أيّها العراقيون : هذا قرآنكم ، وهذه سنّة نبيّكم ، وهذا المأثور من تراثكم ، أمّا أنتم أيّها التكفيريون والإرهابيون فمن أيّ ملّةٍ تُصنَّفون ؟!!
1 - المقدمة : لا أدري ولا المنجم يدري ، ولا الشعب يدري ، ولا الأمة تدري ، كيف وصل العراق - وبعض أقطار الأمة - إلى ما وصل إليه من دمار وتمزيق وتفتيت وتهجير وتكفير ، وحرمان وجهل ومرض وقتل وقطع رؤوس وجثث مرمية وسرقات علنية وانتهاكات عنجهية واغتصابات همجية ؟!! ولا ندري - وإن كنّا ندري !! - مَن هو المسؤول عن كل هذا تخطيطاً وتنفيذاً وخسّةً ونذالةً وحيونةً ، بل أدنى وأدنى ؟ ومن يقف وراءه وأمامه ومن جنبيه ؟ ولماذا بأوجهٍ عربية مقنعة بخسة اللؤم والحقد الأعمى المجنون حتى أصبح العربي يمقت العربي ، والمسلم يكره المسلم ؟ !! إنّه مشروع قتل أمة بكاملها ، ومسحها من الوجود - وأعني أمة العرب - ككبش فداء لمصالح دول ودولٍ منها جارة ومنها قارة ، ولكن ألا يخشى هؤلاء جميعاً أن ينقلب السحر على الساحر؟!! ، ودورة حياة الأمم تسيرها الأقدار ومن ورائها السر الخفي ، والدنيا دول !! لا يعيش إنسان إلا بالإنسان ، من هنا ينادي الأذكياء الحكماء بلقاء الحضارات ، لا صراعها من أجل الفناء .. النيران صماء بكما لا تعي ولا تدرك ، قد تأتي على الأخضر واليابس ، اللهم ارحم هذا الإنسان ، المخلوق الغرور !! أيّها التكفيريون ! .. أيّها الإرهابيون ! أيّها المجرمون ! أنتم المسؤولون الفعليون أولاً وأخيراً ، والإرهاب بكل مسمياته ليس له طائفة ، ولا دين ، ولا وطن ، ولا قومية ، ولا عرق إنه مجرم بكلّ المقاييس الشرعية والقانونية والعرفية والإنسانية ، إنكم أدوات تنفيذ قذرة رخيصة مجرمة !!، لا تتماشى بأي شكل من الأشكال ، ولاحتى بمقدار ذرة مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ، ولا قيم الأمة وتراثها المجيد . وإليكم ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والأقوال المأثورة الموروثة عن الرحمة والتسامح والعفو لعلكم تتذكرون ، ولعلهم يعقلون !! 2 - الرحمة أولاً : وهل هنالك من إنسان في الدنيا لا يطلب الرحمة عند النقمة ؟ وهل هنالك من شكٍّ أو ظنٍّ أو ريبٍ من أنّ الرحمة هي أسمى المعاني الإنسانية إطلاقا حتى قيل إن الرحمة فوق القانون ؟!! فكيف بهؤلاء الإرهابيين والمجرمين ممن انتزعت الرحمة من قلوبهم أن نحسبهم على الإنسانية بأي معنى من معانيها السامية أو الدانية ؟!! من العجيب والمدهش أن معظم الإرهابيين في أوطاننا يرمون أنفسهم جوراً وظلماً على المسلمين ، ويتكلمون باسم الإسلام ، والإسلام منهم براء !!! نشر ع بالرحمة ، والرحمة هي الرقة والتعطف مجبول عليها الإنسان بمشيئة الله وسنّته ، ولن تجد لسنّة الله تبديلا ، إلا الشواذ ببيئتهم وتربيتهم ، وقد اشتق من الرحمة الرحمن و الرحيم ، وهما من أبرز الأسماء الحسنى بعد لفظ الجلالة (الله) ، والرحمن أخصّ بالله من الرحيم ، لأنها أكثر مبالغة ، ولا يجوز إطلاقها على غير الله ، وقد وردت في القرآن الكريم مقرونة بلفظ الجلالة ، واللفظ هو هو ( قُلْ اَدْعُوْ اللهَ أَو ادْعُوْ الرَّحْمن) (الإسراء 110) ، وقد ورد ذكرهما - كما لا يخفى إلا على الإرهابيين والمجرمين - في جميع فواتح سور القرآن الكريم ( بسم الله الرحمن الرحيم) ، ما عدا سورة