانيين ضد العراق الشابندر الى زيارة ليبيا ورحب الاخير بالدعوة وفعلا اصطحب معه في زيارته الى طرابلس الغرب اثنين من رفاقه في حركة جند الامام وهما محمد عبدالجبار الشبوط الذي يرأس الان شبكة الاعلام العراقي وحسن سلمان الرئيس السابق للشبكة نفسها، وقابلوا القذافي وحصلوا منه على دعم مالي يعترف الشابندر بانه 3 ملايين دينار عراقي ايام كان الدينار يساوي اكثر من ثلاثة دولارات توزعها الثلاثة فيما بينهم. ويشهد كثير من اللاجئين العراقيين في دمشق في اواسط الثمانينات وخاصة المثقفين والصحافيين ان الشابندر الذي أنشأ بالاموال الليبية مجلة (البديل الاسلامي) مع زميليه الشبوط وحسن سلمان، كان سخياً في مساعدة الشيعة الفقراء الذين هربوا الى سوريا من العراق وايران واستوطنوا حي السيدة زينب في دمشق ولم يكن يبخل في مكافآت ورواتب الكتاب والصحفيين في مجلته بينما انصرف زميلاه الشبوط وسلمان الى تجارة السيارات وتهريبها من المانيا وبلجيكا الى سوريا ولبنان وادارة وايجار شقق مفروشة في بيروت. وحانت فرصة سياسية اخرى لبروز الشابندر اعلاميا عندما دعي الى المشاركة في مؤتمر نظمته المخابرات السورية في بيروت مع احتدام الحرب الامريكية على العراق في شباط 1991 رغم ان دوره في المؤتمر الذي شكل لجنة متناقضة سميت بـ(لجنة العمل المشترك) صغيرا، الا ان عزة استغل حضور كثير من قادة الاحزاب المعارضة لجلسات المؤتمر الذي افتتحه الشاعر محمد مهدي الجواهري وتعرف عليهم شخصيا مثل سعد صالح جبر واياد علاوي وجلال طالباني واحمد الجلبي وحسن النقيب وغيرهم. ومنذ عام 1991 نشط الشابندر في معارضة النظام العراقي السابق فشارك في مؤتمر فيينا وبعده في مؤتمر صلاح الدين وانتخب في احدى لجان المؤتمر الوطني وتوطدت علاقته مع اياد علاوي رئيس حركة الوفاق الذي عرض عليه عضوية المكتب السياسي للحركة ولكن عزة الذي يجد نفسه زعيما سياسيا ارفع من علاوي تملص من العرض بدبلوماسية. والتقى الاثنان مجددا في بغداد عقب الاحتلال الامريكي وانضم الشابندر الى مجموعة علاوي واصبح مستشارا سياسيا له عند رئاسة الاخير للحكومة المؤقتة في نهاية نيسان 2004 . وخاض الشابندر انتخابات 2005 مع قائمة علاوي واصبح نائبا في البرلمان واشترك الاثنان في تأسيس شركة للرحلات الجوية بين دمشق وبغداد مع شريك ثالث هو مشعان الجبوري واسموها خطوط اجنحة الشام ولكن سرعان ما دب الخلاف بين الشركاء الثلاثة وباعوها الى رجل اعمال سوري من اقارب الرئيس بشار الاسد. وانتقل الخلاف التجاري بين علاوي والشابندر الى السياسة واعلن الاخير انشقاقه عن قائمة علاوي والعمل مستقلا كما اعلن ذلك في مؤتمر صحفي برر افتراقه عن علاوي بانه دكتاتوري ومزاجي ومصلحي، بعدها بدأ يتقرب من نوري المالكي ويشيد به في مجالسه واحاديثه ويصفه بانه رجل دولة وليس عميلا لايران كما هو حال الاخرين، فمال اليه المالكي وراح يستشيره ويوفده في مهمات سرية خلال اعوام 2007 – 2010 وخصوصا الى سوريا، وعند اجراء انتخابات آذار 2010 لم يكن مفاجأة ان يكون الشابندر مرشحا على ائتلاف دولة القانون، ولكنه فشل فشلا ذريعا في الحصول على مقعد نيابي غير ان المالكي تنازل له عن مقعده عندما اختير للمرة الثانية رئيسا للحكومة. وظل الشابندر مدافعا شرسا عن المالكي منذ عام 2010 يبرر له اخطاءه ويفتعل الاعذار لسياساته المتخبطة ويحرص على تبرئته من نزعاته الطائفية مما نال استحسان ورضا المالكي الذي منحه امتيازات وصفقات تجارية استفاد ماديا منها، كما دخل الشابندر طرفا في صفقات سياسية ومالية جمعت المالكي مع اخرين، ابرزها صفقة مشعان الجبوري المحكوم بالسجن المؤبد مع ابنه يزن في قضية سرقة رواتب 1500 ضابط ومنتسب الى دائرة حماية المنشئآت النفطية. لقد نجح الشابندر في تسوية قضايا مشعان مع السلطات الحكومية التي كانت تطارده ومع المحاكم العراقية التي حكمت عليه ومن ثم تراجعت عن احكامها وبرأته من التهم التي كانت قد حكمته بها، واستمر في مساعيه لاعادة شريكه التجاري وحليفه السياسي الى مجلس النواب، وقد نجح مرة اخرى في الضغط على مفوضية الانتخابات وهيئة النزاهة ولجنة المساءلة والعدالة في غض انظارها عن مخالفات مشعان واختلاساته، وهنا يجب الاعتراف بان عزة هو من مرر مشعان الى عضوية مجلس النواب الحالي رغم انف صالح المطلك رئيس كتلة العربية التي ترشح الجبوري عليها في محافظة صلاح الدين ولم يفز. يقول الشابندر عندما يشتد الجدل عن شخصيته المشاكسة وطبيعته المشاغبة ان من عمل معهم سياسيا، لا يستوعبونه لانه اثقف منهم واقدر، وجميعهم لا يصلحون ولكن الظروف السياسية الشائكة التي يمر بها العراق والدعم الامريكي والايراني لهم جعلهم يتصدرون الصفوف ويصبحون رؤساء ووزراء ونوابا ومسؤولين واصحاب مال ونفوذ. وحول مقولته الشهيرة عن رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي ووصفه له في مقابلة تلفزيونية سربت الى صفحات التواصل الاجتماعي بانه أغبى عضو في حزب الدعوة، يضحك الشابندر ويقول ان (الملاعين) ويقصد بهم مذيعي القناة الفضائية الذين اجروا معه المقابلة ورطوني وكنت متوتر الاعصاب وقلت ما قلت ولا انكر ما تحدثت به ولن اتراجع عن كلامي.
|