ليس غريبا ان تتعرض مدن العالم في بعض المواسم الاستثنائية للغرق صيفا او شتاءا، كما حصل في كبريات مدن العالم الاول والثالث، لكن المشكلة حينما يتحول الاستثناء الى قاعدة، وهذا بالضبط ما يحصل في العراق، فكلما نزل المطر في العراق بغض النظر عن غزارة او قلة ما يهطل حصلت الكارثة، وهنا النقطة الاهم التي لا تشفع للمسؤولين في العراق حينما يتمسكون بذريعة غرق المدن الاخرى في نقاط مختلفة من هذا العالم. ان حصول الفيضان في العراق لا يعني بالضرورة ان مناسيب الامطار عالية جدا، بل يعني ان مناسيب الفساد الاداري والمالي عالية جدا. الملفت جدا ان الامطار رقيب مجاني يؤدي دوره المميز جدا بلا شعارات انتخابية او توظيف سياسي، فهذا الرقيب يكشف المستور، ويضع النقاط على الحروف في مختلف المدن العراقية، الموزعة بطبيعة الحال على الكتل السياسية المؤثرة في القرار العراقي. بعيد نهاية الصيف وحتى الان سمعنا الكثير من المواقف والتصريحات لمختلف الجهات المعنية بملف الامطار وما تسببه من مضاعفات سلبية جدا في المدن العراقية، وكانت جميع تلك التصريحات تتحدث بشكل او باخر عن اكتمال الاستعدادات لموسم الامطار، اما بتجهيز وتأهيل البنى التحتية، اي شبكة تصريف المياه ومياه المجاري، واما بأعداد خطط طوارئ تحسبا لأي خلل يحدث هنا او هناك، لكن تلك الجهوزية التي رصدت لها مبالغ طائلة انكشفت حقيقتها البائسة في الاختبار الاول، فما ان امطرت السماء بضع ساعات حتى طفت المياه في الشوارع والازقة، وشلت حياة المواطنين كما هي عادة المواسم الاخرى! انه سيناريو مكرر، لذات المصاعب التي واجهها المواطن فيما سبق، ان معظم المدن العراقية غرقت في السابق وتغرق حاليا. جرت العادة ومن اجل ان لا تغرق المدن قبيل الشتاء ترصد المبالغ الكبيرة تلافيا للمشكلة، لكن دون جدوى، فتذهب الاموال سدى ويقع الفأس بالرأس، وبعد ان تحصل الكارثة ترصد مبالغ اخرى من اجل تقليل حجم المعاناة والخسائر، وهذه الاموال ايضا تذهب الى جيوب من لا يستحقونها. ان الامطار اختبار حقيقي لزيف الوعود التي قدمها ابطال الشعارات الرنانة، خصوصا فيما يخص الخدمات، وشكرا للأمطار لأنها كشفت وتكشف حجم ما تم سرقته من المشاريع الفاشلة التي نفذت بميزانيات فلكية، شكرا للأمطار لأنها ازاحت ورقة التوت عن الجميع، ولكن مع ذلك تحولت الامطار ذاتها الى مورد آخر للفساد الاداري
|