تشكيل ميليشيا طائفية في الأنبار خطوة فعلية : تمهيدا لحرب أهلية طاحنة و شاملة

بعض العراقيين ــ سواء من هذا الطرف أو ذاك ــ و انطلاقا من نوايا حقيقية ومبيتة ، بدءوا باتخاذ خطوات فعلية ( كتأسيس ميليشيات طائفية : كجيش المختار ــ قبل أسابيع ــ أو جيش العزة والكرامة الآن ـــ باتجاه تأجيج الأوضاع المتأزمة بالأساس والبنيان !! , و ذلك تمهيدا لتفجيرها ، بنية الدخول في مغامرة احتراب أهلي شرس وطائش وشامل ، و الذي إذا اندلع ، فلا يمكن التكهن بنهايتها إلا ويكون العراق ــ كدولة وكيان موحدين ــ في خبر كان وفي عصف مشعان !! ..
سيما " إن عمليات الاحتقان وتلهيب المشاعر الطائفية وجلدها بسياط " تغريدات " طائفية وتصعيديها مؤخرا إلى أقصى درجات التوتر ، من أساليب التطرف غير المسبوق و التحريض والتهييج والتشنج والكراهيات والعداوات المتبادلة ، ستكون مناخا مشجعا من استعداد نفسي لدخول في مثل هذه المغامرة الطائشة والرعناء ، والتي تذكرنا بمغامرات الدكتاتور المقبور الذي كان يخوض حروبه الداخلية والخارجية على طريقة من يود القيام بنزهة مسائية أو سياحية قصيرة !!، ليجد نفسه فيما بعد في ورطة شائكة وتاريخية في عدم إمكانيته في وقف تلك الحرب مثلما يريد ويشاء ..
فهل يدرك أو أدرك " بطلا "هذا الزمن العراقي الرديء البطاط واللافي ، ومن يدفعهما ويحرضهما على ذلك ، نتائج أفعالهما في تأسيس مليشيات طائفية مسلحة لمواجهة ومقاتلة بعضهما بعضا ـــ وبهذه العلنية والتحدي السافرــ ومن خلال ذلك زجّ المكونات العراقية في مغامرة حرب طائفية شرسة وواسعة و مدمرة ، لن يخرج منها أحد غالبا أو منتصرا ، اللهم غير فرسان المحاصصة في كل الأحوال ، سواء بقي العراق موحدا ــ حيث سيتقاسمون محاصصتيا المناصب والمال العام مجددا ، أو كأمراء حرب " منتصرين " في حالة انهيار الدولة العراقية على شكل كانتونات كارتونية هشة وبائسة ورثة ؟!..
ولكن الأغرب من كل ذلك هو صمت وتفرج أغلبية الشعب العراقي ـــ التي ترفض فكرة الاحتراب و الاقتتال فيما بينها ـــ صمتها على أصوات دق طبول الحرب المصحوبة ب" التغريدات " المارشية " الطائفية ، دون أن يحرك ساكنا ، أو محتجا ومستنكرا هذه الخطوات التمهيدية الجارية لتفجير مفخخات الحرب وخوضها طائفيا ، وكأن الأمر لا يعنيها لا من قريب أو بعيد ؟!! ، بينما هذه الأغلبية هي ذاتها بالضبط مــَن ستكون وقودا لهذه الحرب الرعناء في حالة وقوعها ، وكأنها لا تدرك بأنها سوف تدفع ثمنا باهظا وقاسيا ، مبتلا بالدماء والدموع الفادحة والمفجعة جدا ..
واجبنا الأخلاقي هنا : هو التنبيه والتحذير ، على طريقة راصدي الزلازل والزوابع و الإعصار وقذف البراكين قبل وقوعها ، بهدف لفت الأنظار و أخذ الحيطة والاستعدادات ، بغية درءها أو إحباطها في الوقت المناسب ، وعدم إفساح المجال للغلمان المشبوهين من المغامرين ومنفذي الأجندة الأجنبية ، في توريط المكونات العراقية في حرب كارثية و طاحنة ومدمرة رهيبة ..
ومن ثم إذا بات العيش المشترك مستحيلا وغير قابل للتحمل ، فيمكن الجلوس على طاولة المباحثات والمفاوضات بروح سلمية للاتفاق على شكل من أشكال التقسيم أو تشكيل الأقاليم ، بعيدا عن أجواء احتراب و قتال أهلي شامل و ساحق ..