التوبة، والمسلم يردد في صلاته المفروضة ما لا يقل عن أربع وثلاثين مرة في اليوم ، فهو كلما أدى ركعة واحدة قرأهما مرتين : ( بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم) . الدعاء بالرحمة كان ديدن كل الأنبياء والرسل ، ناهيك عن جميع خلق الله من آدم حتى يومنا ، ويوم يبعثون ، إنّها غريزة للتعلق بالحياة ، لإكمال مشروعها الفردي والجمعي ، فللحياة هدف سامٍ ، ومن دونه لا تستحق أن تعاش !! ، آدم وحواء (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَّمْ تَغْفِرْلَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الْخَاسِرِيْنَ) (الأعراف 23 ) ، وسيدنا نوح (وَإلاَّ تَغْفِرْلِيْ وَتَرْحَمْنِيْ أَكُنْ مِّنَ الْخَاسِرِيْن ) (هود 47 ) ، وهكذايدعوبها يونس في (يونس 86) ، وموسى في (الأعراف 155) ، وسليمان في (النمل 19) ، وأهل الكهف في سورتهم (10) ، وحتى رسولنا الكريم يدعو بها مراراً : (وَقُلْ رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِيْنَ) ( المؤمنون 118 ) . وفي الحديث القدسي: (إن رحمتي تغلب غضبي) مخرَّج في الصحيحين ، هذا هو ربّنا ، ربّ العالمين ، فمن هو ربّكم حين يغلب غضبكم رحمتكم ؟ إن كان ثمّة رحمة في قلوبكم !! ومن أدعية النبي (ص) المأثورة، (دعوات المكروب) (اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت) ، بتأخير الفعل أرجو ، دلالة على الاختصاص ، أي النبي خص الله وحده بطلب الرحمة ، لأن رحمته وسعت كلّ شيء ، ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) (الأعراف 156) ، وهو بحاجة ماسة إليها ، ومفتقر لها ، ويوصي ابنته فاطمة (ع) ، أن تدعو صباح مساء : ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ...) . وعلى المستوى العام الإسلام ليس بدين قتل ولا إرهاب ولا تكفير ، شعاره ( السلام عليكم) ، ووداعه في ( أمان الله) ، هذا تراثنا ، وهذا ما ورثناه ، وهذه تعاليم ديننا الحنيف ، وهذا ما نكرره في صلواتنا ، وقيامنا ، وفعودنا ، وقلت ذات يوم : نحن السلامُ لنا فرضٌ نرددهُ *** في كلّ آنٍ وعند الحلمِ والغضبِ فالإسلام - والأديان كلّها - رسالة رحمة و محبة وسلام وخير للبشرية جمعاء عن ابن مسعود ، عن النبي (ص) ، أنه قال: (لن تؤمنوا حتى تراحموا) ، قالوا: يا رسول الله، كلنا رحيم ، قال: (إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه، ولكنها رحمة العامة) رواه الطبراني ورجاله ( موثوق) . ( وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ إِلاَّ رَحْمَةً لّلْعَـٰلَمِينَ ) ( الأنبياء:107) ، وقال رسول الله : (لا يرحم الله من لا يرحم الناس) (متفق عليه) ، وفي حديث صحيح : (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) رواه أبو داود والترمذي. الرحمة من أسس استمرارية الحياة ، وبدونها تحكم شريعة الغاب ، والقوي يأكل الضعيف ، وفوق كلّ ذي قوة قويٌ أقوى ، وهكذا !! ومن أسماء الله الحسنى ( الرحمن) ، ( الرحيم) ، ( القوي) ، وهي من أهم أسس التوحيد ، والإيمان به ، ومن تنتزع الرحمة من قلبه ، فهو غير موحد ، كافر بالله الرحمن الرحيم القوي الجبارالمتعالي الواحد القهار المهيمن إإإ كيف لهؤلاء الإرهابيين التكفيريين الكفار ، يقتلون الآلاف من بني آدم