ابرز شهادته وهو يقدم استكان الشاي معتقدا بأني لم اصدق انه مهندس زراعي ولا يعلم قراءتي روايته من افواه الجلاس مسبقا و ان بصمة شهادته الامية قد طبعت ابهامها الايسر فوق مخيلتي والقتني في اثير معتم من صراع اهوج عديم النهاية بين ضميري وعقلي وهما يرفضان ما يحدث رفضا قاطعا وبشكل متناكد ، ضميري يتباكى على ما يحدث لشبابنا الذين ظلمهم الدهر وقذف اجسادهم الغضة في فم غول اكل اليابس والاخضر ولم يبقي برعما يشرئب لشمس او خضار يغطي اغصان شجرة ، جراد نهم مسح المستقبل من لوائحهم تماما ، اما عقلي فيوكد بعقلانية المنطق انهم عاشوا وحياتهم تنتمي لزمن غير زمانهم وحملوا اعباء تنوء منها الجبال حتى تلبدت عقولهم الشائخة في جلابيب شباب ، لا احد يتحدث منهم الا وتسبق كلمته حسرة حين القي الهم في احضانه قسرا وابتلعته ظروف الحياة المتسارعة و ارتداه الفقر والعوز ثوبا مهترأ منذ نعومة اظفاره ، اختطفت اللقمة من فاهه بمسميات لا جدال في غرابتها...!؟ تبا !! ....للتغيير والديمقراطية المزيفة فقد القت افاعي سامة في طريق افراخ لم يغطي الريش اجسادهم بعد ، فصار ابناءنا وجبات سهلة للنهب وغول السياسة الذي لا يشبع....بدأ صوتي يعلو تدريجيا ، وانا خارج نفسي تاما ، اشعر و افكاري قد خرجت عنوة من اذني وسالت فوق ساحات وجهي وبدأت امسح وكأن ما يحدث حقيقة وليس ضغط فوق اعصاب الواقع ، انتبه المجالسون ولا يزال احمد ماسكا استكان الشاي ليضعه امامي وهو مأخوذ بما يحدث .....!؟ "العفو استاذ ......خير...!؟" اجبت بتلعثم " لا شئ ...!....اشعر اني متوعك قليلا هذا اليوم.....!؟" بدأت اخوط استكان الشاي ببطيء ونظري مثبت ،بعامل المقهى احمد ، وكأن دواخلي تصر على رفض حقيقة ما يحدث لهذا الشاب وافرانه وتعابير وجهي تتغير باستمرار تناغما مع ما يدور في خلدي من صراع و ايقنت انه سيفرض ذاته عنوة ليتقاذف الشتائم جهرا وتتطور الفضيحة الى عورة يصعب اخفاءها عن مرأى المجالسين......!؟ انتبه الجميع و لا زالت يدي تتحرك بشكل دائري حتى اندلق الشاي فوق المنضدة ....!.....انتبهت حين ركض احمد نحوي ومسح الشاي قبل ان يصل ملابسي وارتبكت كثيرا حين هتف الجميع. -"..خير ....خير...!؟" خجلت وصغرت في عين نفسي جدا حتى ضعت بين طيات ملابسي ، دفعت ثمن الشاي وانسللت الى مسلكي نحو البيت وانا اتساءل عن احتمالية فرار ابهري العراق و النخيل واختفاء اللون الاخضر عن المشهد وغياب صوت خرير الماء وزقزقة العصافيرعن مسامعنا مادام مهندس الزراعة لا يجد موطئ قدم في حقل او حديقة من ارض الله الواسعة التي لم تباشرها يدي فلاح منذ ان استولى شبح الاتصالات جيبه وجدار بيته..... !!....حينها شعرت بالخوف الشديد ، وتعوذت الله من حلمي الاسود هذا . مسكت زمام امري رعشة رعب استولت على بدني حينها ايقنت بحتمية المصير لو استمرت اسطوانة الديمقراطية والتغيير المشروخة بالعزف......!؟
|