من السمات والصفات الحسنة عند الانسان ان الله سبحانه وتعالى خلقة في احسن تقويم .. وجعل نفسه تعاف وتانف من كل شيء يتعارض مع طبيعته البشرية .. من هنا كانت المناظر الوحشية او المشوهه والبشعة او الروائح الكريهة او الاصوات النشاز يرفضها الانسان السوي والطبيعي وبشكل عفوي ... اما من يخالف ذلك كمن ياكل اللحم النيء او قيامه بتعذيب اخيه الانسان بوحشية او يقطع راس بشر او لسانه اويده او اذنه ..كلها اعمال بشعة ولا تتفق مع الطبيعة البشرية وان شاهدت اوسمعت ان انسانا يفعل ذلك ..فهذا انسان معقد و مريض نفسيا وعقليا .. بالامس نشر احدهم على صفحتي بالفيس بوك فيديو لاحتفالية تخرج دورة قوات خاصة في كركوك ..واحدى الفعاليات هي قتل ارنب حي وافعى وبهياج وحركات وحشية ياكلون لحمهما ..ومن غريب الصدف ان اقرأ اليوم خبر نشر في القدس العربي انقله بالنص ولا ادري مدى صحته او حقيقته ..تحت عنوان "ضباط في جيش صدام حسين درّبوا وحدات خاصة لتنظيم الدولة الإسلامية شاركت في هجوم الرمادي،" كتبت صحيفة القدس العربي: "قال ضابط رفيع من الجيش العراقي السابق إنه وعدد من ضباط الجيش السابق يدربون منذ أشهر وحدات قتالية خاصة لتنظيم الدولة الإسلامية في الموصل، إحداها وحدة خاصة للاقتحام شاركت في هجوم الرمادي الأخير قبل يومين." ومن ضمن الضباط عقيدان، وعميد، ولواء، ومقدم معظمهم طردوا من الجيش السابق بسبب عقيدتهم وفكرهم السلفي الذي كان محظورا في نظام حكم الرئيس السابق صدام حسين. وكذلك من ضمن الضباط الذين يقومون بتدريب وحدات تنظيم الدولة هناك عقيد ركن من المقدادية بديالى وهنا توقفت عند سؤال سبق وان ساله احد الاصدقاء ..عن سبب قيام الدواعش بذبح الناس والتفاخر بذلك ولم يكتفوا بذلك وانما تمادوا وعرضوا في احد الافلام احد المقاتلين يشق صدر احد القتلى ويستخرج قلبه ويتباهى باكله ... وهنا اعزو سبب انتشار هذه الظاهرة الوحشية المنتشرة في بلادنا لوسائل الاعلام هذه ..حتى ان البعض تعود على رؤيتها من كثرة نشر هذه الافلام والفيديوات ..وهنا استرجعت صورا واقعية مرت بذاكرتي .. فقبل حوالي خمسين سنة وعندما كنت اتدرب في الكلية العسكرية العراقية ..فتحت دورة خاصة لقوات الصاعقة العراقية وتزامنت مع دورتنا الخاصة الاولى وربما كانت هي ايضا الدورة الاولى والمجموعة الاولى لتدريب حوالي اربعين شخص خليط بين ضابط وضباط صف دربوا تدريب عنيف وكان صراخهم وصياحهم يملء اجواء الكلية ليلا ونهارا .. وبعد انتهاء فترة التدريب اقاموا احتفالية تخرج للدورة وتضمنت فعالية قتل الارنب والحية واكل لحمهما نيء ..في حينها كنت شابا واليوم وبعد مرور نصف قرن ..اعترف ان فقرة قتل الحيوان واكل لحمه نيئا اثارت وزالت اشمئزازي واحتقاري ... ومرت السنون ..وكانت شاشات التلفزيون تتسابق لعرض افلام تدريب القوات الخاصة وبالذات التركيز على الحركات البهلوانية والصراخ باصوات خاصة ولاسيما فقرة قتل الحيوان وسلخ جلده باسنانهم ( وفي بعض الفعاليات تمادوا وتفننوا وكانوا يقتلون الكلاب وياكلون لحومها ) ..وكما نعلم ان اكل لحم الكلب محرم اسلاميا ...الا يطرح هذا تساؤلا عن الغاية في التدريب على ارتكاب المحرمات ؟؟ اتذكر في الستينات والسبعينات اشتهرت القوات المسلحة المصرية بتدريبهم عناصرالصاعقة ..وكانها موظة وانتقلت العدوى الى بقية الجيوش العربية ومنها الجيش العراقي ... ومما يلفت النظر تم التركيز على وحدات الحرس الخاص وبعدها شملت بشكل خاص وحدات فدائي صدام ...فقد تميزت هذه التشكيلات من خلال تدريبها التدريب القاسي والعنيف على فعاليات القوات الخاصة ..ومنها فقرة اكل اللحوم النيئة ... وهنا اتوقف قليلا ..واقول ان الوحشية في السلوك البشري ليس فطري عند الانسان وانما ثبت انه مكتسب بالتدريب اوالتاثر بالتربية وعوامل خارجية..وهناك امثلة عديدة على ذلك مثلا .. - طريقة قطع الرؤوس بالسيف وعلني امام المواطنين في السعودية بحق المحكومين بالاعدام لابد من ان يترك اثار نفسية قاسية في نفوس المشاهدين - قطع الرؤوس والاذان وجدع الانوف والالسن والاطراف التي طبقت في العراق في النظام السابق ..