ماجاعَ عراقيٌّ إلا بما سرقَهُ السياسي ؟ |
يقول الإمام علي عليه السلام (ماجاع فقيرٌ إلا بمامُتّع به غنيّ) وقد لاينطوي قول الإمام علي عليه السلام هذا على إتهام ضمني للغني بالسرقة ...أوإتهامه بمصادرة إرث أو شراكة كانت للفقير معه في أمواله ثم أنكرها عليه... بقدر ماينطوي على دورة تهذيبية إرشادية وتربوية لتوعية وتقويم وتشجيع الأمة على إستنهاض وتنمية روح التكافل الإجتماعي بين أفرادها...لدرء خطرإنتشار الفاقّة والمجاعة عن المنظومة الإنسانية الواحدة ...وأن يخلق وازعا ورادعا إخلاقيا ذاتيا يتحكّم بتنظيم العلاقات الإجتماعية ...للشعور بحاجة الآخرين دون اللجوء الى قوانين المحاسبة القانونية والشرعية ... ولعلَّ فئة الأغنياء التي كانت اكثر إستهدافا من قبل الإمام هي الفئة التي تمنع حق الله سبحانه وتعالى وتتهرّب من دفع الحقوق المترتبة عليها كالخمس والزكاة التي تذهب الى الفقراء ..والفئة الأخرى المستهدفة هم البخلاء ...والبخيل لايحاسبه القانون على بخله إنّما له عاقبة سيئة في الدنيا والآخرة لما يتركه من أثر سلبيّ على المجتمع لإحتكاره ألأموال...أمّا فقراء العراق ....فأمرهم مختلف عن جميع فقراء العالم ! لأنهم في الحقيقة ليسوا فقراء ...ولا أعتقد أن الأغنياء يتحملون مسؤولية جوعهم ...وهذا لايعني إعفاء الغني من المسؤولية ... إلاّ إنّ السبب والمسبب الحقيقي لحاجة وجوع العراقي هو السياسي والسياسي وحده ... لقد تعرّض العراقيون ولاأقول الفقراء الى عمليات منظّمة لسرقة ونهب أموالهم وحقوقهم الوطنية وخيرات بلدهم ...من قبل المافيات السياسة الحاكمة والمتعاقبة على إدارة البلد ومنذ عشرات السنين ...وإلا وطنٌ كالعراق يمتلك من الخيرات والثروات الطبيعة ما يكفي أضعاف أضعاف نفوسه ..لايمكن أن يجوع فيه عراقيُّ واحد يحمل جنسيته...ولايمكن أن يكون فيه فقيرٌ واحدٌ يستحق الصدقة ...وإذا جاع فيه فقيرٌ... فهذا يعني أن الحاكم سارق أو متواطيء مع السرّاق أو متآمر على قوت الفقراء أو فاشل في أحسن حالاته ... ولإثبات ذلك وبحسبة بسيطة وفق ماصرّح به رئيس الوزراء العبادي عن وجود 50 ألف فضائي في المؤسسة العسكرية وضعفهم في الداخلية واليوم تحدثت الأخبار عن وجود 7 آلاف موظف فضائي في أمانة عبعوب ! أي أن مجموع مايُسرق بإسم هؤلاء الفضائيين حوالي 15 مليار دولار سنوياً والرقم قابل للزيادة بمقدار الضعف ! عدا سرقات العقود والإختلاس والعقود الوهمية وصفقات السلاح والتجارة والرواتب الضخمة للمسؤولين والصرفيات الكمالية والإيفادات السياحية وغيرها الكثير من الخفايا ... فأن مجموع هذه السرقات والصرفيات لو أنفقت على العراقيين ...فلم يبقَ عراقيّ واحد يشكو الفاقة والفقر ولما بقيت عائلة عراقية بلا سكن ومأوى .... ولكن هل فكّر ويفّكر دعاة الفضيلة والتدين بحجم هذه المسؤولية وثقل الأمانة التي خانوها ؟ وهم كانوا من أشد المؤمنين والحريصين على التلويح بشعار علي بن ابي طالب عليه السلام ماجاع فقير الا بما متع به غني...في مناسبة وغير مناسبة !!!؟
والسؤال الأخير للمواطن العراقي هل يعلم أويدرك أنه صاحب ثروة وصاحب حقٍ ؟
وهل يدري أن حقه يسرقه السياسي الذي خوّله بإدارة إموره ؟
فإذا كان يدري متى يطالب بحقه ؟
وإذا كان لايدري فاليستمر بالتصفيق وينتظر صدقات المسؤول التي لاتتجاوز بطانية فضائية !
|