برمشة عين ، ويغتصبون ، ويسرقون ، وينهبون ، ويروّعون النساء والأطفال والشيوخ دون رحمة ، ولا إيمان بقوة الله وجبروته وعدله ، ويزعمون أنهم موحدون !! لا أدري ولا المنجم يدري ولا الشعب يدري ولا الأمة تدري ، ولله في خلقه شؤون !! \ " رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ " ( آل عمران 8) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكلمنا أمس عن التواضع والبساطة ، واليو أين سياسة التسامح والعفو التي رسخت في وجدان الأمة وتراثها منذ العصر الجاهلي ، وكرّس مفهومها القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ، وتاريخنا المجيد؟ من علم العربي سياسة القتل والحقد والاغتصاب والتدمير مِن؟؟؟!!! التسامح والعفو في القرآن والسنة والشعر : كريم مرزة الأسدي قال تعالى خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ/// خاطب النبي الكريم (ص) يوم الفتح المبين ، أهل قريش (يا معشر قريش!! ما تظنون أني فاعل بكم... قالوا خيراً.. أخ كريم وابن أخ كريم - قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء). العفو والتسامح في أعلى معانيه وقال الفند الزمّاني : صفحنا عن بني ذهلٍ *** وقلنا: القوم إخوان /////عسى الأيام أن يرجعـ *** ـن قوماً كالذي كانوا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال تعالى (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ
قال تعالى (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
قال تعالى (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ يقول الله سبحانه وتعالى (... ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت/ 34-35)
هذه الآية تصور لنا لوناً من التأديب الإلهي، فإن معالجة المشكلات والأحقاد والخصومات بالطرق الودية الحسنة تؤثر في الخصوم تأثيراً بالغاً، إذا لم يكن في طباعهم شذوذ عن المزاج الإنساني العام،
كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المثل الأعلى في سمو الخلق وكرم الطباع وسماحة النفس، وإن يجلس إلى أعدى أعدائه وخصومه حتى يأسر قلوبهم بأخلاقه وسجاياه.
وقال عليه الصلاة والسلام ( إن الله يغفر ولا يعير ، والناس يعيرون ولا يغفرون) وقال عليه الصلاة والسلام ( ألا أدلكم على ما يرفع الله به الدرجات؟ قالوا : نعم قال صلى الله عليه وسلم " تحلم على من جهل عليك ، وتعفو عمن ظلمك ، وتعطي من حرمك ، وتصل من قطعك " وقال عليه الصلاة والسلام ( من أتاه أخوه متثقلاً ( أي معتذراً ) فليقبل ذلك محقاً كان أو مبطلاً )
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه " أعقل الناس أعذرهم للناس" الإمام جعفر الصادق علية السلام " لأن أندم على العفو خير من أن أندم على العقوبة "
يقول الإمام الشافعي : لما عفوت و لم احقد على احد **** أرحت نفسي من هم العداوات إني أحيي عدوي عند رؤيته **** ***و أدفع الشر عني بالتحيات و أظهر البشر للإنسان أبغضه **** كما ان قد حشى قلبي محبات الناس داءٌ و دواء الناس قربهم **** و في اعتزالهم قطع المودات
ومن أشهر الأقوال المأثورة :
" العفو عند المقدرة كرم " مثل عربي
