ليس من العدل ان تزهق أرواح الالاف من العراقيين الذين يقاتلون داعش والعالم يتفرج . داعش جاء ليس لمحاربة شيعة العراق وانما جاء ليحارب كل من يقف امامه شيعيا كان ام سنينا , عربيا كان ام كورديا , وان من قرأ خريطته يعرف انه جاء لمحاربة العالم بأجمعه . الخارطة شملت من الصين الى نهاية جنوب اسبانيا. و لو قدر الله انتصاره لتحكم بأرواح الناس و لأرجع التطور الإنساني الى القرون الوسطى. لم يؤدي العالم واجبه تجاه العراق . العراق , ومع تدهور أسعار النفط العالمية والذي يعد العمود الفقري لاقتصاده , يصرف الملايين من الدولارات على حرب داعش يوميا على حساب رفاهية ومستقبل شعبه الاقتصادي . هناك محافظات اضطرت بتقليص ميزانياتها بربع ما تحتاجه من تخصيصات مالية , بمعنى ان هذه المحافظات سوف لن تستطع الصرف على المشاريع القائمة وإلغاء المشاريع الجديدة . وهكذا سيبقى المواطن العراقي في شحة من الخدمات الحكومية مثل الماء الصالح للشرب , الكهرباء , الطرق المبلطة , الرعاية الصحية , المدارس الحديثة (ليس من طين) مشاريع الصرف الصحي ومشاريع أخرى تمس حياة المواطن العراقي . لقد علمتنا التجارب ان دول العالم تشترك في محاربة الخطر الذي يمس السلم العالمي او السلم المناطقي . التحولات السياسية في فيتنام والتي اعتبرتها الولايات المتحدة الامريكية خطرا يهدد مصالحها في جنوب شرق اسيا , تطور الى حرب قادته الولايات المتحدة الامريكية ولكن اشترك معها في المال والرجال دول كثيرة . وفي حرب العراق مع ايران وقف ملك السعودية المرحوم فهد بن عبد العزيز امام الكاميرات ليصرح بانه عاهد الله على قسمة رغيف الخبز بينه وبين العراقيين , في إشارة له بان العرب او منطقة الخليج سوف تتقاسم تكاليف الحرب تسهيلا على الخزينة العراقية . وفي حرب تحرير الكويت من قبضة صدام حسين شاركت اكثر من 40 دولة لتغطية كلفة حرب التحرير. فأذن تقاسم تكاليف الحروب العسكرية ليست كلمة جديدة في قاموس السياسة العالمية ولا يوجد سبب مقنع من امتناع دول العالم من عدم مشاركة العراق بكلفة الحرب الدائرة مع داعش الان . حرب العراق مع ايران لم يكن حرب يهدد مصالح دول الخليج العربية ولكن مع هذا كانت هذه الدول سخية جدا مع نظام صدام حسين ! و خطر داعش لا يقل من مخاطر صدام حسين على المنطقة والسلم العالمي ولكن مع هذا اتحدت اكثر من 40 دولة لمحاربة صدام بالمال والرجال. داعش هدفه الجميع وعلى الجميع محاربته بالمال والرجال . لم يحدث ذلك مع العراق . لم نسمع من دولة الكويت الجارة ان أعلنت عن دعم مالي للمجهود الحربي في العراق , مع العلم ان داعش وبصريح العبارة ذكر دولت الكويت . ولم نسمع من الجارة المملكة العربية السعودية حتى بوعود لتغطية المجهود الحربي في العراق والسعودية دولة ذات إمكانية مالية عظيمة وانها ضمن قائمة الدول المستهدفة عند داعش. الحديث لا ينطبق على الكويت والمملكة العربية السعودية فحسب وانما يشمل جميع دول المنطقة والدول البعيدة عن دول المنطقة . اندحار قوات العراقية , لا قدر الله, سيمدد داعش ليصل الى حوض البحر الأبيض المتوسط والخليج وسيستخدم النفط سلاح له . داعش و بفظائع جرائمه قادرا على شل حركة التجارة العالمية , منع تدفق النفط , ووقف التطور العالمي . ولكن مع هذا , اكتفت الولايات المتحدة الامريكية