العراق تايمز:
نشرت صحيفة النيويورك تايمز، اليوم الاثنين، تحقيقا مطولا عن اسباب سقوط مدينة الموصل بايدي تنظيم داعش البريطاني الارهابي، ركز على استشراء الفساد في المؤسسة الأمنية العراقية معتبرة اياه بانه السبب الرئيسي الذي أدى إلى انهيار الجيش أمام داعش، بالاضافة الى انسحاب القوات الأميركية الذي فاقم من تلك الآفة (بحسب تعبيرها) والتي يعمل رئيس الحكومة الحالي، حيدر العبادي على مواجهتها.
وبدأت الصحيفة الأميركية تقريرها، بالكشف عن "مدى الفساد الذي يتمثل بقادة كبار في المؤسسة العسكرية العراقية" مشيرة إلى أن هناك "جنرالاً عراقياً يلقب باسم أبو الدجاج، وذلك لما يعرف عنه ببيع الحصص التموينية المخصصة لأفراد الجيش من مواد غذائية ودجاج، والثاني يلقب باسم أبو العرق، وذلك لما عرف عنه بالترويح عن نفسه بتناول الخمرة أثناء العمل، والثالث ملقب بالجنرال أبو الدفتر، لصيته بين الجنود والضباط ببيع المناصب العسكرية" .
وقالت الصحيفة، إنه "استناداً لضباط وأعضاء برلمان عراقيين، ومسؤولين أميركيين، فإن تلك مجرد أمثلة بسيطة عن الفساد المستشري في المؤسسات العسكرية والأمنية العراقية"، مبينة أن "قوات الجيش والشرطة، وبسبب فساد قاداتها، انهارت أمام زحف مقاتلي داعش صيف هذه السنة، برغم انفاق أكثر من 25 مليار دولار على الجيش والشرطة خلال السنوات العشر الماضية من قبل الجانب الأميركي، كنفقات تدريب وتسليح، وأكثر من ذلك بكثير من خزينة الحكومة العراقية أيضاً".
وأضافت النيويورك تايمز، أن "نمط الفساد وجانب المحسوبية في المؤسسة العسكرية الحكومية يهدد الجهود الأميركية الجديدة الرامية لإخراج داعش من العراق"، لافتة إلى أن "الولايات المتحدة أكدت أن الجيش العراقي يمثل الوسيلة التي يمكن من خلالها تقديم أي مساعدة جديدة من تسليح وتجهيزات لبقية القوات، كالأموال والأسلحة المخصصة للمقاتلين من أبناء العشائر الذين تطوعوا لطرد مسلحي تنظيم داعش، حيث طلبت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) من الكونغرس تخصيص مليار و300 مليون دولار لإنفاقه على أسلحة القوات الحكومية العراقية، على أن ينفق منها 24 مليون ومئة ألف دولار على تسليح قوات العشائر" .
وأوضحت الصحيفة، أن "قسماً من الأسلحة التي جهزت مؤخراً من قبل الجيش قد انتهى بها المطاف إلى السوق السوداء وأيدي مسلحي تنظيم داعش"، مؤكدة أن "المسؤولين الأميركيين وجهوا أسئلة للحكومة العراقية بهذا الصدد.
في حين ان المعلومات التي اكدت عليها اكثر من جهة سياسية وامنية عراقية، قد تجاهلتها الصحيفة، والتي تقول ان طيران التحالف الدولي قد قام لاكثر من مرة بالقاء السلاح والعتاد والمواد الغذائية لعناصر التنظيم الارهابي داعش، كما انها قامت بتوجيه ضربات جوية قوية اوقعت عشرات الشهداء والجرحى في صفوف الجيش العراقي والجيش الرديف، بحجة انها اخطأت اهدافها.
وكان اخر هذه المهام المشبوهة التي قامت بها القوات الامريكية والبريطانية هي اخلاء زعيم داعش ابو بكر البغدادي وبعض مرافقيه بعد ان تعرض الى اصابة بالغة نتيجة ضربة جوية نفذها طيران الجيش العراقي غربي الانبار.