جاء في خزانة الأدب لعبد القادر البغدادي :وهذا البيت من قصيدة للفند الزمّاني، قالها في حرب البسوس؛ أورد قطعة منها أبو تمام في أول الحماسة، وهي: صفحنا عن بني ذهل ... وقلنا: القوم إخوان عسى الأيام أن يرجع ... ن قوماً كالذي كانوا فلما صرّح الشر ... فأمسى وهو عريان ولم يبق سوى العدوا ... ن دنّاهم كما دانوا مشينا مشية الليث ... غدا والليث غضبان بضرب فيه توهين ... وتخضيع وإقران وطعن كفم الزقّ ... غدا والزقّ ملآن وبعض الحلم عند الجه ... ل للذلة إذعان! وفي الشر نجاة حي ... ن لا ينجيك إحسان الصفح: العفو؛ وحقيقته أعرضنا عنهم وأوليناهم صفحة عنقنا. وروي: عن بني هند، وهي هند بنت مرّ بن أدّ أخت تميم. وقوله: عسى الأيام الخ، قال المرزوقيّ: لا يجوز أن يكون الذي بمعنى الذين، لأن الموصول والصلة يصير صفة لقوم آخرين كالقوم المذكورين، بل التقدير: أن يرددن دأب القوم كائناً كالدأب الذي كانوا عليه. وفي هذا الوجه يجوز أن يكون الذي للجنس، كما قال تعالى: " والذي جاء بالصدق وصدق به " ثم قال: أولئك. والفصل بين هذا الوجه والوجه الأول أنه أمّل في الوجه الأول أنهم إذا عفوا عنهم أدّبتهم الأيام وردّت أحوالهم كأحوالهم فيما مضى: في الاتفاق والتوادّ؛ وفي الوجه الثاني أمّل أن ترجع الأيام أنفسهم، إذا صفحوا عنهم، كما عهدت: سلامة صدور وكرم عهود انتهى. ومعنى يرجعن: يرددن من باب فعل وفعلته، يقال: رجع فلان رجوعاً ومرجعاً ورجعاناً ورجعته رجعاً؛ والعائد محذوف، أي: كالذي كانوه، وهو خبر كان. وهذا البيت أورده ابن هشام في المغني على ان بعضهم استدل به على أن المعرفة إذا أعيدت نكرة كانت عينها، على القاعدة المشهورة. وصرّح بمعنى انكشف، ويأتي أيضاً متعدّياً بمعنى كشفه. وجملة وهو عريان خبر أمسى؛ وذكر العريان مثل لظهور الشرّ. وروي: فأضحى وهو عريان وهذه احسن، لأن الشيء في الضحى أشهر. وقوله: ولم يبق سوى العدوان معطوف على قوله صرّح. وقوله: دنّاهم.. الخ جواب لما. والعدوان: الظلم الصريح. والدين: الجزاء. وأورد البيضاوي هذا البيت في قوله تعالى: " مالك يوم الدين " على أن الدين الجزاء. والمعنى: لما أصرّوا على البغي وأبوا أن يدعوا الظلم، ولم يبق إلا أن نقاتلهم ونعتدي عليهم كما اعتدوا علينا، جازيناهم بفعلهم القبيح كما ابتدؤونا به. وإطلاق المجازاة على فعلهم مشاكلة، على حد قوله تعالى: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه " . وقوله: مشينا مشية الخ، هذا تفصيل لما أجمله في قوله دنّاهم، وتفسير لكيفية المجازاة. وكرّر الليث ولم يأت به مضمراً، تفخيماً وتعظيماً. والمعنى: مشينا إليهم مشية الأسد ابتكر وهو جائع. وكنى عن الجوع بالغضب، لأنه يصحبه. وغدا بمعجمة فمهملة، ولا يجوز بمهملتين لأن الليث لا يكون ماشياً عادياً في حال. فإن قيل: اجعله من العدوان،، قلت: الليث لا يمشي في حال عدوانه وإنما يشدّ شدّاً؛ ويجوز على رواية شددنا شدة الليث على أنه من العدوان. وقوله: بضرب فيه توهين الخ، الباء تتعلق بمشينا. والتوهين: التضعيف. والإقران: مواصلة لا فتور فيها. وروي: بضرب فيه تفجيع ... وتأييم وإرنان والتأييم: جعل المرأة أيّماً؛ والأيّم هي التي قتل زوجها أو مات. والإرنان، من الرنين والبكاء، يقال: رنّ وأرنّ. وقوله: وطعن كفم الزقّ الخ، غذا بمعجمتين بمعنى سال، يقال: غذا يغذو غذواً والاسم الغذاء، أي: وطعن في اتساعه وخروج الدم منه كفم الزق إذا سال بما فيه وهو مملوء. وجملة إذا مع ضميره بتقدير قد، حالية. وقوله: وبعض الحلم الخ، الإذعان: الانقياد، يقال: أذعن لكذا: إذا انقاد له؛ وأذعن بكذا: إذا أقرّ به. اعتذر في هذا البيت عن تركهم التحلم مع الأقرباء، بأنه كان يفضي إلى الذل. وقوله: وفي الشر نجاة الخ أراد في دفع الشر؛ ويجوز أن يريد وفي عمل الشر نجاة، كانه يريد: وفي الإساءة مخلص إذا لم يخلّصك الإحسان. