هذا الاتفاق... وهاتان الاتفاقيتان |
في 11 آذار 1970 وقعت قيادة الثورة الكوردستانية، إتفاقية مع الحكومة البعثية وتم تحديد فترة تنفيذ بنود الاتفاقية باربع سنوات تنتهي في 11 آذار عام 1974. لكن هدف القيادة البعثية سيئة النية من الاتفاقية كان كسب الوقت وتدبير المؤامرات، قامت بالعديد من العمليات والممارسات الغادرة ورفضت تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من فقرات وبنود وحملت القيادة الكوردية مسؤولية فشل تطبيق الاتفاقية، وقامت الطائرات الحربية للقيادة البعثية بقصف مقرات البيشمركه والمدن والقرى الكوردستانية الآمنة، واندلعت الحرب ثانية وتجدد القتال في عموم ارجاء كوردستان، واستمر لسنة عجفاء، بعدها وقع صدام بشكل مخزٍ وذليل مع شاه ايران في الجزائر في السادس من آذار عام 1975 على إتفاقية مشينة، تنازل فيها عن مساحات شاسعة من شط العرب والاراضي العراقية لإيران، لقاء إفشال الثورة الكوردية، الا أن الثورة لم تفشل بل إنطلقت نحو الامام واستكملت مسيرتها بثورة كولان التقدمية عام 1976.
في عام 2010 وعندما كان العراق والعراقيون عموما يعيشون في ظل أزمات عديدة ومتشعبة، وصراعات طائفية ومذهبية، طرح السيد رئيس إقليم كوردستان، مبادرته الشهيرة التي تمخضت عما عرفت لاحقا بإتفاقية اربيل، التي كانت اتفاقية مفصلية تضمنت فقراتها وبنودها حسما منصفا الكافة المشكلات التي يعاني منها العراق، وأعيد انتخاب نوري المالكي رئيسأ للحكومة العراقية، وإتفق الكورد مع حزب الدعوة ورئيسه نوري المالكي على ثماني عشرة نقطة.
استبشر العراقيون من الاتفاقية خيرا وعلقوا الآمال عليها لوضع نهاية للمأساة الامنية والخسائر الاقتصادية والفوضى العارمة التي حلت بالبلاد، ولكن السياسة الهوجاء التي انتهجتها الحكومة المالكية بحق الكورد والعرب السنة وقسم من الشيعة العرب، احالت العراق الى جحيم لا يطاق من الفساد والبؤس والشقاء والفاقة والتهميش والاقصاء، وشخص المالكي نقض العهد والوعد، ولم يطبق شيئا من إلتزاماته، بل سعى جاهدا مع الموهومين والفاشلين وفاقدي المصداقية والنزاهة الذين كانوا يحيطون به الى شن حملة ظالمة وغير أخلاقية ضد الاقليم وشعب كوردستان، كما إنهم اخفوا الحقائق عن الشعب العراقي، من خلال ممارسة اللعب الشيطانية والرسائل الملغومة والإفتراءات و التصريحات والفذلكات الإعلامية، وإلصاق التهم والتلفيقات، وإصدار التصريحات الشوفينية المليئة بالحقد والكراهية تجاه الكورد، ولو كانت عند المالكي أسلحة صدام، ولو كانت الظروف المحلية والاقليمية والدولية، كعهد صدام، لما تردد في استعمال السلاح المشابه للسلاح الذي استعمله صدام ضدنا، ومع ذلك فرض حصارا إقتصاديا ظالما على الاقليم.
مع بداية الشهر الحالي، وبعد أن طفح كيل الفساد والفضائيين، ووصلت خزينة الدولة الى حافة الافلاس بسبب نهب وسرقات الحكومة المالكية، وانهيار الاقتصاد العراقي، جرت مباحثات بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية توصلتا خلالها الى التوقيع على إتفاق وقتي ينهي الخلافات المالية والنفطية بين الجانبين، ولكي يؤتي هذا الاتفاق ثماره و يتم تطبيقه على أرض الواقع، ولكي لايكون مصيره كمصير الاتفاقيتين السابقتين اللتين وقعتا في 1970 مع البعث و2010 مع الدعوة.. لابد من استمرار الحوارات والمفاوضات بين الطرفين للتوصل إلى حلول شاملة لجميع الخلافات، والاسراع في تنفيذ المادة 140من الدستور، وتعظيم منافع الثروة النفطية لخدمة الشعب العراقي، والعمل على تشريع القوانين المهمة اللازمة، وفي مقدمتها قانون النفط والغاز الذي تأخر لأكثر من ست سنوات. |