مَنْ يفترس الرجل المريض؟

 

عندما ضعفت السلطنة العثمانية وخارت قواها بدأت تتلاشى. فطمع الآخرون بها وبدأوا يخططون لتوزيع ممتلكاتها ونهبها.وكان ماكان وعُقدت معاهدات بين الدول الكبرى وأُبرمت إتفاقيات.ومات الرجل المريض ووزعت تركته ولكن ليس بين أبنائه ولكن على الأقوياء الطامعين وإنتهت خلافة بني عثمان.

والتأريخ يعيد نفسه اليوم فالعراق تمزق وضعف وخارت قواه, بفضل ساسته المتصارعين على المغانم وإقتسام مال الشعب المنهوب .لم يتورع هؤلاء الساسة عن إختلاق الأزمات  .وراحوا يلهثون وراء الدعم من دول إقليمية ودولية. ولم يعد بحسبانهم ولا أمام ناظرهم مصلحة العراق والعراقيين, ومصير هذا الوطن الذي نُكب بهم.لم يختلف هؤلاء على مخططاتٍ ولا على برامج إصلاح وإنماء وتقديم خدمات. بل على أمور تهمهم هم, لا تهم الشعب. فتراشقوا بتهم الفساد والأرهاب والديكتاتورية وخرق حقوق الأنسان.والتعدي على حرية الأنسان العراقي. وحرمانه مما يجب أن يتمتع به من ثروة بلده, التي أصبحت مشاعة للنهابين والسراق, دون عقاب فعلي أوردع يشفي صدور الشباب العاطلين والأرامل والأيتام, الذين يتحسرون على مأوى لهم أو لقمة عيش.

بعد أن وصل بنا الحال الى هذا الضعف والخوار والتردي, طمع الجميع بنا.وما أحداث أم قصر وصفوان في الأيام الأخيرة وإطلاق القوات الكويتية النار  على متظاهرين عراقيين, إستولت الكويت على أراضيهم إلا قمة الأستهانة والأذلال للعراق وللعراقيين.تمَّ هذا بعد أن مدت الكويت إنبوباً حدودياً ,إخترق منازل عراقيين بسطاء.إستناداً لقرار 833 الجائر وخرائط ترسيم الحدود الذي أعدته لجنة الأمم المتحدة ,رغم كون العراق حينها دولة مهزومة عسكرياً, وعدم إشراك أي جهة عراقية بها. بل بحضور كويتي مدعوم أمريكياً فقط .فكان قراراً ظالماً للعراق وشعب العراق .وهنا لا بد أن أقول إن هذا الواقع لن يستمر وإن تمكن الكويتيون من فرضه اليوم بسبب ضعفنا ومن تمريره فالأيام المقبلة حبلى بالمفاجئات. ولا أحد يستطيع أن يضمن لهم إستكانة الشعب العراقي.وهذا ليس بصالحهم أبداً بل سيسمم العلاقات بين الشعبين مما لا قبَل لهم به. ولا طاقة لهم بتحمله, إنْ تغيرت الأوضاع في العراق, وأصبح قرار الشعب بيده, لا بيد زمر ضالة فاسدة.أملنا بعلاقات طيبة مع الأشقاء الكويتيين وبتكامل وتعاون إقتصادي ينفع الشعبين لا بتأجيج صراع ونزاع.

 ألحق القرار 833 الحيف بالعراق وكان على حكومات العراق الأعتراض عليه بعد2003. كونه صدر دون سماع رأي الشعب العراقي. الذي كانت إرادته مصادرة وقراره لم يكن بيده  وإن ماجرى بين العراق والكويت لم يكن للشعب رأي أو مصلحة  فيه. بل هو خطأ حكام البلدين. لقدإستسلمت الحكومات العراقية وإستكانت لا لشيء إلا لعدم إثارة غضب الدول المساندة للكويت وأغراضها الغير مشروعة. لكي لا تضيع عليها فرصة الأستحواذ على السلطة والنهب الممنهج لثرواته.ألم يكن بإستطاعة الحكومة العراقية طرح  تبديل أراضي هؤلاء المواطنين بأراضٍ عراقية أخرى وإبقاء سيادة العراق على تلك الدور.إن ترسيم الحدود هذا سيعني إنهاء ميناء أم قصر. لأنه سيتبعه تمددٌ للمياه للمياه الكويتية على حساب المياه العراقية, بعد أن تمددت الأراضي. وسياسة حكومة الكويت  سياسية تدريجية مرحلية ليسهل عليها إمتصاص الصدمات الأحتجاجية من العراقيين بعد القضم التدريجي لأراضيهم ومياههم.كان من الأجدى بجحافل المستشارين للسيد رئيس الوزراء طرح هذا على دولته ,بدل التشطر بخلق الأزمات والمشاكل بين القوى السياسية العراقية.وكان الأجدر بساسة عراقيين لهم علاقات وثيقة بالسعودية والمدعومين منها بالسر والعلن

بذل الجهد وإستغلال تلك العلاقة لكي تأثر السعودية على الكويت وتثنيها عن هذه السياسة العدائية للعراق.وكان بإمكان مجلس النواب طرح هذا على الحكومة العراقية والمساهمة بإرسال وفود من شخصيات مؤثرة على الكويتيين للمساهمة بإيجاد الحل لكنهم جميعاً ينتظرون موت هذا الرجل المريض المسجى ليفترسوه.ثم يبيعوه أجزاءً على الآخرين ولمن يدفع أكثر.

عندما إحتلت إسرائيل الضفة الغربية في 5حزيران 1967, وبعد صدور قرار مجلس الأمن 204. ماذا فعلت إسرائيل وهي دولة محتلة مستعمرة ؟هل وافقت على إعادة الأراضي التي إحتلتها في 5حزيران عام 1967؟ أم إنها رفضت الأنصياع لذلك ولم ترضَ به, وطلبت تبديل أراضٍ بأراضٍ أخرى؟ وحتى هذا لم تفعله .هكذا يتصرف القوي. أما الجبناء والعملاء فلا حول ولا قوة لهم ولا مخرج إلا الإذعان والأستسلام حتى ولو كان على حساب الشرف والكرامة.

أما في الداخل وبالتحديد في إقليم كردستان إنتهزت حكومة الأقليم ظروف العراق السائدة و طردت القوات العسكرية العراقية من العديد من مناطق عراقية ليست جزء من كردستان.وإحتلت هيَّ بالمقابل أراضٍ عراقية ليست من أراضي الإقليم. ثمّ أعلنت إنها ستستقل إقتصادياً مستغلة  ضعف الدولة العراقية وتشرذمها وإنقسام مجتمعها, وخاصة في المناطق العربية بعد أن تعالت الأصوات الطائفية المدعومة من جهات خبيثة إقليمية وأممية.

تشارك حكومة كردستان بقية العراقيين في واردات النفط وتبني كردستان وتمتنع عن تصدير النفط من محافظات كردستان محتفظة به لساعة إعلان الأنفصال.

كل هذا يجري للعراق والرجل المريض (دولتنا العراقية) تتداعى وتضمحل سيطرتها, وتُنهب أراضيها. ويُذَل العراقييون .فهل لهذا الرجل المريض من صحوة؟ أم إنه مخطط قد إستحق التنفيذ؟