الرهبانية والارهاب

كم من المقالات والدراسات والبحوث وغيرها الكثير مما كتب من قبل الباحثين والكتاب لبحث ودراسة أسباب نشوء وتطور ظاهرة الارهاب وخصوصا ذلك النوع والذي بات يدعى اليوم بألارهاب الاسلاموي والذي أصبح النوع الاكثر شهرة حتى وكأنه لم يكن يوجد على مدى التاريخ الطويل للبشرية أي نوع اخر من الارهاب وهذا ما يجافي الحقائق التأريخية حيث مرت بالبشرية أشكال وصور متعددة للارهاب تجلت في عدة ثقافات وأعراق وشعوب متباينة ومتباعدة من كما هو الحال في الجيش الجمهوري الايرلندي في بريطانيا او الجماعات الصهيونية في الشرق الاوسط و غيرها من الجماعات والحركات والتي أرتبط وجودها بالعنف لاسباب متعددة ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لم ظهر مثل هذا النوع من الارهاب - الاسلاموي - والذي أرتبط أسمه بدين عرف بأنه قد حفل خلال تاريخه الطويل بالكثير من صور التسامح ونبذ العنف ، واذا غضضنا النظر عن العوامل الاخرى والتي يتشارك فيها الارهاب المرتبط بالجماعات الاسلامية والتي تتبنى الخطاب الاسلامي المتطرف مع غيره من الجماعات الارهابية في العالم كالعوامل الاقتصادية والسياسية وغيرها فأنه لايخفى على احد بأن الدين الاسلامي وليد الجزيرة العربية ومنطقة الشرق الاوسط يختلف عن غيره من الاديان السائدة في العالم في بعض النظم والسنن والتي قد يعتبرها البعض ذات تأثيرات ثانوية في حياة الفرد والجماعة ولكنها في الحقيقة ذات تأثيرات  كبير ولها أنعكاسات كبيرة وقد تكون لها أثار غير مباشرة ومن تلك السنن هي ( الرهبانية ) والتي لم يكن لها وجود في حياة الفرد المسلم في زمن صدر الاسلام أستنادا الى الحديث النبوي الشريف ( لارهبانية في الاسلام ) .. وكذلك الحديث الاخر ( إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة ) وغيرها ، ولكن وعلى مر التاريخ الاسلامي وجد مثل هكذا نمط من الحياة ومرد ذلك الى حاجة بعض الافراد في المجتمع الى مثل هكذا نمط من الحياة وكذلك لتأثير ثقافات واديان أخرى كالمسيحية وغيرها من الأديان والفلسفات الشرقية القديمة على حياة المسلمين حيث أخذ المسلمون في بعض البلدان الاسلامية عنهم فكرة الرهبنة والانعزال للتعبد والزهد فطوروها الى نظام التكايا والخانقاهات وغيرها على غرار نظام الاديرية في المسيحية ، وبحكم كون الدين الاسلامي من الاديان العملية والتي تحث الانسان المسلم في الكثير من أيات القران الكريم أو الاحاديث الشريفة على الابتعاد عن منطقة الحلم والرومانسية وحث الانسان على العمل والنظر بواقعية للعالم وفي نفس الوقت الحث على الزهد والقناعة وغيرها من الامور التي تحث الانسان على عدم التعلق بالدنيا كل تعلق ، ومع تطور الزمن والتأثيرات التي احدثها أتصال الانسان المسلم بالثقافة الغربية منذ اواخر القرن التاسع عشر وما تلاه عن طريق الادب المترجم والسينما وغيرها  - ولكون الثقافة الغربية تميل بشكل عام الى الماديات - فقد تحول الانسان المسلم التأثر بشكل كبير بالمادية ومع أبتعاده عن الروحانيات فقد أندثرت أو كادت التكايا وغيرها وقد كان لذلك الاندثار نتائجه الوخيمة ، حيث أن الانسان المسلم المحبط والذي تعرض الى سلسلة من النكسات في حياته خلال العهود الماضية كان يجد عزاءه في الانعزال والاندماج في حياة الزهد والعبادات الروحية ، ولكن وخلال الزمن الحالي فقد أصبح المحبط واليائس – وخصوصا من فئة الشباب - والذي يتعرض الى ضغوط هائلة من قبل المجتمع والاسرة وكل من يحيط به ومع ما تسببت به الماديات من  تشوهات في حياتنا المعاصرة وما أنعكس ذلك على الكثير من الناس ضعف الايمان بالروحانيات وفي المقابل الانغماس في الماديات ومع الافتقاد الى نظام رهبنة اسلامي متكامل على غرار ما هو موجود في الثقافات والاديان الاخرى كالمسيحية والبوذية فلم يعد من طريق مفتوح للانسان المسلم المحبط واليائس من ظروفه سواء أكانت سياسية او معيشية أو غيرها خلال هذا الزمن الا سلوك طريق الارهاب والعنف.