"جهاد" ألعائلات من كازاخستان الى سوريا !



آسيا الوسطى وهجرة "الجهاد" عند "الدولة الإسلامية"

اعلنت لجنة الأمن القومي في كازاخستان يوم 20 نوفمبر 2014 عن وجود أكثر من 300 شخص من مواطنيها يقاتلون إلى جانب تنظيم "داعش" في العراق وسوريا،.وقالت اللجنة في بيان صحفي ان: أكثر من 300 كازاخستانياً يقاتلون إلى جانب تنظيم داعش في العراق وسوريا، وأن نصف عدد المقاتلين الكازاخستانيين الذين يحاربون إلى جانب داعش الإرهابي هم من النساء. إن إستقطاب تنظيم "الدولة الاسلامية" الى مقاتليين من اسيا الوسطى ابرزها الشيشان ـ القوقاز وكازاخستان، يأتي ضمن تواصل هذه الجماعات فيما بينها اي تواصل "التنظيمات الجهادية" بمختلف انواعها ودرجاتها، لكنها بالاخر تلتقي تحت مظلة السلفية" الجهادية" واتحاد "الجهاد" العالمي التي تقوم على تحويل الفكر" السلفي" الى الية تنظيمية لمقاتلة من يخالفها. لذا شهدت سوريا اكثر من غيرها ولو بشكل متأخر عن مشاركة بعض الجماعات "الجهادية" ولو بشكل رمزي داخل سوريا والان في العراق ضمن تنظيم "الدولة الاسلامية" والنصرة والقاعدة. واظهرت التقارير عن مشاركات رمزية على مستوى كتائب على سبيل المثال من طالبان و جماعة خراسان وغيرها. اما مشاركة القوقازين ـ الشيشان، فيأتي ضمن مناصرة هذه الجماعات بعضها لبعض، فجماعة القوقاز تتطلع الى حصولها على دعم التنظيمات "الجهادية" في منطقة الشرق الاوسط ابرزها الان تنظيم "الدولة الاسلامية" من اجل دعم مواجهتها ضد خصومها ـ روسيا وكسر عزلتها. عرفت اسيا الوسطى ومنها القوقازبمجموعة النساء الارامل التي اشتهرن بتنفيذ عمليات انتحارية في روسيا، وربما هذا ينعكس ايضا على نساء كازاخستان.
ومتابعة الى اسباب تركيز التنظيم على النساء، تبين بسبب تأثيرهن الاعلامي في كسب المقاتلين والمقاتلات، بعد ان كشفت الاستخبارات عن وجود شبكة نساء سلفيات على الشبكة العنكبوتية تستغل وسائل التواصل الاجتماعي على الانترنيت. التحقيقات كشفت بأن التحاق النساء تحديدا بالتنظيم في سوريا وربما العراق، لاسباب لا تتعلق بالدين، بقدر ما يتعلق ارتباط البعض منهن بشباب من مقاتلي التنظيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ت الانترنيت. إن إستقطاب التنظيم لعوائل وافراد من اطراف العالم الى سوريا، بات يمثل هدفا للتنظيم، ولم يكن نتيجة عرضية، وهذا تغيير نوعي في اهداف ووسائل الجماعات "الجهادية" فهي تعمل على احداث تغيير بعيد جغرافيا وديموغرافيا وخرق للنسيج الاجتماعي واصوله اي تهجين المنطقة، وتصنيفها على اساس الدين والمذهب، لتكون على غرار بعض دول المنطقة.

كازاخستان

وفقا الى معلومات موسوعية، تقع دولة كازاخستان معظمها في آسيا الوسطى بينما يقع قسم منها غرب نهر الأورال في أوروبا الشرقية من ناحية المساحة، كازاخستان هي تاسع أكبر بلد مساحة في العالم وأكبر بلد لا يجاور المحيطات كما أنه أكبر بلد إسلامي مساحة. تبلغ مساحة أراضيه 2،727،300 كيلومتر مربع مما يجعله أكبر من مساحة أوروبا الغربية مجتمعة. يحده روسيا والصين وقيرغيزستان وأوزبكستان وتركمانستان له شواطيء طويله على بحر قزوين تتكون طبيعته من تضاريس متنوعة وعدد سكانه 17 مليون شخص بتقدير عام 2013. وفقا لتعداد 2009، فإن 70٪ من السكان هم من المسلمين، و26٪ من المسيحيين، و0.1٪ منبوذيين، والباقي 0.5 ٪ متفرقة. ووفقا للدستور فإن كازاخستان دولة علمانية.
روجت مواقع التواصل "الجهادية" عام 2013 فيديو دعائي "للدولة الإسلامية" بعنوان ملحمي "رسائل من أرض الملاحم" في ضيافة عائلة مهاجرة" يظهر فيها جهاد العائلات، الفديو في حينها كشف نوع جديد من الهجرة "الجهادية" وهو "العائلات" التي تضم في الغالب ثلاث اجيال مختلفة.

