الحسين و أخوة العراقيين! |
يختلف العراقيون في الكثير من التقاليد و المعتقدات لكنهم يتفقون على مآساوية ذكرى استشهاد الآمام الحسين " ع" و صحبه من أل بيت رسول الله " ص" ، فمشاعر الحزن متشابهة بدرجة كبيرة، بعيدا عن التوظيف السياسي الذي يحاول البعض من خلاله استغلال العواطف لكسب رضا أو مقبولية من جماهير تبكي دما و تزحف بلا خوف أو وجل لأنها تقصد عنوان العدل و الشجاعة و التضحية و الكبرياء. العبرة بعظمة الأربعينية هو ذلك الفرق الشاسع بين جماهير مؤمنة بما تفعل و سياسيين يستغلون المناسبة لتحسين السمعة، دون أن يتأثروا بواحدة من خصال سبط النبي الأكرم، الذي أجتهد فوفى وعزم فتوكل، فكان صوت الحق وسيفه وعنوان العزة و كبريائها، فالحسين " ع" لم يخرج طمعا بجاه أو سلطة بل لحماية مجموعة كبيرة من القيم السماوية على الأرض، بوصفه وريث راية الحق التي حملها جده رسول الله، فهل هناك من عزة آسمى و من شرعية أنصع!!؟ لا يوجد عاقل لا يحب الحسين" ع" و لا ينحني اجلالا لمبادئه يتباهى بتلك المباديء، أما المتنابزين بالالقاب فالحسين منهم براء، لأنه عنوان الحق و الأخوة و الكبرياء بعيدا عن الأطماع الشخصية فهو سليل الشهامة و الرجولة و النخوة ، من جهة والده الأمام علي " ع" و جده الرسول محمد " ص" ، وأقرب الناس الى قلبه، انه سيد شهداء أهل الجنة، ولايوجد تكريم الهى يرقى ببشر الى هذا السمو، ليتفرد به الحسين " ع "، فيصبح شاهدا على التمييز بين الحق والباطل .. وبمناسبة " نكبة التاريخ الاسلامي" ندعو الجميع الى التحلي بقطرة من بحر قيم الحق التي آمن بها الامام الحسين و ضحى من آجل نشرها في أصدق ثورة على الباطل، ثورة اعلاء كلمة الحق بعيدا عن تفسيرات وعاظ السلاطين، فلقد أسس الامام الحسين " ع" مدرسة القيم و المباديء الانسانية مثلما حدد معالم الخير و نقيضه، لتبقى والفوارق كبيرة بين المترفع عن مغريات الدنيا والغارق في وحلها.. ولأن الأمام الحسين"ع" سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته من الدنيا وأشبه الناس به، فمن الواجب علينا البناء على ما أسس له من قيم نبيلة لمنع غرق سفينة الحق، والمحافظة على الأخوة العراقية التي يهددها سرطان الفتنة و الارهاب، ما يفرض على العقلاء واجب التثقيف لهذه المباديء لا الابحار عكسها، مثلما يحاول البعض ابتكاره وكأنهم يرفضون التباهي بخصوصية الانتساب الى سيد الشهداء، بينما الصحيح هو التعجيل بمراجعة أنفسنا ألف مرة، لنحدد بصدق اذا كان من حقنا الانتساب اليه، أواذا كنا فعلا من المؤمنين بقيمه ومبادئه، فليس العبرة في البكاء أو الحسرة، بل في كيفية الانتصار لمبادئه الكبيرة في تحقيق العدل ونصرة المظلوم ومحاسبة الحاكم. لم يخرج الحسين حبا بمال أو طمعا بمنصب، ولا فرضا لمقام أو تحقيقا لرغبة في حياة مترفة، فقد خصه العزيز القدير بمنزلة تليق بالانبياء والرسل، وأضفى عليه هيبة تتواصل عروقها مع جسد وروح رسول الله "ص"، وتتسامى في عزتها عن مغريات الدنيا، كيف لا والأمام علي بن ابي طالب " رض" هو والده ، وحمله رحم بنت رسول الله ،فأين نحن من مآثر سيد الشهداء سؤال ننتظر اجابة عليه من سياسيين ورجال دين وفقهاء شريعة، لم يقدموا ما يلزم من تضحية لترسيخ قيم استشهاد الأمام الحسين، التي ترفض بشكل قاطع توظيفها لتخندقات عرقية أو طائفية، مثلما أبت ولا تزال أن تكون ميدانا للمضاربات السياسية، فهي مأثرة آلهية على الأرض، وأن كل من يحب الحسين فعلا، مفروض عليه الالتزام بالحد الأدنى من ثوابته، ولو تقيد الجميع بنسب عشرية من هذه المآثر الخالدة، لما وصلنا الى هذا الحد من التناحر، خاصة وأن الأمام الحسين"ع" هو الباب العالي جدا في خصوصية أخوتنا، وهو نسب عشائرنا كلها. وسر عدم جفاف ارحام الخير والكبرياء بين ظهرانينا، ، وقد حان وقت السير معا الى الحسين " ع" لطلب العفو منه ، بعد أن تجاوز كثير منا حدود الله في مبادئه الانسانية! |