ادناه ترجمة, مع بعض التصرف, لمقال Stephen Lendman, المعنون Iraq Today: America s Genocidal Legacy http://rense.com/general96/irtoday.html
ولد ستيفن ليندمان في عام 1934 في بوسطن. حاصل على درجة البكالوريوس من جامعة هارفارد, ثم ماجستير ادارة الأعمال من كلية وارتون في جامعة بنسلفانيا في عام 1960. يعمل منذ سنوات كمقدم برامج على شبكة الراديو التقدمي ثلاث مرات أسبوعيا. حائز على عدة جوائز عالمية في الاعلام. كتابه الاخير هو Banker Occupation: Waging Financial War on Humanity وبمكن زيارة موقعه في sjlendman.blogspot.com ----------- اتت أمريكا إلى العراق للبقاء. جزء من القوات الامريكية لا زال باقيا في العراق (وهو في تزايد مستمر. ط. ر). كلفت السفارة الأمريكية أكثر من مليار دولار لبناءها. انها أكبر سفارة في العالم.
انها, السفارة, داخل المنطقة الخضراء في بغداد. وهي تشمل 21 مبنى. تدابير أمنية استثنائية مستخدمة لحمايتها. انها تمتد على مساحة 104 فدان من الأراضي, او ما يعادل 80 ملعبا لكرة القدم.
الديمقراطية محظورة. ما يسمى التحرير هو الوهم المريح. العراق دمر و حطم. العنف اليومي خارج نطاق السيطرة. هنالك بطالة وفقر وبؤس بشري مدقع.
وتعاني البلاد من وباء العيوب الخلقية والسرطانات وغيرها من الأمراض ذات الصلة, كما تعاني, في نفس الوقت, من وباء الآلاف من المتعاقدين العسكريين الغربيين الخاصين والمستشارين ورجال الأمن.
الهدف هو السيطرة على النفط والغاز وغيره من الموارد الاستراتيجية في المنطقة، وغيرها من الاهداف الاقتصادية والسياسة.
يعكس إرث الإمبراطورية الأميركية تدمير مهد الحضارة. عراق قبل عام 1990 لم يعد موجودا. المقابر حلت محله.
أكثر من عقدين من الحرب والعقوبات والاحتلال دمرت النظام البيئي في العراق. العشرات من الملوثات تلوث التربة والمياه في أجزاء واسعة من البلاد.
وتشمل الملوثات اليورانيوم المخصب والمنضب، والبنزين والمواد الكيميائية الضارة الأخرى، والمعادن السامة، والنفط، والبكتيريا والسموم الأخرى.
اغتصبت العراق مائة أمر اصدرها بول بريمر. انها حولته الى مختبر دمار لاقتصاد السوق الحرة. داخل الفقاعة هي الجنة (المنطقة الخضراء.ط. ر.). خارجها الجحيم (المنطقة الحمراء .ط .ر) . الخدمات الأساسية للغالبية العظمى من العراقيين لا وجود لها.
النهب بمقاييس لا تصدق لا يزال مستمرا. يبقى العراق, واقعا, مستعمرة للولايات المتحدة. فقد العراق استقلاله وسيادته.
الموت في العراق يرتبط بالعنف والمجاعة والأمراض التي يمكن الوقاية منها والفقر والإهمال. والكوارث تتبعه.
يمكن التعرف على الوفيات التي يمكن تجنبها ك"الفرق بين الوفيات الفعلية في بلد ما و تلك المتوقعة في بلد ينعم بالسلم و يخضع لحكم "لائق" مع نفس التركيبة السكانية".
4.6 مليون هو عدد الوفيات العراقية بسبب العقوبات والعنف والحرمان المفروض بالعنف, للفترة منذ عام 1990, اي الذكرى 10 لغزو واشنطن.
إطفاء جذوة حياة الإنسان على نطاق واسع هذا يشكل إبادة جماعية.
وتعرف المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية بأنها تشمل "أي فعل من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، كالتالي :
(أ) قتل افراد لجماعة من الناس؛
(ب) إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم لأعضاء المجموعة.
(ج) إخضاع المجموعة عمدا لظروف معيشية بقصد إهلاكها الفعلي كليا أو جزئيا؛
(د) فرض تدابير تحول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة؛
(E) منع نقل الأطفال قسرا من مجموعة إلى مجموعة أخرى ".
كذابي الإمبراطورية والأوغاد ووسائل الإعلام المتواطئة يقدمون ارقاما مخزية تقلل كثيرا من تلك المعتمدة علميا.
أنهم يتجاهلون عمليا العنف اليومي والظروف المروعة. ملايين اللاجئين المشردين داخليا وخارجيا لا يهمونهم. ولا يشيرون الى مسؤولية واشنطن الكاملة.
ويتم اهمال متعمد لبعض من أفظع جرائم الحرب وضد الإنسانية في التاريخ من أي وقت مضى. الجرائم يتكرر حدوثها يوميا بعيدا عن أنظار وعقول الناس. لا نهاية للعبة يوحي بالخلاص .
ينفذ رئيس الوزراء الدمية نوري المالكي (الذي استبدل الآن بدمية اخرى. ط. ر. ) طلبات اميركا. بدأت فترة ولايته في مايو 2006. عكست طول فترة حكمه مقدار تبعيته لواشنطن.
في 1 نوفمبر 2013، وصل المالكي إلى واشنطن وقبعته بيده. التقطت صورة له مع أوباما. السابقة أظهرته مع بوش. وجاء التالي في بيان مشترك:
"في اجتماعهما اليوم في البيت الأبيض، أكد الرئيس أوباما ورئيس الوزراء نوري المالكي الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وجمهورية العراق، وتعهدا بدفع المصالح المشتركة لدعم عراق مستقر وآمن ومزدهر في الشرق الاوسط ".