ردود فعل حكومية

اعربت السلطات الأمنية في جمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز عن قلقها من تزايد انضمام مواطنيها الذين يقاتلون إلى جانب التنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا. واصبح المقاتلين العائدين من في العراق وسوريا يشكلون تهديدا كبيرا على الأمن في الصين وروسيا ودول آسيا الوسطى. وتضم منظمة شنغهاي للتعاون كلا من الصين وروسيا ودول الجوار من آسيا الوسطى: كازاخستان وطاجيكستان وقيرغيزستان وأوزبكستان. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن تشانج القول في العاصمة الطاجيكية دوشنبه بأن هؤلاء الأشخاص بدأوا العودة إلى أوطانهم، وهو ما ينطوي على تهديد كبير للأمن الإقليمي. يشار ان القضاء الكازاخستاني يعارض ويقاضي تجنيد مقاتلين إلى سوريا او الترويج الى الارهاب. إن هجرة هذه العوائل وعلى شكل اعداد ومجموعات كبيرة، بدون شك تكون منظمة من قبل تنظيم " الدولة الاسلامية" من خلال الاقسام المعنية بأستضافة "المهاجرين" واستقبالهم، وتكون عبر مضافات دول اخرى بينها افغانستان وتركيا. يعمل التنظيم ضمن واجهات مهنية لاغراض متعددة منها غسل الاموال ونقل المقاتلييين واتمام صفقات الاسلحة والعجلات وغيرها من خبرات ادارة شؤون "الولايات".

تهجير السكان المحليين من سوريا

اعتمد البغدادي مؤخرا في ادارة شؤون "دولته" على الاجانب، ابرزهم الشيشان وكذلك من اسيا الوسطى بالاضافة الى الاوربيين الذين يمثلون صلب النشاط الاعلامي للتنظيم، اما الشيشان واسيا الوسطى، فعرفوا بشدة القتال والحماس والى جانب الدافع "العقائدي"فأن تنظيم "الدولة الاسلامية" يدفع رواتب ومستحقات الى المقاتليين في سوريا والعراق لاتقل عن 600 دولار شهريا للشخص الواحد، حد ادنى مع امتيازات اخرى من "ألغنائم" وتكاليف الزواج والسكن والزعامة. التقارير من داخل سوريا كشفت ان عوائل واطفال المقاتلين الاجانب ينعمون بحياة مترفة مقارنة الى اطفال سوريا. إن الطريقة التي تظهر فيها "الدولة الاسلامية" من اسلوب الحوكمة والادارة داخل ولاياتها رغم وحشيتها في القتال، تشجع وتستقطب مقاتليين جدد للانضمام الى التنظيم رغم تصاعد حدة المواجهات المسلحة. التنظيم يعمل على تهجير السكان المحليين وجلب "مهاجرين" لفرض سيطرته وتغير خارطة المنطقة السكانية ورفع الحدود.

