من المؤلم والمفجع أن بعض الصحفيين والإعلاميين والفنانين والمثقفين والأدباء والشعراء والمبدعين والكتاب في عراقنا المتعب الجريح يعانون شتى صنوف العوز والفقر والحرمان والعذاب المر , فمنهم من يفترش بساط المرض متخثرا في بيته ولا يمتلك ما يسد نفقات المراجعات والأدوية المطلوبة , ومنهم من يعاني بمرارة شظف العيش . إن هذا البعض من مثقفينا ومبدعينا مثقلون بالهموم والمتاعب والمنغصات والأمراض المتنوعة , فلا من سائل يسال عنهم , ولا من مسؤول يتفقدهم , ولا من معين يعينهم , وهذه لا تتعدى كونها جناية بحق كل من يستحق العناية والإنقاذ والاهتمام , وعندي الكثير من الأسماء المنهوكة صحيا واقتصاديا ولكنها تترفع وتتسامى عن منحدر التشكي الذليل والبكائية وألتمسكن , لأنها تعتز بكرامتها وسمعتها التي لا تبيعها في سوق الاستجداء . وإنني اعرف الكثير من الصحفيين والكتاب والمثقفين الذين قرأنا لهم الكثير من المقالات الصريحة والموضوعية والأدبية والثقافية التي تعكس بجلاء وجرأة الواقع المعاش وما يتكوم فيه من ماسي ومخازي وهموم وغموم , ولكن سيولتهم جفت ورفدهم توقف لأنهم مصابون بدزينة من الأمراض المهلكة وان بعضهم الآن طريح المعاناة والفراش , إذ انه مصاب بالشلل أو السرطان أو بالجلطة الدماغية أو الضغط العالي , وسلس البول , والصداع النصفي , وهذا البعض يتعذب وينتظر الموت بصبر ومكابرة , ورغم ثقل ومرارة هذه الأمراض القاسية نجده لم يطلب المعونة من اقرب المقربين إليه , ولم يقدم للمسؤولين طلبا يشكو فيه مما يقاسيه من تعاسة ومرض وحرمان , لأنه يمتلك نفسية وروحية عالية ولا يريد أن يحط من كرامته عن طريق طرق الأبواب للمساعدة والإسعاف . زرت أمس زميل لي جعله المرض ملازما لفراشه . قلت له هل تسمح لي بان اكتب مناشدة للحكومة لعلها تلتفت إليك .؟ رد علي قائلا : لا خوي ماجد انتظر منحة المليون في أخر السنة . قلت له وإذا حجبت ولم تطلقها وزارة المالية وانتهى العام وبقيت أيدينا مبسوطة لكنها خالية من الحنة والمنحة .؟ فكان جوابه : الله كريم وسيفتح لي بابا من أبواب رحمته . فيا أيها المتربعون على الأموال والكراسي : هل تعلمون أن دول العالم تتباهى وتفتخر بما لديها من أدباء وصحفيين وفنانين وكتاب وشعراء ، والدول التي تعنى بالشأن الثقافي هي دول تحترم الإبداع أي كان جنسه احتراما يليق بمكانته وأهميته في رقي الحاضر كما هو ارث الماضي على الدوام . المبدعون هم ثروة حقيقية لا يمكن أن يهمشوا في أية دولة تسعى إلى الديمقراطية والبناء الحضاري لأنهم بالتأكيد هم جزء حيوي من مقومات البناء التي تقف في المقدمة في أي مشروع حضاري وفكري وإنساني . في نهاية كل عام تمنحنا الحكومة مكافأة تشجيعية , إلا أن الرياح هذا العام لم تجر بما تحبه وترغبه السفن المبحرة في عباب متلاطم . فيبدو أن المكافأة التشجيعية لم تر النور هذه السنة ..ونحن نسأل من يهمه الأمر ألا كان الأجدر أن تقوم الجهات ذات العلاقة بصرف المكافأة التي سماها مجلس الوزراء بالتشجيعية ، احتراما للصحفي والمثقف والمبدع العراقي الذي لم يتوان عن العمل بكل جد وإخلاص خدمة للبلاد التي ظلت أمانة في عنقه .؟ إلا يجدر بان نحافظ على ثروتنا الصحفية والإبداعية والثقافية وإراحة بعض الخلق من العوز القاتل , وان نساهم جميعا كي نجد للصحفي الفقير والمريض حياة مكفولة في بلده من اجل أن ينخرط في بناءه . إن قرار مجلس الوزراء بمنح مكافأة تشجيعية للأدباء والفنانين والصحفيين يجب أن ينفذ قبل نهاية عام 2014 ليكون شاهدا على رعاية الدولة من مستوى متقدم إلى كافة المبدعين العراقيين .. وذلك تثمينا للدور الذي يضطلع به الصحفي والمثقف في نقل الكلمة الصادقة والتعبير الحقيقي عن مجريات الأحداث. وفي حالة عدم توزيعها هذا العام سنحتاج إلى تصريح من وزارة الثقافة العراقية حول أسباب تأخير تسليم المنحة للمشمولين , ولكي تضع لنا النقاط على الحروف ونتعرف على أسباب عدم تسليمها
|