عطسة انتخابية |
بينما كنا جالسين انا وصديقي في احد مقاهي المدينة المزدحمة بزبائنها وسط الضجيج المستمر من أحجار الدومنة وهي تضرب بقوة ونقاشات المنركلين والمدخنين وصوت التلفاز العالي بمختلف المسلسلات التركية التي تلقى ترحيبا من المشاهدين في هذه المقاهي … كنت اهرب من جو السياسة الذي اعيشه تحت قبة عفوا سقف بيتي والذي ترغمني قنواتنا الفضائية ان نعيش في هذا الجو المشحون من اصوات المرشحين وحرف السين الذي يكثر استخدامه هذه الايام في وسوف والاستحقاقات المقبلة وتطلعات هذا الشعب الفقير في وجوه مرشحيه ، لم افلح في الهروب من هذا الجو المشحون اذ قابلني صديقي ومحدثي في المقهى بمقارنة بين المرشحين وايهما الافضل وعن حملاتهم الدعائية الانتخابية فأحد المرشحين ظهرت له دعاية في القناة الفلانية , والاخر قد علق بوستر عملاق واخر بوستراته صغيرة واخر شعارته جميلة وتسقيطاتهم وكيف ان المرشح فلان من الكتلة الفلانية قد صرح بأن الكتلة الاخرى قد سرقت وفشلت ولديها اجندة خارجية ووووو… الخ ، ووصل صديقي المحلل المغمور الى استنتاج الى ان مدة الدعاية الانتخابية هي اكثر الأوقات والفترات في الاربع سنوات التي يكون فيها النائب وعضو مجلس المحافظة المستقبلي والحالي الطموح الى مدة اخرى تحت البرلمان ومجلس المحافظة من الناس وعندما تنتهي الحملة ويفوز سوف لا نراه يتمشى بيننا او يجالسنا لأنه سيكون في سيارته المظللة وسط رتل من السيارات المصفحة وسط حمايته الذي يتحولون الى جدران كونكريتية بينه وبين عامة الناس ، واستنتجت انا من نقاش صاحبي ومن السباقات والتصريحات الانتخابية والدعايات للمرشحين بأن الحكومة فاسدة او فاشلة او حكومة محاصصة انها من اكثر الاوقات ايضا للمصارحة ويحسب كل ما يقال على المرشحين بأنه دعاية انتخابية، فحتى لو اراد المسكين واعني المرشح (لأنه حاليا يحتاج وفقير الى اصواتنا وعينيه تتجه صوب صناديق الاقتراع وحلمه بالكرسي البرلماني) ان يناقش او يتكلم بموضوع علمي او اجتماعي تحسب عليه بانه دعاية انتخابية كما فعلت احدى الجامعات قبل مدة كما سمعت بأنها منعت احد الاساتذة والاكاديمين من القاء محاضرة علمية في مؤتمر او ندوة علمية ما كونه مرشحاً وهذا يدخل في باب الدعاية الانتخابية وان الحرم الجامعي هو حرم مقدس وقاعة الدرس هي للعلم وليست للسياسة ومن هذه الشعارات الرنانة ، اذن فهل نحرم الاستاذ مثلا اذا كان مرشحا وهو مدرس او استاذ في احدى الكليات من القاء محاضراته اليومية كونه مرشح وسوف يؤثر على الطلاب بأسلوبه المتقن في ايصال المادة العلمية مغلفة بدعاية انتخابية وهل نفهم من هذا بأن كل ما يطلقه هذا المرشح الذي كان قبل ايام انسان عادي يطرح ما يشاء في أي مكان بأن كل ما يصدر منه الان هو دعاية بل حتى في مشيته وطريقة جلوسه ونظراته ايحاء لجذب الانتباه اليه وربما ايقاع الناس في شباك حملته الدعائية. |