ونقلت الصحيفة الأميركية، عن العقيد شعبان العبيدي، من قوات الأمن المحلي وقائد عشائري من محافظة الأنبار، قوله "لقد اخبرت الأميركيين أن لا يسلموا أي سلاح عن طريق الجيش حتى لو قطعة واحدة، لأن الفساد مستشري في كل مكان وسوف لن تروا أي شيء من تلك الأسلحة لأنها ستسرق من قبلهم ."
ووفقا لضباط ونواب عراقيين، لم تكشف هوياتهم، قالت الصحيفة، إن هنالك "أسماءً وهمية في قوائم رواتب الجيش والشرطة بتواطئي من قبل مسؤولين متنفذين، كما يحصل البعض من الضباط على مبالغ ورشاوى من الجنود مقابل عدم حضورهم للعمل" .
وأضاف العقيد العبيدي، كما أورد النيويورك تايمز، أنه "لو كان من المفترض أن يتسلم كل جندي مئة إطلاقة فإنه سيحصل على خمسين فقط، ويبيع الضابط الاطلاقات الأخرى في السوق السوداء".
وذكرت الصحيفة، أن "كثيراً من زعماء العشائر السنية، يريدون أن تقوم الولايات المتحدة بتجهيزهم مباشرة بالرواتب والأسلحة كما كانت تفعل سابقاً خلال تشكيل ما يسمى بالصحوات التي حاربت تنظيم القاعدة قبل سبع سنوات"، مستدركة "لكن مسؤولين في الحكومة العراقية يرون أن أي محاولة من قبل الأميركيين للتعامل المباشر مع العشائر يعد انتهاكا للسيادة العراقية وتعميقا للانقسامات الطائفية" .
وقال مسؤولون أميركيون، بحسب الصحيفة، إن "العمل مع العشائر بجانب الفساد العسكري، هو خارج نطاق هدف مهمتهم"، حيث ذكر أحد المسؤولين الأميركيين المشتركين بهذه المهمة في حديث للصحيفة، أن "تخفيض معدل الفساد ليس جزءاً من مهمة مستشارينا العسكريين في العراق، وليس هناك سبب للاعتقاد بأن وجود المستشارين الأميركيين سيحد من نسبة الفساد في المؤسسة العسكرية".
ونقلت الصحيفة عن محاربين أميركيين خدموا سابقا في العراق، قولهم إنهم بعملهم عن قرب مع القطعات العسكرية العراقية فانه كان "باستطاعة المستشارين الأميركيين آنذاك أن يساعدوا في الحد من مشاكل الرشى والابتزاز التي تقع في المؤسسة العسكرية العراقية، وادراج أسماء وهمية في قوائم رواتب الوحدات العسكرية".
واستناداً إلى المتحدث باسم مكتب رئيس الحكومة العراقية، رافد جبوري، فانه من "أجل الحد من الفساد وزيادة نسبة المحاسبة يحاول رئيس الحكومة، حيدر العبادي، أن يقوم كل مقاتل من أبناء العشائر بالتوقيع على الرقم التسلسلي لأي سلاح جديد يتسلمه، وأن يقوم ضباط الجيش العراقي بتطبيق ذلك" .
وأكد ضباط أميركيون، بحسب الصحيفة، أنهم "تركوا الجيش العراقي وهو بحالة جيدة نسبياً عندما بدأوا بالانسحاب عام 2009"، مشيرين إلى أن "إشرافهم القريب للمؤسسة العسكرية العراقية خلال السنوات الخمس الماضية، ساعد في التقليل من نسب الفساد وابتزاز الأموال" .
ونفلت النيويورك تايمز، عن عقيد الجيش جويل رايبورن، الذي عمل عن قرب مع الجيش العراقي، قوله إنه "كان بإمكاننا الحد من مشاكل الأسماء الوهمية في قوائم الرواتب، وتابع إذا "كان من المفترض أن يكون تعداد اللواء أو الفوج في الجيش العراقي بحدود 700 جندي لكن هناك 250 جندياً فقط على أرض الواقع فهذا من السهل أن نكشفه ."
وأضاف رايبون، أن "كشف الأسماء الوهمية في مؤسسة سلك الشرطة والداخلية والحد منها تعتبر مهمة أكثر صعوبة"، مبيناً أن هناك "أسماء وهمية أو أشخاصاً لن يحضروا للعمل أبداً ويتقاسمون رواتبهم مع أي مسؤول يتبناهم ."
|