كالعادة جلس الشيخان ابو حاتم وابو ثامر على عتبة الدار يتفرجان على الاطفال وهم يلعبون كرة قدم عن بعد وهم يتراكضون ويملؤون الشارع الضيق والترابي بالصراخ والعياط واعمارهم لاتتجاوز العشرة سنوات بينما اندمجا الصديقان والجاران يتبادلون اطراف الحديث والقصص والذكريات كعادتهما اليومية ...وبعد ان انتهت مقدمات التحية المعتادة بين العراقيين ... شلونك وشلون الصحة وبعد شلونك وشلونه العائلة وكانهما لم يلتقيا منذ سنة .. عندها بادر ابو ثامر صاحبه وكعادة اهل بغداد ..شكو ماكو اخوية ابو حاتم ؟؟ منو العاش ومنو المات ؟؟ وهل سمعت اخر الاخبار؟؟ ووين وصلت اخبار الحرب بالرمادي ؟؟ اني شفت البارحة فلم عن النسوان الكرديات وهن يقاتلن داعش ...والله بطلات وشعب بي هيج نسوان لاتخاف عليه .. وهل سمعت بخبر سرقة الاموال المخصصة للنازحين المساكين ..هاي فوك مصيبتهم وفوك قهر الله يجيهم قهر بني ادم ...بربك هاي صايرة دايرة ؟؟...النازحين بياحال وولد الحرام المايخافون من الله يسرقون المساعدات .. صدك لو كالوا ..لا رحمك ولا اخلي رحمة ربك توصلك .. ولكن ولد الحلال في الفضائيات ولاسيما البغدادية والفيحاء البصراوية كالبين الدنيا على الحرامية وعلى اللجنة اللي يرأسها جمالة نائب رئيس وزراء يدعي ليل نهار هو يدافع عن ظائفته المهمشة ...بربك ابو حاتم ...هاي صايرة دايرة ؟؟؟ منو راح يرحم الفقراء والمساكين اللي تركوا حالهم ومالهم و هربوو بجلودهم خوفا من سكين الدواعش...الله واكبر ماكو رحمة بالقلوب ؟؟ هذا شلون زمان جا نعيشه ؟؟ والبارحة سمعت خبر ...ازعجني وقهرني ...خوية بعض الناس صايرة تجار ثوابات ..وبحجة تريد تخدم الحسين (ع) نشوفهم يسيئون لنهج ورسالة الامام الانسانية ... اخوية انت تدري ان بعض العوائل النازحة المنكوبة نزحت الى محافظة كربلاء وسكنوا بالحسينيات والجوامع اللي على الطريق والتي بنيت لاستراحة الزوار المشاة بالمناسبات الدينية وبناها اصحابها من اجل الثواب والتقرب الى الائمة من اهل البيت ..وهو ملجأ مناسب وتتوفرة فيه الخدمات وافضل من الخيمبالنسبة لعائلة واطفال ونساء وشيوخ وربما مرضي اضطروا للاستفادة والسكن فيها ولكنه لن يعوض عن سكنهم الاصلي ..وبحجة الزيارة الاربعينية اخرج البعض من اعداء الائمة هؤلاء النازحين واسكونهم في الخيم ...الامام يرضى بهجولة المحتاج المضطر ليرتاح الزائر من المشي في شعيرة ...لم يامر بها مذهب ال البيت ولا يقبل بها الائمة الاطهار ؟؟ والله اخوية ابو حاتم ..اني استغرب ليش المرجعية والعلماء والسادة والمثقفين ساكتين على ممارسات لاتتفق مع نهج وسيرة الائمة في مساعدة الفقير والمضطر ؟؟ وتشوه رسالة الامام الذي استشهد من اجل رفع راية الحق ومحاربة الظلم والظالمين .. تتذكر اخوية ابو حاتم شلون استقبل العراقيين اللاجئين الفلسطينين سنة 1948 من هجروهم الصهاينة ؟؟ تتذكر شلون اكرموهم و فتحوا العراقيين بيوتهم وسكنوهم ؟؟ وحتى كرصة الخبز قسموها بالنص وياهم ...شنو اللي صار وغير الحال ؟؟ نفس ذولة العراقيين وبعد خمسين من سقطت بغداد ...هل ذولاك تربية الانكليز وهؤلاء تربية اخر زمان ؟؟ ولكن بعض الاحيان نشوف الانسان الطيب وابن الحلال يخلف الخبيث وابن الحرام واكيد انت سمعت باول عمل حقير سووه الحواسم العراقيين عندما اخرجوا ابناء واحفاد اؤلئك اللاجئين الفلسطينين من ديارهم واجبروهم على سكنى الخيام على الحدود الاردنية وفي الصحراء وفي الخيم كي ينهبوا اموالهم ودورهم ..شنو اكو عند العراقيين عرك دساس مال حرامية ؟؟ اليوم منين ما تلتفت تشوف حرامي ومرتسي من الوزير الى الفراش ؟؟ شنو جدودنا كانوا حرامية ؟؟؟ وهم زين والف الحمد والشكرلله احنا ... اني وانته ما طلعنا حرامية مثل البقية ؟؟ اسالك اخوية شنو اني وانته اخوية ابو حاتم مو عراقيين ؟؟ وبسرعة البرق اجابه ابو حاتم ..ليش انته ما تدري ؟؟؟ عمي احنا اصلنا هنود.. وهنا ضحك ابو ثامر ضحكة قهر ..وقال ..يمكن كلامك صحيح ..ولو كانت امي طيبة لسالتها عن اصلي ..عربي لو كردي لو تركي لو عجمي لو هندي ..ولو تدري اكو سر ...والناس تخجل تحجي بي بصراحة لانه يمس الشرف العربي وكما بقول الشاعر العربي ( لايسلم الشرف الرفيع من الاذى حتى يراق على جوانبه الدم )... الكبارمن اهل ايام زمان يسولفون ... ان الانكليز من احتلوا العراق جانوا مؤدبين ويحبون العراقيين وقسم منهم يزوجوا عراقيات بالسر .. لان بذاك الوكت كان عيب على العائلة العراقية تزوج بنتها لاجنبي ...بس للفقر والحاجة احكام كما تعلم .اخوية ..فلوحظ ان بعض الاطفال ولدوا شكر وعيونهم زرق وسمهوهم نيكسون وويلسون وجيفري .. اي اسماء انكليزية ... والبعض يفسرها طفرة وراثية .. والبعض يسميها وفاء لافضال الانكليز عليهم ...اما بعد الاحتلال الامريكي ...فكما تعلم من يبيع وطنه لايصعب عليه بيع شرفه .. وان بقينا احياء مستقبلا فسنرى طفرات وراثية ... ولو اليوم يوجد فحص الدم المعروف DNA لمعرفة الاصيل من المزور ... ويقال ان الشرف اصبح يقاس بالدولار ..والله واعلم . وهنا اخرج ابو حاتم وبتردد واضح من جيبه باكيت السكاير الاجنبية لان السكاير العراقية مثل سومر وبغداد قد انقرضت واختفت من السوق وكلها من النوعية الرخيصة والرديئة وربما مطعمة بسموم تقتل المدخن ..مستاذنا من ابو ثامر... وهو يقول اخوية ابو ثامر اني ادري ميصير ادخن كدامك .. لانك تارك التدخين وما تتحمل تشوف احد يدخن كدامك ...ولكنك هيجت نيران قلبي وبعد ما اكدر اتحمل ولا اصبر اكثر ..فاخرج سيكارة ووضعها في فمه ولاحظ ان نصفها فارغ وتمتم لاعنا الشركة التي انتجتها والتاجر الذي استوردها ...والساعة التي تعلم فيها التدخين ..وبتافف واضح مد يده في جيب السترة التي اكل عليها الدهر وشرب ..واخرج علبة ثقاب ( مرعبلة ) من انتاج محلي وحاول اشعال السيكارة ..وبعد ان استخدم سبعة عيدان ..نجح في الاخير من اشعال السيكارة ..ومما زاد في حنقه وغضبه في اول (التوريثة ..ربع السيكارة طارت ) ..وبعد ان سحب نفسا من السيكارة ..سعل عدة سعلات وكانها دقات طبل من طبول الزورخانة ..والتفت الى صاحبه ..تذكر اخوية الشخاطة ام الثلاث نجمات الانكليزية ؟؟؟خرب بعرض الانكليز ماكو عندهم شي مو مضبوط على اخر سنكة ..متشوف همه صار بروسهم خير واحنا مثل بول البعير ويومية لورة ..بربك لو باقين مجلبين بذيلهم كان صرنا اوادم ..لكن احنا مانفتهم وما عدنا حظ ..شوف الاردنين هم وين واحنا وين ؟؟ وهنا قاطعه ابو ثامر فجأة وكانه تذكر امر هام ..اخوية ابو حاتم اني سامع ان النبي عنده حديث يقول ( اختاروا لنطفكم فان العرق دساس ) ..واريد اسألك ليش النبي ركز على المرأة وترك الرجل ...الا يوجد رجال نطفهم خبيثة ؟؟ وساحدثك بقصة سمعتها .. ان طبيبا مشهورا ومن عائلة معروفة بالورع والتقوى والتدين والوجاهة ..اغتصب احدى مريضاته .. فاستنكرت اهالي المدينة المحافظة هذا العمل الشائن والخيانة لمهنة الطب النبيلة .. وانبرى احد الشرفاء للتحقق عن الاسباب التي دفعت هذا الطبيب لسلوك هذا المسلك الشائن والمخالف للشريعةوالاخلاق ...وبعد استقصاء طويل ودقيق توصل الى ان والد هذا الطبيب وهو ابن شيخ العشيرة عندما كان شابا اعجبته قتاة من العبيد فاغواها واغتصبها فحملت منه سفاحا فولدت هذا الطبيب المذكور ...علما ان الشاب اجبره والده فيما بعد الولادة على الزواج ممن اغتصبها ..سترا للعار كعادات ايام زمان .. فيا اخي ..سؤالي الذي حيرني بصدد صحة هذا الحديث المنسوب للنبي ..ولان النبي لا ينطق عن الهوى كما نعلم وانما وحي يوحى اليه ..