لم يفاجأ العراقيون باعلان السيد حيدر العبادي بأن عديد الفضائيين في وزارة الدفاع قد بلغ خمسين الفاً، وإن التحقيقات جارية لاكتشاف المزيد.. والمزيد هنا ربما هو أكبر من الرقم المعلن، فقد جرى التحقيق في خمس فرق عسكرية فقط في حين أن الجيش العراقي يضم خمسة عشر فرقة ، قتالية عدا الاصناف الاخرى لايقل عديد منتسبيها عن ربع مليون. ولعل المفاجئة التي أذهلت الجميع هي أن قائد العمليات العسكرية المحال على التقاعد الفريق علي غيدان قد قال أمس الأول في الاستجواب الذي أجرته الامانة العامة لمجلس الوزراء : ( أن مكتب رئيس الوزراء السابق على علم بالجنود الفضائين في الدفاع والداخلية وأن 40% من رواتب الفاضيين كانت تستقطع وترسل الى مكتب القائد العام للقوات المسلحة السيد نوري المالكي ). وأضاف أنه أبلغ المالكي شخصياً بذلك في أحدئ لقاءته به قبل التغير الوزاري بوقت طويل ، الا أن المالكي قد طلب منه أن لا يتحدث بهذا الموضوع بأن ظروف لا تحتمل مثل هكذا شوشره .
أما وزارة الداخلية فهي تكاد تختنق بالفضائيين ويقدر المراقبون المطلعون عديدهم بثلاثمائة الف أو أكثر بقليل،يضاف اليهم منتسبوا القوات الاخرى التي تحسب على الداخلية ولكنها تابعة للقائد العام(رئيس الوزراء)مثل الفرقة الذهبية وسوات وقوة مكافحة الارهاب.
وهناك من يقول بأن الفضائيين يشكلون نسبة كبيرة ، أي اكثر من ثلاثين بالمئة من اعضاء مجلس النواب نظراً لتغيّب مئه عضو عن كل جلسة ، وهناك خمسة عشر عضواً لايحضرون اجتماعات المجلس النيابي إلا مرة واحدة حين يؤدون القسم!
الى ذلك فأن ثلاثة من نواب رئيس الجمهورية يكلفون ميزانية الدولة ستين مليار دينار سنوياً، وهم بدون عمل تماماً. وهنا يذكر أحد المراقبين السياسيين بأن رواتب الثلاثة (المالكي، علاوي، والنجيفي) الشهرية تكفي لبناء مستشفى واحد أو ثلاثة مدارس. ويضيف : أن بناء مدرسة أو المستشفى اكثر فائدة للعراقيين من وجود الثلاثة كنواب لرئيس الجمهورية فهم إن غابوا لن يفتقدوا وأن حضروا فلا شغل لهم!!
وما دممنا على ذكر الفضائيين، فقد استمزجت أراء عدد من المراقبين المطلعين فأجمعوا على أن كل من تم تعيينه بمنصب مدير عام (4553) أو وكيل وزارة (716) يعد فضائياً. علماً بأن جميع هؤلاء معينون بدون مصادقة مجلس النواب عليهم. ويعد ذلك مخالف للقانون . ومجموع هؤلاء يتقاضون رواتب كبيرة جداً تشكل عباءً على الميزانية العامة. ويمكن وصفهم بالفضائيين أيضاً .فهم في الغالب يتركون عملهم على المساعدين أو لايملكون كفاءة أو اختصاص بمجال عملهم، فاما بطالة (بلا عمل) و اما جهله لايعرفون ماذا يفعلون !
ناهيك عن المستشارين والخبراء، فمكتب رئيس الوزراء السابق يضم اكثر من (1600 مستشار) على حد قول النائب السابق بهاء الاعرجي ، ولكل وزير او وكيل او حتى مدير عام أكثر من مستشار هو بلا شغل ولكنه يتقاضى راتباً كبيراً. وحتى المحافظين ومجالس المحافظات فلكل واحد منهم أكثر من مستشار. وللمحافظ عدد يزيد على السبعة هم بدون شغل ايضاً.
وهنا يستحسن أن نذكر اعضاء المجالس المحلية(البلدية) فهم قد تم تعيينهم من قبل سيء الذكر بول بريمر للقيام بمهام (خدمية) وهم بالالاف واعطاهم رواتب كبيرة(معاون مدير عام) علماً بأن اغلبهم لايتوفر على الشهادة الاعدادية وبعضهم ممن يقرأ ولا يكتب! ومع هذا فقد مضى عليهم اكثر من عشرة اعوام لم يصدر قانون ينظم عملهم ويحدد رواتبهم. ولكنهم مستمرون في وظائفهم الوهمية (الفضائية) . ومع ان خدماتهم التي كانوا يقدمونها قد انتهت برحيل بريمر بعد سنة من الاحتلال (2004). لكنهم موجودون ولايعرف أحد مالضرورة على الانفاق عليهم مبالغ كبيرة يمكن الاستفادة منها لتوظيف الخريجين الشباب الذين حرمتهم حكومتي المالكي الاولى والثانية من فرصة التعيين وواجهتهم حكومة العبادي بلافتة التقشف وايقاف التعييناتّ !
على اية حال، هذا الوضع يبدو أنه سيستمر أربع سنوات أخرى.. ولن يستطيع العبادي حتى لو أراد ذلك ، لانه قد ورث فضائيين ودوائر لاشغل لها ولا مشغلة.. يضاف الى ذلك إن كل المستفيدين من هذه الفوضى الحكومية مازالوا يدينون بالولاء لولي النعمة السابق. وهو يحميهم ويدافع عنهم ولو عن بعد !
|