اﻻرهاب والفساد جبهة حرب واحدة


تعدد جبهات المعركة يزيد من استنزاف القدرات ، بيد ان ظروف الحرب وحساباتها قد تفرض على المتقاتلين مثل هذا التحدي عند إنعدام الخيارات اﻻخرى ، فالحروب لم تعد ذات بعد عسكري فقط ، وليس بالضرورة ان تحصل بالمواجهة المباشرة بين الخصوم ، فقد انتقلت الى ساحات اﻻقتصاد والتجارة والسياسة والطاقة والمياه والمحاكم والتكنولوجيا وغيرها ، متخفية احيانا وراء الصراع باﻹنابة واﻻرهاب والفساد وأشكال الدبلوماسية الناعمة .
بعد احداث العام 2003 أفرز التخبط اﻻمريكي في العراق طبقة ( سياسية فاسدة ) تبنت منهج الطائفية السياسية ، واستبدلت النظام المؤسسي الوطني ببناء ( اداري فاسد ) قائم على التخادم ، وهو ماأوجد تاليا ( فسادا ماليا ) كنتاج لثنائية السياسي - اﻻداري  من جهة ، وكضرورة ﻹدامة منظومتيهما من الجهة اﻻخرى  .
توحش الفساد الموصوف وسع دائرة الضحايا ومعاناتهم ، وخلق حالة من تنامي الرفض والتمرد واﻻحباط كاملت البيئة المثالية للتطرف واﻻرهاب الوافد والمحلي فشلت الحكومات الﻻحقة في معالجتها ، بسبب افتقار تدابيرها للرؤية الشمولية تشخيصا ومعالجات ، فالتعامل الفوقي  مع مفرزات اﻻرهاب دون التجذر في اسبابه قد قصر المواجهة معه على اﻻساليب اﻻمنية ، وأفضى الى مزيد من الفشل والتعقيد والتضخم إنتهت بسقوط مايقرب من نصف مساحة البلد بيد عصابة صغيرة كداعش .
ازاحة الستار رسميا عن جزء من اﻻعداد الفلكية لفساد ماعرف ب ( الفضائيين ) المتسللين الى اخطر مفاصل الدولة ، وهي معلومات معروفة مسبقا للراي العام ، عرى العﻻقة العضوية بين الفساد بمستوياته الثﻻث ( السياسية . اﻻدارية . المالية ) وبين اﻻرهاب ، ليضعهما في مستوى واحد من الخطورة وجبهة واحدة من المواجهة .
ان العﻻقة التكاملية بين الفساد واﻻرهاب تضعهما في خندق واحد بما يستلزم فتوى جهادية وحشدا شعبيا ضد الفساد اسوة بماحصل من استنفار عام على جبهة الصراع المسلح مع عصابات داعش اﻻرهابية ، وهي مهمة جسيمة ﻻتقوى على حملها الحكومة الفتية بمعزل عن القوى السياسية الوطنية والمجتمع المدني والمرجعيات الدينية الكريمة والعشائر العراقية اﻻصيلة ، وتتطلب انسجام الرؤى والستراتيجيات التي تحققها المصالحة الوطنية في اