العقل الديمقراطي!! |
هل عندنا عقل ديمقراطي؟! لنتساءل بشجاعة وصدق وإخلاص , ونواجه أنفسنا جميعا وبلا إستثناء! فالوقائع والأحداث والتطورات والتداعيات تشير وتقدم الأدلة على ضعف أو غياب العقل الديمقراطي , وكأن الديمقراطية كلمات وتحزبات وبرلمانات وانتخابات لا غير. إن واقعنا التربوي وعبر مسيرة أجيال متعاقبة مبني على الإستبداد والطغيان والفردية , وما تعافى جيل واحد من هذه الآفة القاهرة المؤثرة في السلوك. ووفقا لنظريات الوراثة والسلوك , فأن هذه الآفة الطغيانية قد أوجدت جيناتها أو صبغاتا الوراثية التي تستعبدنا وتقرر سلوكنا , وتمنعنا من التفاعل العاقل الحليم الذي يحقق مصالحنا. فربما كلنا نمتلك موروثات الإستبداد الكامنة فينا والمؤثرة على ما نقوم به ونظهره من سلوك. والشعوب المتقدمة إنتصرت على ذلك بالإصرار والتواصل , وبجهود المصلحين والمربين والمفكرين والقادة الديمقراطيين. وبنظرة متفحصة لما ننشره على مواقع الإنترنيت وصفحات الصحف وما نسمعه في وسائل الإعلام , تظهر الأدلة على أننا نتصرف بفردية وإستبدادية , ولا نعرف كثيرا عن الديمقراطية كنظام حياة وأسلوب تفاعل وحوار حضاري معاصر , تذوب فيه التنوعات والإختلافات لتحقيق سبيكة الحياة والوطن. وبسبب هذه النزعات الكامنة فينا , أثبتنا قصورنا وربما عدم أهليتنا لصناعة حياتنا الديمقراطية , لأننا حولنا الديمقراطية إلى حالة أخرى لا تمت بصلة إليها , كما الحال في بعض مجتمعات المنطقة. إن الحديث عن الديمقراطية في مجتمعات لا تزال عقولها غير ديمقراطية , يصبح نوع من الكلام في (سوق الصفافير) , فكلٌ يضرب على إيقاعه لصناعة ما يريد , ولا أحد يمكنه أن يحتوي جميع الأصوات في إيقاع متناغم ونافع. وكما هو معلوم , فأن الديمقراطية تربية أخلاقية وسلوكية ونفسية , تتحقق في الوعي والوجدان البشري عبر التواصل اليومي مع مفرداتها , في البيت والمدرسة والمجتمع. والديمقراطية لا يمكنها أن تكون صالحة , إن لم تكن محكومة بقوانين تنظم السلوك اللازم لبناء وتهذيب النشاطات البشرية في المجتمع. فالدول الديمقراطية المعروفة , يتسيد فيها القانون وليس الفرد أو الحزب أو الكرسي. فالجميع سواسية أمام القانون , والقوى تتبادل الأدوار وتعطي ما عندها من الرؤى والأفكار التي تراها نافعة للوطن والمجتمع. ولا يمكن للديمقراطية أن تعيش إذا إنتفت أو تشوشت معاني المواطنة والوطنية والوطن. وهذه وغيرها الكثير , عناصر ضرورية وأساسية لبناء العقل الديمقراطي الذي يحقق السلوك الحضاري المتفق مع ما يدركه ويدريه. فعلينا أن نبني العقل الديمقراطي , وليبدأ كل منا بنفسه , لكي نفوز بالديمقراطية!! فالديمقراطية تربية , وهل من مُربي وقدوة؟!!
د-صادق السامرائي |