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وقالوا : " محبة لا تغفر تعيش بأسم مستعار " ميخائيل نعيمة
" التسامح جزء من العدالة " جوزف جوبير
" أشرف الثأر العفو " مثل إنكليزي
" من عفا ساد ، ومن حلم عظم " حكمة عربية
" النفوس الكبيرة وحدها تعرف كيف تسامح " جواهر لال نهرو
وإنما كان حظه عظيماً، لأنّه
أوّلاً: يحمل في نفسه هذه الموهبة الخلقية الفذة، وثانياً: لأنّه من شأن من يتحلى بهذا الخلق أن يملك القلوب، ويحل المشكلات، ويبلغ بحكمته وأناته وتلطفه مالا يبلغه سواه بالجنود المجندة، والمكايد المسددة، والتضحيات الكثيرة والحديد والنار. يجب أن تكون القاعدة الغالبة في حياتنا تحول الغضب إلى سكينة، والإنفعال إلى هدوء، والهياج إلى وداعة، إن معالجة المشكلات ومقابلة الخصومات بالطرق الودية الحسنة تؤثر في الآخرين تأثيراً عظيماً، بل تغير موقفهم في غالب الأحيان، وصدق الله العظيم: (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)،
ومن أخلاق رسولنا (صلى الله عليه وسلم) أنّه ما غضب لنفسه قط، ولا انتقم لها إلا أن تنتهك حرمة من حرمات الله،
ولذلك فإنّ المؤمن يصبر ويتسامح ويعفو في حالات الإساءة الشخصية لكن إنتهاك حرمات الله والعدوان على العقيدة وفتنة المؤمنين عنها، هذه الحالات يدفع عنها المؤمن لكن بالحكمة وبالتي هي أحسن، وبالموعظة الحسنة التي تنبه المعتدين إلى خطر ما أقدموا عليه، أو بالصبر حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( مختار (العفْوُ عند المقدرة من شيم الكرام) أثر أخلاقي قديم عظيم الدلالة، هو إسقاط حق ثابت مع القدرة على أخذه، العفو حقيقة وأصلاً هو المقترن بالمقدرة. *** والعفو في قيمنا هو المسموح به المباح فعله في الشريعة، والله لا يؤاخذ به ولا يعاقب صاحبه، لأنه ليس ذنباً أو منكراً، وترتبط بالعفو قيم أخرى كثيرة عظيمة، في أولها التسامح، والصفح، والتجاوز، والغفران، والحلم. ولقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على العفو حين خاطب أصحابه قائلاً لهم (أوصاني ربي بتسع خصال: الإخلاص في السر والعلانية، والعدل في الرضي والغضب والفضل في الفقر والغني، وأن أعفو عمن ظلمني، وأعطي من حرمني، وأصل من قطعني وأن يكون نطقي ذكراً، وصمتي فكراً، ونظري عبراً). حقاً... إنها قيم عظيمة لن تذبل أبداً وقد جعلها الرسول الكريم أسس الأخلاق القويمة، والحياة السعيدة. *** ويتمثل العفو النبوي العظيم في أعظم صوره، وأكرم تعامل حين فتح الله للمسلمين مكة ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - الكعبة ثم صلى عند المقام والناس مضطربون خوفاً، ينتظرون ما يقضي به الرسول الكريم عليهم، وهم الذين آذوه واضطروه للخروج من بلده - فوقف النبي - صلى الله عليه ولسلم - ليقول كلمته وقد حبس أهل مكة أنفاسهم