التنظيم يستهدف النساء الاجنبيات

كشفت المعلومات من العراق وسوريا، ان مواجهات التنظيم مع عشائر الانبار منها ال بو نمر وال بو فهد وكذلك العشائر في سوريا ابرزها الشعيطات، دفعت التتنظيم الى اعتماد العنصر الاجنبي بدلا من العناصر المحلية في القيادة، رغم ان التنظيم مازال يحتفظ بالخط الاول من المقاتليين من العراقيين. الخطوة التي اتخذها البغدادي، هي خطوة احترازية لتجنب االعزل والتهميش او وخروج قيادات ميدانية وانشقاقها. إن جلب مقاتليين مع عوائلهم او بمفردهم من جنسيات متعددة من شأنها تعمل تهجين الى الطبيعة السكانية للمنطقة خاصة العراق وسوريا وربما تمتد الى دول الجوار، ويظهر جيل من ابناء"الدولة الاسلامية" على غرار ايتام تنظيم القاعدة يمثل تهديدا للمنطقة. وكشفت ادبيات التنظيم بان اغلب مجموعات كازاخستان هم من النساء بسبب دورهن في التنظيم والذي اختلف تماما عن دورهن في القاعدة وباقي التنظيمات. التحقيقات كشفت بان شبكات التجنيد على الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي من النساء، اما الاستخبارات العراقية، فقد كشفت ادوار جديدة للنساء في تبادل الرسائل مابين قيادات التنظيم، بالاضافة الى الادوار التقليدية الاخرى منها الطبابة، المستشفيات الميدانية والخطوط الخلفية. تشكلت جماعة الخنساء وغيرها داخل التنظيم للقيام بمهام قتالية ايضا. أما الاطفال، فيتم استخدامهم في الحماية الشخصية وفي المراقبة وايصال الرسائل، ومايهدف اليه التنظيم هو خلق جيل، قائم على الطاعة والولاء والصرامة بالاضافة الى الخبرات القتالية. رغم ان التنظيم يعتمد على الشبكة العنقودية في التحرك والتجنيد، لكن مايتعلق في جماعة كازاخستان، يرجح ان يكون عملية تدفق المقاتليين من خلال ايفاد مبعوثين من قبل زعيم التنظيم البغدادي للنشاط هنالك وضمن شبكة عمل تقوم بالتزكية ومتخصصة في نقل المقاتليين على غرار شبكات الاتجار بالبشر عبر الحدود.
بعد تشكيل أول كتيبة نسائية داعشية في الرقة، بدأت "داعش" في تجنيد الأطفال في سن العاشرة من أبناء المدينة. يخضع التنظيم أولئك الأطفال إلى دورات خاصة تحت اسم "دورات الأشبال" وذلك للتأثير فيهم وتغيير طريقة تفكيرهم لكي تتقبل القتل والتكفيروكشف ايضا عن معسكر "أشبال الزرقاوي" قبل هذا الوقت. هذا من شانه ان يخلق جيلا مواليا الى التنظيم وسيكون اكثر شراسة واكثر دموية من التنظيم الحالي، وهذا يعني ان المنطقة سوف تشهد تحديات اصعب من السنوات السابقة بخلق جيل يعيش في محميات" جهادية" خارج عالمنا المعاصر.
إن مايحدث من توسع وتمدد للتنظيم، الى اسيا الوسطى ليضرب بتداعياته الصين وروسيا، يثير الكثير من التسائولات حول سر "قوة" هذا التنظيم. هذا يعكس صلابة "ايدلوجية"هذا التنظيم الدموية والوحشية التي تشبع اعداد من الشباب المنحرفين فكريا قبل ان يكون سلوكيا، وتأثيره من خلال وسائل التواصل الاجتماعي و المبعوثين للحصول على بيعات جديدة. اهمية التسائولات ربما تكمن بتصاعد اعداد الاجانب اكثر نسبيا من المقاتليين المحليين، خلال المواجهات المسلحة ومابعد اعلان "الخلافة اوالدولة الاسلامية" من قبل البغدادي في يونيو 2013. وتقول صحيفة التايمز البريطانية في عددها الصادر يوم 18 نوفمبر إن وحشية تنظيم الدولة الإسلامية لها مبررها الخاص بالنسبة لهم، حيث أن التنظيم يدير حملة دعاية واعية وذكية، ويدرك أن إعداما بالغ الوحشية سيرسل موجات من الفزع في شتى بقاع العالم.

بات ضروريا ان تقوم الدول بمسؤولياتها القانونية والاخلاقية لمواجهة هذا الفكر"التكفيري من خلال دعم منابر الوسطية ضد التطرف بعقد المؤتمرات والمنتديات وهذا ماتفعله دولة الامارات والمملكة العربية السعودية والازهر الشريف بين فترة واخرى. تبقى وسائل التواصل الاجتماعي ـ الانترنيت، العصب الرئيس في خطاب هذه الجماعات، التي تجتاح تويتر وتطبيقات "جهادية" اخرى. اعترفت هذه الجماعات باغلاق بعض حساباتها، لكن مازالت هذه الخدمة والتطبيقات تمثل بوابة الانفتاح على عالم التنظيم الافتراضي. لذا يجدر فرض الالتزامات القانونية والقضائية على الدول التي تدير هذه الخوادم، وهي في الغالب اميركية، بالاضافة الى محركات البحث جوجل والفيس بوك، وما اتخذته الدول الاوربية خلال شهر اكتوبر من خطوات للاجتماع بمسؤولي جوجل والفيس بوك يبدو انها غير فاعلة لحد الان.