"وبما أن معظم القوات الأميركية اعيد انتشارها في المنطقة، فان كلا البلدين" دخلا مرحلة جديدة من العلاقة بينهما، على أساس الاحترام المتبادل، والالتزام المشترك لبناء شراكة استراتيجية بين دولتين ذات سيادة".
"وأشارا إلى أن الآلاف من الأميركيين والعراقيين فقدوا حياتهم في الكفاح المشترك ضد الإرهاب والتطرف في العراق."
"إن الرئيس اوباما ورئيس الوزراء المالكي يجددان عزمهما على تكريم ذكرى وتضحيات الذين قتلوا من قبل تعزيز شراكتنا المشتركة طويلة الأمد والاستراتيجية في مجالات الأمن، والدبلوماسية، والتجارة، والتعليم، والطاقة، والثقافة، والعلوم، والعدالة ".
دعى أوباما العراق "الديمقراطية الناشئة". ومن قبل قال بوش ان مستقبل العراق يعكس "منارة للديمقراطية". الواقع يكشف خلاف ذلك. ان كلامهما هو حلقات أخرى مغرقة في المثالية وخطابات جوفاء.
العراق دولة فاشلة. انها مختلة تماما. الخدمات الأساسية والأمن لا وجود لهما. الفساد والعنف يوميا خارج عن نطاق السيطرة.
الآمال في الاستقرار والازدهار في نهاية المطاف لا أساس لها. تدمير مهد الحضارة خلق "اللوحة الخالية" ( اللوحة الخالية, كما يوحي اسمها, هي اللوحة التي يمكن تدوين كل شيئ عليها, كاشارة الى عدم الاستقرار و الفوضى العارمة التي تعم العراق . ط. ر.) .
اصوليو مدرسة شيكاغو يديرون الامور (مدرسة شيكاغو هي مدرسة محافظة جدا في الاقتصاد الحر. ط. ا.). حصلت الشركات الأمريكية على حصة الاسد في عقود الاستثمار. واصدر بريمر اوامرا بنهب المؤسسات. وقسوة الاحتلال مستمرة.
يعكس العراق الآن كل التبعات الخاطئة للحروب الإمبريالية والاستعمارية، اضافة الى القسوة الرأسمالية المفترسة. أغلقت الابواب امام العراقيين العاديين كليا. فعليهم تسيير امورهم بنفسهم و ان يعتمدوا على حظوظهم. اما ان يسبحوا او يغرقوا.
البقاء على قيد الحياة هي مشكلتهم. الصدمة والرعب، والغزو، والاحتلال، والتحول السريع قتل الملايين.
الناجون من الموت يكافحون من اجل البقاء, وهذا ليس بالأمر الهين. كثيرون لا يفلحون. وحكومة الدمى ترتدي قناع الشرعية.
أمريكا تقرر الاولويات . المالكي وعملائها الآخربن يقدمون خدماتهم لها ويفعلون ما بوسعهم او اكثر. فشلهم يؤكد تكرار مصير صدام. مكافأة التبعية هي التقاط الصور في البيت الأبيض.
اعلن جورج بوش بان قدوم أمريكا إلى العراق هو ل "بذر نبات الديمقراطية." ولكن الشناعة هي واقع اليوم المرير.
العراق دولة فاشلة ويسودها العنف. انها تعيش تحت ظروف كابوسية. تفجيرات السيارات المتعددة تحدث بشكل شبه يومي. وواشنطن تتحمل المسؤولية الكاملة.
العنف يقتل المزيد من الناس والسلطة ترد بمزيد من القمع.
يتم سجن الآلاف من المعارضين للنظام لاشتباه بدون تهمة, ويتبع ذلك التعذيب وغيره من أشكال الاعتداء. وتتواصل الاعتقالات الجماعية.
وفقا لمدرسة هارفارد كينيدي للإدارة الحكومية, فان الحربين على العراق وأفغانستان هي اغلى حروب أميركا قاطبة.
لا أحد يعلم متى سوف تنتهي الحربان. لا أحد يستطيع التكهن بالكلفة النهائية. من ما يعرف حتى الآن، فزهاء 6 تريليونات دولار قد صرفت. وتكاليف الحرب تتعدى الصرفيات الحربية, فتشمل الرعاية الطبية على المدى الطويل ومصاريف العجز والاستحقاقات للناجين، والفوائد على الديون المرتبطة بالحرب والاحتلال، فضلا عن التكاليف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الأخرى.
الحرب ليست رخيصة. والمتعددة منها غالية الثمن بشكل كبير. شنها واحدة بعد الأخرى يعني تقديم التضحيات في الميزانية .
معظم موارد امريكا تهدر على التسلح العسكري والعدوان وكمعونة للشركات، وكذلك في الانفاق على بوليس يتسم بالوحشية.
يتم تدمير أمريكا اجتماعيا. انها تحافظ على ما يتطلب إدانته. وتواطؤ الحزبين يحول الأمة إلى امة راكدة وبائسة, ويحيل الدولة الى احدى دول العالم الثالث.
الخوف والبؤس والحرمان يعم العراق. والوضع الطبيعي لا وجود له. سفك الدماء, وانعدام الأمن، والقمع الشديد هي سمات الحياة اليومية.
محررو النيويورك تايمز دعموا الأجندة الأميركية و حرب الخليج، وسنوات من العقوبات والإبادة الجماعية والرعب, والاحتلال لاحقا. ولكنهم تسائلوا لاحقا بدون خجل و بعنوان كبير "هل يمكن انقاذ العراق؟"
|