خوفاً ورعباً فإذا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لهم (يا معشر قريش!! ما تظنون أني فاعل بكم... قالوا خيراً.. أخ كريم وابن أخ كريم - قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء). هذا هو العفو في الإسلام، وهذا هو تسامح النبي - صلى الله عليه وسلم - في أزهى صورة له. وصورة أخرى للعفو النبوي العظيم حين تقدمت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان وهي التي لاكت بين أسنانها كبد الشهيد حمزة عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقدمت من النبي تُعلن إسلامها وتبايع الرسول وتطلب منه أن يعفو عنها، فقال: (عفا الله عنك) ودعا الله ليغفر لها، - وصلى الله عليه وسلم - وهو القائل في حديث له (ما زاد الله عبداً بعفوِ إلاّ عزَّاً). *** العفو أنبل الصفات، وأجمل الخلال، وأسمى القيم، لأنه يحمل في طياته مجموعة كبيرة من الأخلاقيات النبيلة، والصفات الكريمة - وها هو حسان بن ثابت يقول في رثاء الحبيب المصطفى: عَفَوٌ عن الزلات، يقبل عذرهم وأن يحسنوا، فالله بالخير أجودُ وامرؤ القيس الجاهلي قال في هذا المعنى: فخذ من أخيك العفو واغفر ذنوبه ولا تك في كل الأمور معاتباً حياة جميلة تقوم بين الناس بالعفو والتسامح. *** لقد شاعت قيمة العفو والتسامح بين العرب منذ أقدم العصور، حتى نال الحديث عنه وأخذت الدعوة إليه، والحث على التحلي به جانباً كبيراً في شعرهم وحكمهم.. فالعفو مع القدرة هو أجمل وأصدق صور العفو، وأطيب التسامح. ما أحسن العفوَ من القادر لا سيما عن غير ذي ناصر أبيات شعرية بليغة في فضيلة العفو، يحفل الشعر العربي بحشد كبير منها... فهي ذات أثر كبير في المجتمع الواحد، تجمع بين الأهل، وتؤلف بين القلوب، وتمسح أوتار النفوس، وتزيل الأحقاد والسخائم والضغائن من الصدور... من هنا كثرت الحكم والأمثال في تمجيد العفو والإشادة به.. من هذه الأمثال والحكم المأثورة في فصيلة العفو: (التثبتُ نصف العفو) وكانت سبباً في عفو قتيبة بن مسلم عن رجل أتى به ليعاقبه. وقالوا (شفيع المذنب إقراره، وتوبته اعتذاره، فكيف لا يعفى عنه). وقالوا (خير مناكب الملوك العفو). ومن مشهور الحكم قولهم (ما قرن شيء إلى شيء أفضل من حلمٍ إلى علمٍ، ومن عفو إلى مقدرة). *** كثيرة الدعوات إلى العفو، تملأ الكتب الحكم الخالدة في بيان أهميته وعظمة التحلي به. قال أحد حكماء العرب المشاهير (أحب الأشياء إلى الله أربعة: القصد عند الجدة، والعفو عند المقدرة، والحلم عند الغضب، والرفق بعباد الله). *** ما بالنا نقرأ الكثير، ونسمع الدائم من الدعوات القرآنية والأحاديث النبوية، وأقوال الحكماء والشعراء عن العفو؟!! ألهذا الحد يفعل العفو كل الخير في الحياة والناس!! نعم... العفو أكبر المكارم وأظهرها، فقيه نشر للمحبة بين الناس، وإزالة للحقد والضغينة من النفوس، وفيه تعليم لمن يُعفى عنه - تعليم الندم وحب الآخرين أهل القدرة كما يصفه الله تعالى (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)، وقد فسر الرسول الكريم هذه الآية بقوله: (هو أن تصل من قطعك، وتعطى من حرمك، وتعفو عمن ظلمك)، وفي حديث آخر قوله - صلى الله عليه وسلم - (العفو لا يزيد العبد إلا عزاً فاعفوا يعزكم الله....). وللعفو دور كبير في