تأملات في سطوة التاريخ/ هور الغموكة

قرأت يوم امس 1/12/2014 مقالة هامة على موقع الحوار المتمدن بعنوان " محطات من السفر النضالي لقوى اليسار الشيوعي العراقي ( الكفاح المسلح ) بقلم الاستاذ كريم الزكي، ويتصدر المقالة " هور الغموكة " كعنوان رئيسي للمادة المنشورة. (1)
وبودي هنا ان احيي جهد الكاتب بالتعريف ببطولات هذه المجموعة من الشيوعيين العراقيين بقيادة الشهيد الخالد خالد احمد زكي، الذين اختاروا بوعي وقناعة اسلوب الكفاح المسلح لاسقاط سلطة دكتاتورية ، والذين اختاروا الاهوار كبيئة جغرافية تلائم طبيعة هذا الشكل النضالي، كما تتضمن المقالة وصفا وتحليلا وتقييما لمعركة هور الغموكة والوضع السياسي المحيط بها في البلد، وتخصيصا وضع الحزب الشيوعي العراقي والمزاج السياسي لتلك الفترة.
ما لفت نظري كقارئ موضوعتان، جاء في نص الفقرة الأولى من المقالة (العمل المسلح الذي قامت به مجموعة من الشيوعيين العراقيين بقيادة الشهيد المقدام خالد احمد زكي ليس لها علاقة بالحزب الشيوعي العراقي وإنما هذه المجموعة الثورية مستقلة عن تنظيم الحزب الشيوعي العراقي وتنظيمياً كانت تنتمي لمجموعة القيادة المركزية التي انشقت عن الحزب الشيوعي لعدم قناعتها بسياسة قيادة الحزب آنذاك).
والسؤال: لماذا حرصت المادة على هذا التقديم ؟. في المقام الاول ان المجموعة الثورية الباسلة شيوعية الهوى والالتزام وتملك قدرا عاليا من الشجاعة والتضحية من اجل تحقيق اهدافها السامية، وسوف لن يغير في الامر شيئا انها في لحظة الاستشهاد كانت مختلفة مع الحزب الشيوعي العراقي ومنشقة عنه، وحتى غاضبة عليه ومستاءة منه، في النهاية انها ابنة الحزب الشيوعي العراقي ونتاج تجربته وثقافته.
الموضوع الاساسي اختلافهم مع حزبهم في اساليب الكفاح وهذا حقهم المشروع، والاختلاف بالرأي تعبير عن وعي اللحظة التاريخية، وليس معطىً ثابتاً على الدوام ، إلا اذا كنا نفكر بعصبية القبيلة، وهذا ما لا اعتقده. واذا كان الشيوعيون واليساريون والعلمانيون اجمالاً يفكرون بهذه الطريقة، فمن سيتصدى للكفاح من اجل تأصيل الديمقراطية فكرا وممارسة في مجتمعنا لمواجهة التعصب العشائري والطائفي والقومي الذي يمد جذوره عميقا في مجتمعنا متغذياً على الفساد الذي اشاعته وعمقته سياسة المحاصصة الطائفية.
الموضوعة الثانية: ما نصه في المقالة (خط آب المشؤوم الذي انتهجته قيادة الحزب والذي حاولت من خلال هذا النهج التحريفي والخياني تذويب الحزب بالاتحاد الاشتراكي الناصري الذي كانت حكومة العارفين تنتهجه بعد انقلاب 18تشرين2 كانت قيادة الحزب الشيوعي العراقي تعمل جاهدة لحل الحزب وتذويبه في حزب السلطة) .
الحديث هنا يدور حول ما سمي بخط اب الذي تبنته قيادة الحزب في 1964 وتراجعت عنه، وهنا ايضا يهمني كقارئ ان اسأل، هل ان الحزب الشيوعي العراقي، او اي حزب سياسي في اي زمان ومكان من التاريخ يستطيع ان يعمل ويكافح معصوماُ من الاخطاء، هذا مستحيل اولاُ، وثانيا هل يعتبر عجز حزب سياسي في تبني سياسة صائبة في مرحلة معينة، نهجا تحريفيا وخيانيا؟؟، الحديث يدور عن نهج خياني لحزب كامل يمتلك تاريخ طويل من النضال الوطني والتضحيات والشهداء. ومن غير المستبعد خيانة فرد او مجموعة افراد نظريا، وعند ذاك لا يمكن توجيه الاتهامات إلا بالدليل الملموس وليس جزافا، كيف إذن باتهام حزب اقتحم ميدان النضال منذ 80 عاما ولايزال بغض النظر عن الاخطاء والعثرات ؟.
ما يهمني هو مناقشة الافكار والخطاب الذي عبرت عنه المقالة، مع تقديري الكبير للكاتب كشخص وكمناضل عاش مرارة التجربة وانكساراتها، وهو امر يعنينا جميعا.
ان نتأمل الماضي نقدياُ بالنسبة لي ، امرا هاماُ، يبتدئ من نقد الذات اولاً، واحترام حرية الفكر ثانياً. وان مستقبل اليسار في العراق ومستقبل العراق ومستقبل الديمقراطية يقوم على تأصيل حرية الفكر والتحرر من الاثار الضارة لسطوة التاريخ.

محطات من السفر النضالي لقوى اليسار الشيوعي العراقي ( الكفاح المسلح ) - كريم الزكي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=443989 (1)