باستخدام طائراتها المقاتلة بضرب اوكار داعش ومعها دول أخرى مثل فرنسا , بريطانية , هولندا , كندا , وأستراليا . الشعب العراقي سيكون ممنون من هذه المشاركة ولكن سيكون ممتننا جدا عندما يفتح الشرق والغرب خزائنه المالية للعراق. ما منفعة ضرب مواقع داعش من السماء والجندي العراقي البطل و أبناء الحشد الشعبي , وقوات البيشمركة , وأبناء العشائر الغيارى لا معين لهم . أولاد المقاتلين يحتاجون مصاريف مثل ما يحتاج أبناء الجنود في السعودية , الأردن , الولايات المتحدة الامريكية , كندا , والكويت . ثم ان تدفق المساعدات المالية للعراق في حربه لداعش سوف يشجع العراقيين من ان هناك شعوب تدعمهم وان هذه المساعدات الا جزء من الشكر والعرفان لتضحيات المقاتل العراقي . العراقي وهو يقاتل نيابة عن العالم يحتاج في بعض الأحيان الى رعاية صحية غير متوفرة في العراق وعلى الدول التي تتوفر فيها الخدمات فتح أبواب مستشفياتها ومصحاتها له. المقاتل العراقي سيشعر بالإحباط وهو يشاهد حالات البذخ في دول الخليج وهو لا يملك غرفة نوم او شارع مبلط , او مستشفى تليق بأدمتيه . نحن نلوم تقصير دول الجوار امام أبناء العراق الغيارى الذين يقاتلون نيابة عن ابن الكويت والسعودية والأردن , بل حتى تركيا ومصر والمغرب . العراقي يحارب الان حتى نيابة عن الأمريكي والاوربي. أمريكا وأروبا سوف لن يكونا بمعزل من وحوش داعش ان اخفق المقاتل العراقي الشجاع في حربه معه . مصالح الولايات المتحدة الامريكية و أوربا قد تتعرض الى الخطر في جميع دول العالم مع وجود داعش حيا يرزق . الكل يتذكر العمليات الاجرامية ضد المصالح الغربية في افريقيا , اندونيسيا ,و باكستان . نحن نلوم الدبلوماسية العراقية لعدم تحركها في هذا المجال . لماذا الخجل من طلب يد المساعدات المالية من العالم و العراق يقاتل نيابة عنه ؟ هل من العدل ان يستشهد الشاب العراقي تارك عياله بدون معيل وبدون متر مربع يعيشون عليه ؟ هل من العدل ان ترسل المملكة العربية السعودية عشرات الالاف من شبابها الى أوربا وامريكا لغرض الدراسة وشبابنا يتركون مقاعدهم الدراسية لحرب داعش فاديا روحه لأجل أخيه العربي والمسلم ؟ وهل من العدل ان ينمو اقتصاد تركيا بنسبة 6% سنويا ويتراجع الاقتصاد العراقي بسبب حربه مع داعش ؟ وهل من العدل ان يتصاعد وتائر بناء العمارات السكنية في الأردن وتتهدم الأبنية العراقية من فعل داعش . لماذا يبقى العراقي يسبح بدمه وابناء الاخرين يقضون أوقاتهم متمتعين في متنزهات مدنهم ؟ الحكومة العراقية يجب ان تكون صريحة مع الاخرين وبدون خجل . عليها تنبيه الدول المجاورة والغير مجاورة ان داعش ليس منظمة خيرية وانما منظمة مجرمة . ويجب اشعارهم أيضا ان حربها مع داعش مكلف جدا وان هذا الحرب يوثر تأثيرا سلبيا على الحياة الاقتصادية للبلد ويجب ان تتقاسم الدول تكاليف هذا الحرب . هناك 2.5 مليون مهجر من العراقيين بدون عمل . التكاليف اليومية لإطعام هؤلاء المظلومين يقارب 62.5 مليون دولار , 1.875 مليار دولار شهريا , وما يعادل 22.5 مليار دولار سنويا . مبلغ كبير والعراق وحده لا يستطيع توفيره . العالم يجب ان يلتفت الى العراق لأنه من غير المعقول العراق وحده يبتلي بكلفة حرب داعش . على العراق ان يحذو حذو ذلك العبد الذي ذكر سيده ان ضرباته قد كسرت عظمه.
|