حياة المجتمعات والناس، وأيضاً له دوره الأكبر في إسعاد الأسرة، وترابط الأهل وذوي الرحم فهو سبيل استبقاء المودة، ودوام المحبة، واستمرار العلاقات الطيبة بين الأهلين. وبالعفو والتسامح تعود كثير من النفوس الظالمة إلى الصواب والخير، وبه تتألف القلوب، وتشيع الثقة بين الناس وجمع الكلمة، وتوحيد الصف. *** إننا مطالبون بتعميق قيمة العفو في أبنائنا وكل أهلينا، وكذلك مع أصحابنا وزملائنا في العمل والحياة وأطيب ما يكون ذلك هو أن نضرب نحن الثمل الأعلى للعفو والتسامح مع كل من نتعامل معهم متأسين بالحبيب المصطفى الذي كان المثل الأعلى للعفو والتسامح {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}. ما أعظم قيمنا وأرقاها. *** وفقنا الله جميعًا إلى الخير والصواب والأخذ بأسباب القوة مهما غلا ثمنها، اللهم اجعل صدورنا سليمة معافاة، وأَمِدَنا يا ربنا بتأييد من عندك وتسديد. رحمه الله لما عفوت و لم احقد على احد **** أرحت نفسي من هم العداوات إني أحيي عدوي عند رؤيته **** أدفع الشر عني بالتحيات و أظهر البشر للإنسان أبغضه **** كما ان قد حشى قلبي محبات الناس داءٌ و دواء الناس قربهم **** و في اعتزالهم قطع المودات (الشافعي)
التسامح هو أن تري نور الله في كل من حولك مهما يكن سلوكهم معك. وهو أقوى علاج علي الإطلاق. القرار بعدم التسامح هو قرار المعاناة ، كما أن قوة الحب والتسامح في حياتنا يمكن أن تصنع المعجزات ". تذكر....
أن الصفح عن الآخرين :
هو أول خطوة للصفح عن أنفسنا ، وأنه يمكننا أن نتسامح مع الآخر حينما فقط نتخلى عن اعتقادنا بأننا ضحايا .
قالوا ..
** إذا سمعت كلمة تؤذيك فطأطيء لها حتى تتخطاك. عمر بن الخطاب
** إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه, فالتمس له العذر جهدك, فان لم تجد له عذرا, فقل : لعل له عذر لاأعلمه. ابو قلابه الجرمي
** من عاشر الناس بالمسامحه, زاد استمتاعه بهم. ابو حيان التوحيدي
** الحياة أقصر من أن نقضيها في تسجيل الاخطاء التي يرتكبها غيرنا في حقنا أو في تغذية روح العداء بين الناس. براتراند راسل
** إذا قابلت الإساءة بالإساءة فمتى تنتهي الاساءة ؟. غاندي
** عظمة الرجال تقاس بمدى استعدادهم للعفو والتسامح عن الذين أساءوا إليهم. تولستوي
** في سعيك للانتقام أحفر قبرين... أحدهم لنفسك. دوج هورتون
** سامح دائماً أعدائك... فلا شئ يضايقهم أكثر من ذلك. أوسكار وايلد
* سامح أعدائك لكن لا تنسى أسمائهم. جون كينيدي واخيرا ..
من القصص الإنسانية التي تجسد معنى التسامح نقرأ:
بينما كان الصديقان يسيران في الصحراء، تجادلا، فضرب أحدهم الآخر على وجهه، لم ينطق بأي كلمة، كتب على الرمال : اليوم أعز أصدقائي ضربني على وجهي!، استمر الصديقان في مشيهما إلى أن وجدوا واحة فقرروا أن يعوموا قليلا، حينها علقت قدم المضروب آنفا في الرمال المتحركة وبدأ يغرق ولكن صديقه أمسكه وأنقذه وبعد أن نجا من الموت قام ونحت على قطعة من الصخر: اليوم أعزأصدقائي أنقذ حياتي!. سأله صديقه متعجبا : لماذا في المرة الأولى عندما ضربتك كتبت على الرمال، والآن عندما أنقذتك نحتّ على الصخرة؟، فأجاب صديقه:
نكتب الإساءة على الرمال عسى ريح التسامح أن تمحيها،
وننحت المعروف على الصخر حيث لا يمكن لأشد ريح أن تمحيه
|