لايمكن ان ينكر احد انها تركت اثارا نفسية عميقة في نفوس المواطنين ..ولو ان البعض قد يبرر ان الامن كان سائدا في زمن صدام بفضل هذه السياسة .. وانا شخصيا لا اتفق مع هذا الرأي ..وان الخوف لاينشر العدل .. - اساليب التعذيب الوحشي التي تنفذ سرا في المعتقلات بحق المعتقليين ...سيف ذو حدين ...المعتقل المعذب ان اطلق سراحه فسيكون حاقدا على كل البشرية ويحاول التعويض بالانتقام من الاخرين ..وان مات تحت التعذيب فالقائم بالتعذيب اكيد سيكون متاثرا ومريضا نفسيا ويستهين بقيم الحياة البشرية حتى مع افراد عائلته ..وكلنا نتذكر الصور المأساوية لسجناء ابو غريب وهم يخضعون للتعذيب بشكل لا اخلاقي ولا انساني .ز - سمعت انه في حادثة اعدام جماعي لقيادة حزبية وقبل عدة عقود...يقال ان تنفيذ العقوبة تمت على ايدي زملاءهم في القيادة باجبارهم على طلاق النار عليهم ..وهذا درس لتقسية القلوب ولا يخلوا من اهداف اخرى .. - شمول ذوي المتهم بتحمل جريرة جريمة ابنهم وايقاع العقوبة بعائلته كما تفعل اسرائيل اليوم بحق كل فلسطين ينتفض ضدها ...وللاسف كانت العقوبة تشمل الاقرباء من العراقيين وحتى الدرجة الرابعة من الاقرباء ..وهذا اسلوب قمعي واضح ..كان تاثيه عكسي .. - ان تعليق جثث المشنوقين في الساحات والميادين او تنفيذ حكم الاعدام امام المواطنين كلها وسائل لزرع الخوف وبنفس الوقت لتقسية القلوب .. ولكنها ايضا تخلف اثار سلبية .. - النهج الكارثي لمنتجي افلام الرعب ومصاصي الدماء البشعة والقبيحة كلها تخدم نشر العنف والوحشية في عالم اليوم الذي هو بحاجة الى نشر فكر وثقافة المحبة والاخاء والعدل بين بني البشر وليس القتل وامتصاص دماء البشر كما يروجون حاليا .. - ومن هنا ما تنشره التنظيمات الجهادية او التكفيرية من فيديوات ذبح جماعي كما نشر قبل ايام وكجزء من سياسة تدريبية تربوية وبنفس الوقت لغايات اعلامية واضحة الاهداف وهي زراعة الرعب والخوف في نفوس المواطنين .. - واذكر لكم ونقلا عن لواء في القوات الخاصة المصرية انه هناك موقف شهير فى 2007 عندما جاء فريق من القوات الخاصة الأمريكية مكون من 11 فرد لتبادل الخبرات بينهم و كان هذا الفريق من اقوى فرق القوات الخاصة الامريكية وبعد مرور أقل من اسبوعين قدموا طلب للقيادة بأنهم يريدون العودة الى بلادهم لأن التدريب في القوات الخاصة المصرية (تدريب غير أدمي )وذكر في التقرير الذي قدموه أن الفرد المصري في القوات الخاصة كان يتسلم فقط خنجرا و زمزمية صغيرة جدا بها القليل من المياة وكانوا أثناء التدريب تأتي طائرة فتحملهم الى مكان مجهول بالصحراء وتتركهم عائدة و يظل كل فرد منهم لمدة خمسة أيام لا يملك شيئاالا خنجرا و عليه اصطياد طعامه بنفسه من الصحراء وذبحه و اكله وكل فرد مسئول عن نفسه فقط و ليس له علاقة بالأخرين وقنينة المياه تكفيه لمدة الخمسة أيام فقط بحيث يرشف منها كل يوم رشفه ليعودو الى بلادهم قبل انتهاء المدة الرسمية للتدريب .. - اليوم وبعد السقوط تجد الجندي العراقي كل طعامه مسلفن وماء معقم ..وهذا تناقض بين نوعين من التدريب العسكري ..بين طريقة المصريين التي تجعل من الانسان وحش والطريقة العراقية بعد الاحتلال التي تجعل من الجندي انسان اليف كالغزال بسرعة الركض والحليم يفهم مغزى التشبيه .. السؤال الذي اطرحه على ضباط ومدربي الصاعقة عندنا وغيرها من القوات الخاصة ...انا لا اعترض على التدريب القاسي ولكن هل توجد ضرورة لفقرة قتل حيوانات بطريقة عنيفة ووحشية وبطقوس همجية وتدريب الجندي على اكل لحومها نيئة ؟؟ واستغرب ترحيب كبار المسؤلين والمشاهدين وهم يهللون ويصفقون لهذه المناظر البشعة .. ونفس السؤال اطرحه على اطباء وعلماء علم النفس ...هل هذا النوع من التدريب ضروري لاعداد مقاتل على التحمل والاستخدام الكفوء لسلاحه وزرع حب التضحية والموت في سبيل مبادئه ولتوضيح الاثار السلبية على السلوك الانساني وطاهرة العنف والوحشية المنتشرة حاليا والتي سياتي يوما تنتشر في كافة انحاء العالم وسينقلب السحر على الساحر .. مما قد يحول الجندي النظامي الى مسلح داعشي وكما نراهم في الفيديوات ؟؟ اللهم احفظ العراق واهله اينما حلوا او ارتحلوا
|