لم ينم تلك الليلة، ينتظر الفجر بفارغ الصبر، ينظر إلى السماء، يفكر ويسترجع وجوه عائلته، ويصبر نفسه، ويسألها إلى أين يذهب؟، وكيف يجعل أمه تقتنع؟، بالذهاب إلى الجهاد، يكلم نفسه ويقول: السلام عليك يا سيد الشهداء، ضحيت بكل ما لديك، وأشركت عائلتك بالجهاد، كنت ترى البارئ بعين البصيرة، تركتهم بعين ربهم، يتكفلهم، من أجل أعلاء راية الحق ودحر الباطل.
جلس طعمة مع أخويه، تلك الليلة، وأخبرهم أنه يريد التطوع، قال: الصغير أنا أريد الذهاب، ويسقط عنكم الجهاد، فاختلفوا فيما بينهم، فقال الكبير: من يستيقظ أولا عند الفجر، هو الذي يذهب، ويعتبر ممثلا عن عائلتنا، لذلك لم ينم طعمة تلك الليلة، بل خرج من المنزل، قبل أذان الفجر بنصف ساعة.
سار في شوارع مدينته، متجها إلى المسجد فدخل ليصلي، وبعد إن فرغ من صلاته، شاهد أحد الأشخاص مرتديا بدلة عسكرية، فسأله أريد التطوع، فذهبا معا، توكل على العزيز القدير، متسلحا بأيمانه، مقتديا بالأئمة الاطهار (عليهم السلام)، لديه عزيمة استمدها من تضحياتهم وعزيمتهم، ويمتلك قوة المقاومة، تعلمها من سعيد بن جبير، فقالها: بوجه الحجاج، اختر لنفسك قتلة أقتلك بها غدا.
بدأت رحلته مع الجهاد، من قاطع إلى قاطع، يحتضن الساتر وبندقيته بيمينه، كأنها أبنته الصغيرة، لا يفارقها فهي التي تهلل له، عندما يصول على الأعداء، بعد أن مضى الشهر الأول، وهو يقارع أهل الظلالة، ناده الضابط بأن لديك أجازه، وهذا الجندي هو بديلك، فقال: أبو حسين سيدي من يريد الشهادة لا ينتظر الاجازة، لا اترك ساحة المعركة أبدا.
دمعت عين البديل، وأحتضنه، وذهبوا إلى خط النار، كأنهم في نزهة، لا يهابون الموت، رن هاتفه، فكلمه أخوه الكبير، يسأل عن صحته، والانتصارات التي حققها الحشد الشعبي فقال: قتلت خمسين داعشيا، وطهرنا المناطق من الانجاس الغرباء، والمعركة محسومة لنا، والنصر حليفنا، أطمئن يا أخي سنحقق النصر أو الشهادة، طعمة رحل، في يوم عاشوراء في ارض قريبة من كربلاء.