لم يعد بوسع النظام الايراني إخفاء التأثيرات السلبية لمشروعه النووي على الشعب الايراني و على مختلف الاصعدة، وبعد کل هذه الاعوام من شد الاحزمة على البطون من قبل الشعب الايراني و تحمله صنوف المعاناة، فإن هناك المزيد من الظروف و الاوضاع الصعبة التي تنتظره و عليه أن يستعد لدفع المزيد و المزيد من ضريبة المساعي التي يبذلها نظامه من أجل إنجاح برنامجه النووي. الخبز الذي يشکل مصدر العيش الرئيسي لمعظم أبناء الشعب الايراني وخصوصا الشرائح المحرومة و الفقيرة و ذات الدخل المحدود والتي تشکل 90% من، أعلن النظام الايراني و في خضم الازمة الاقتصادية العويصة التي يعاني منها بسبب من برنامجه النووي ذو التکاليف الباهضة، عن رفع سعر الخبز بنسبة 30 الى 40 بالمئة، وهو مايشکل عبئا و ثقلا إضافيا کبيرا على کاهل الشرائح الايرانية الفقيرة و التي تشکل غالبية الشعب و يخلق لها المزيد من المشاکل و المصاعب المعيشية بتداعياتها و إنعاکاساتها الاجتماعية. الفقر في إيران و الذي قد أصبح ظاهرة في هذا البلد الذي يفترض فيه انه دولة نفطية و فيها الکثير من الموارد و الثروات المختلفة الاخرى، لکن شيوع الفقر و بصورة غير عادية و خصوصا خلال العقدين الاخيرين حيث إزداد ترکيز النظام الايراني على أمرين ملفتين للنظر وهما: ـ تصدير التطرف الديني الى البلدان الاخرى في المنطقة و إنشاء و تأسيس أحزاب و منظمات و ميليشيات مختلفة تقوم بتنفيذ مخططات تتعلق بترسيخ نفوذ و هيمنة طهران على هذه البلدان و على تمرير أجندة خاصة، وهذا مايمکن لمسه بوضوح في سوريا و العراق و لبنان و اليمن و البحرين. ـ البرنامج النووي، الذي هو مصدر قلق و توجس إقليمي و دولي و يثير الکثير من المخاوف بشأن نوايا النظام و مساعيه المحمومة من أجل إمتلاك القنبلة الذرية. هذا الامران، وکما هو واضح و جلي، يتطلبان دعما ماليا ضخما واستثنائيا، ويکفي أن نشير هنا على سبيل المثال لا الحصر ان حزب الله اللبناني، وبعد حرب تموز 2006،، قام النظام الايراني بمنحه أکثر من 13 مليار دولار من أجل إعادة بناء مؤسساته التي تعرضت لدمار بسبب الحرب مع إسرائيل(والتي کانت مناورة سياسية محدودة لأغراض معينة)، ولکي نفهم أهمية و خطورة منح هکذا مبلغ ضخم لحزب لبناني، فإن الانتفاضة التي قام بها الشعب الايراني في عام 2009، قد هتفت بشعارات رئيسية کانت في مقدمتها:(لاغزة و لا لبنان روحي فداء لإيران)، واليوم وفي خضم رفع سعر الخبز، فإن تقارير أخرى نقلت عن مسؤولين في بلدية طهران، ان هناك 15 ألف مواطن إيراني يستخدمون الکارتون للنوم فيه و الوقاية من لانواء الجوية، علما بأن 3000 من هؤلاء هن من النساء، ويضاف الى ذلك بأن رئيس هيئة الرقابة لبلدية طهران، مصطفى فيضي، قد أيد ان البلدية توظف الاطفال القاصرين لتجميع النفايات، فيما أکد تلفزيون"شبکة خبر"، نقلا عن مرکز الاحصاء الايراني الرسمي، ان حوالي مليون و سبعمائة ألف طفل يعملون في إيران. الطريق الذي يحاول النظام الايراني المرور من خلاله و إنجاح برنامجه النووي، يبدو انه طريق يمر عبر مدن من الکارتون و محطات الجوع و الفقر و الحرمان، وان کل ذلك الزعيق و الصخب و الضجة التي أثيرت و تثار بشأن(نجاح و موفقية)المفاوضات النووية الفاشلة من کل النواحي، قد بات يظهر بوضوح على أرض الواقع في إيران.
|