اليست نطفة هذا الرجل الشاب والخبيث المغتصب والتي زرعت في رحم امراة مجبرة واغتصبت وخلفت الطبيب ..اليس المراة كالارض تنبت مايزرع فيها ؟؟ وكما يقال الطيور على اشكالها تقع ؟؟ وهنا التفت ابو حاتم واجاب بلهجة حكيم حنكه الزمن ..يا صاحبي لكل قاعدة شواذ وليس كل مايقال هو صحيح ولاسيما فيما يتعلق بالمجتمعات الانسانية والسلوك الانساني وليس هناك قانون حسابي ثابت نطبقه على العلاقات والسلوكيات الانسانية ...فاللصوصية والرشوة والفساد والقتل والاغتصاب حتى للمحارم في مجتمعنا منتشربشكل مرعب وحسب متتناقله وسائل الاعلام ...فهل هذا وراثي ..؟؟ لا اصدق ذلك يا صاحبي .. الم تسمع او تقرأ قصة علي بابا والاربعين حرامي من قصص الف ليلة وليلة والتي كانت احداثها تقع في بغداد ...وهل هذا يعني ان عرك علي بابا الدساس وعرك حرامية هذه الايام ولاسيما عند السياسين العراقيين موروثا وكان بجينات حرامية ؟؟ الم تسمع بدكة رشيد عالي وفرهود اليهود في الاربعينات ؟؟ والم تسمع كيف نظف الحرامية من اصل عراقي شعب دولة الكويت وهم ايضا من اصول عراقية وخلوهم ينهزمون كالغزلان بليلة كشرة ..؟؟ فهل تعتقد اكو عرك دساس عندهم .. الم تسمع يوما ما ان صدام حسين بجبروته وسيطرته كان يحسب مليون حساب من هيجان الفقراء والمحرومين الساكنين في شرق وغرب و في محيط بغداد ومن هجومهم على الشورجة وجميلة ونهبا ... الم تسمع او ترى كيف نهبت المخازن والدوائر الرسمية وحتى القصور الرئاسية بعد نكسة الجيش العراقي من الكويت فيما سماها البعثيين بصفحة الغدر والخيانة وسماها ثوار الوسط والجنوب بالثورة الشعبانية ...حتى ان احد معارفي اخبرني ان احدهم سرق بالة تتن (تبغ ) من احد مخازن الحكومة لانه لم يجد غير التتن ليسرقه ...وهو اصلا لايدخن ..وعندما سألوه .. استاذنا وكان معلم مدرسة ابتدائي ومتدين ..ماذا ستفعل بهذه الكمية الكبيرة من التتن ؟؟ اجاب لا ادري ..وربما اوزعها على المدخنين .. اكسب فيها ثواب وعلى روح الموتى .. ومن منا يستطيع نسيان الفرهود الذي حدث بعد سقوط بغداد ...حتى المصارف والمكتبات والاثار سرقت ولم تسلم منهم ...وفي مقدمتها المصرف المركزي ... الم تسمع بسرقات وزراء ونواب سابقين ويشاع ان احدهم كان رئيس وزراء ومتهم باللصوصية .. والحقوا نسبه بنسب المرحوم الشهير علي بابا وقد سالت احد النسابة المشهورين بمعرفته بانساب العشائر العراقية ... فاجاب ليس كل العراقيين حرامية ولا يجوز التعميم ..لانه لو خليت لقلبت .. ولو ان الدنيا قاربت على الانقلاب هذه الايام بسبب انتشار الظلم والقتل والفساد .. ما علينا خل نرجع لسالفتنا ..ولكن البعض من العراقيين يشذ وتتغلب عنده لاسباب بيئية او تربوية او نفسية فيختار احد مهن اللصوصية والنشل والنصب والاحتيال وان لم يتمكن من اجادة احدى هذه المهن ..فيلجأ للتزوير ..وان لم ينجح ايضا يفتح دكان لبيع السياسة والطائفية ..الم تلمس ذلك في احاديث الناس هذه الايام وما يتردد على السنة المسؤوليين في الفضائيات ...يدافعون عن انفسهم وكانهم يقولون ...انا حرامي ايضا واسرق اموال الشعب ..فتعالوا خذوني ..لانه متاكد ماكو حرامي ياخذ حرامي لان الاثنين راح يتضررون ..صح اخوية ثامر ؟؟ وخلال هذه الفترة لم ينتبه ابو حاتم الى نفسه ولم يعرف كم سيكارة دخن وانما حالما تنتهي واحدة كان يشعل سيكارة جديدة من القديمة وضاع الحساب عليه وعلي صاحبه ... وهنا انتهى حديث اليوم كما يقال وبدأوا يشعرون بالملل من الحديث ومن الاوضاع ...ولكن من انقذهم هو سماع صوت ام حاتم تقول ...حجاج ...صار وكت الصلاة ..يا جماعة الم تسمعوا.. الاذان ...وكعادتهم رددوا متمتمين .. اللهم احفظ العراق واهله اينما حلوا او ارتحلوا .
|