هناك بعض السياسيين لم يتعودوا ألا على رؤية السلبيات والشك في كل تصرف والتعامل مع كل المواقف من خلال نظرة مدانة تفترض مسبقا النوايا السيئة بالآخرين و هؤلاء لا يعتبروا النقد كبند هام في الممارسة الديمقراطية وتقويم الأخطاء والكشف عنها و معالجتها . من اجل بناء مجتمع ديمقراطي فعال ونظام اقتصادي متين يصعب اختراقه من قبل الآخرين. أن النقد البناء الموضوعي يجب إن يعمم على كل الممارسات والصيغ واللجوء إلى هذا الأسلوب يتم بضوء المصلحة العامة لا على حساب النوايا الفردية الخاصة ، من هنا يجب أن ينصب النقد على كشف الحقيقة ويكون ذو صبغة أخلاقية ، كما أن ممارسته في الصيغة العلنية تتطلب وعيا عاليا بعدم استغلاله من قبل الآخرين فبعض الأطراف تحاول إن تركب الموجة للاستفادة من المناخ الديمقراطي من جهة والتركيز على السلبيات فقط دون أيجاد الحلول العلاجية لجهازنا الإداري الذي يعاني الكثير من الأمراض الموروثة من التقاليد السيئة والآفات الاجتماعية والظروف الصعبة التي مر بها العراق قبل وبعد عام 2003م. وكخطوه أولى يجب على كل موظف حكومي أن يوقع على تعهد خطي يلتزم بموجبه بقواعد السلوك الواردة في (قانون انضباط موظفي الدولة رقم 14 لسنة 1991) كشرط من شروط التوظيف ووضع برامج عامة للتثقيف وتنمية النزاهة والاستقامة والشفافية والخضوع للمحاسبة بالإضافة إلى إلزام المسئولين بالكشف عن مصالحهم المالية وإعادة الاعتبار القانوني والإداري والاجتماعي للموظف والوظيفة وبما يؤمن بناء أسس وقيم وظيفية يصعب التجاوز عليها مثل إعادة الاعتبار للشهادات الدراسية المختلفة والكشف عن حالات الشهادات العلمية المزورة التي حصل عليها البعض من الموظفين , وكذلك إعادة النظر بالرواتب والحوافز المادية للموظفين بما يؤمن لهم المستوى ألمعاشي الذي يتلاءم وخدماتهم التي يقدمونها. بالإضافة إلى العمل وفق متطلبات الإدارة الحديثة التي تعتمد العلمية والشهادة والالتزام في تنفيذ تعليمات الدولة بشكلها الصحيح دون خوف أو محاباة للآخرين أو انتقائية اجتهادية , مع استخدام وسائل الإعلام والصحافة وخاصةً الإعلام الداخلي بشكل خاص بالتوعية حول جرائم الفساد الإداري والمالي وكشف الممارسات الخاطئة في مرافق الإنتاج وعدم التركيز على الانجازات والمبالغة المفرطة بالإعمال التي تقوم بها تلك الشركات . حتى إن البعض من تلك الأجهزة الإعلامية لا تنشر الموضوعات التي تتناول النقد البناء لاداءها وتعتبره خط احمر لا يمكن تجاوزه وكأنها ملك صرف لمديرها الأعلى, فهو الذي يقرر ما ينشر أو لا ينشر, علماً انه لم يكتب يوماً موضوع فني أو مهني يبرر فيه سبب تدني الإنتاج لتلك الشركة التي يدير, مما يقلل أو يلغي مساهمة هذه الأجهزة الإعلامية في التوعية والكشف عن حالات الفساد.
ومن الملاحظ انه كلما ضعف الولاء الوطني , وكلما ضعف دور الحكومة, واهتزت مبادئ الأخلاق والدين لدى بعض المسئولين عاد الولاء الضيق للأسرة والعشيرة والقبيلة , فأصبحت تلك الشركة ضيعة لذلك الرجل وأسرته المقدسة وراحت تعج بأهله وأبناء عمومته وهم يحيطون بمكتبه العامر بالأثاث الأنيق رافعين شعار حمايته من الأعداء , هذه التصرفات تجعل من الفساد ( آلية مشروعة ) لإدارة العمل بهذا الشكل المرفوض والذي لم نألفه من قبل ولم نقرأ عنه في كتب الإدارة أيام الدراسة في الجامعات وكأنه واحداً من أمراض العصر الحديث حاله حال - الإرهاب الداعشي - الذي غزى عالمنا الإسلامي هذه الأيام. كما إن هناك الكثير من دوائرنا الحكومية وقعت في شراك النزعة الاستهلاكية والترف البرجوازي المفضوح , والمظهرية المفرطة في شراء الأثاث والبناء غير المبرمج والمبعثر أحيانا والاهتمام بإقامة الحدائق والأرصفة وتلوينها بالأصباغ عبر المظاهر الشكلية المفضوحة كواحدة من تعبيرات اللهاث وراء الارستقراطية بزيها الغربي باعتبارها واحدة من الانجازات التاريخية التي تسهم مستقبلاً في تثبيت الكراسي على ارض المناصب المدعومة محلياً وحكومياً , وهذه واحدة من منزلقات رأسمالية الدولة, أو تبرجز الملاكات الحكومية السريع , وما من حل لهذه المخاطر ألا بتعزيز الرؤية العلمية وبناء الكوادر المتقدمة المثقفة , وتنشيط الممارسات الديمقراطية داخل دوائر الدولة في أطار ديمومة رقابة شعبية مع التحديث المستمر لأجهزة الدولة وعناصرها القيادية . أن ضعف السلطة وانقسامها , ووجود كتل وتيارات متناقضة فيها , سوف تكون مرغمة على التهاون في القضايا والمصالح الوطنية الأساسية ومنها مسألة مكافحة الفساد بكافة أنواعه مما يجعل اختراق أجهزتها والتغلغل فيها امرأ ميسوراً بل يصبح حقيقة واقعة وثابتة لا تجد الحكومة بعد حين بداً من القبول بها كأمر واقع , أو الثورة عليها من خلال أحداث تغيير جذري وحاسم في بنية مؤسسات الدولة لذا أرتئي القيام بثورة (ثقافية – عسكرية) على الفساد الإداري والمالي في كافة أنحاء العراق على خطى ( الحشد الشعبي ) بعيداً عن الشفافية التي جاءت بها الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد( 2010 – 2014 ) الفاشلة, تبدأ من القمة إلى القاعدة وليس العكس , لغرض محاسبة مرتكبي المخالفات من موظفي المؤسسات الحكومية سواء كانت هذه المخالفات مالية أو قانونية أو إدارية أو أخلاقية وأبعاد من تثبت أدانته بتلك المخالفات عن المواقع القيادية في دوائر الدولة وشركاتها وأحالتهم إلى المحاكم المختصة , وتنصيب ذوي الكفاءات ممن مشهود لهم بالنزاهة والصدق والإخلاص بعد أن يعرض من تناط به المسؤولية على لجنة من المختصين الكبار لغرض تقييمه, على أن يعاد النظر بأداء المسئولين الكبار كل عام من قبل لجنة وزارية على مستوى عال. وأخيراً كل الشكر والتقدير لكل الذين يساهمون بمحاربة الفساد بكافة أنواعه بالفكر والقول والعمل والتوجيه...سائلين المولى أن يوفقنا جميعاً في مواجهة التحديات التي تواجه مجتمعنا العراقي الجديد
|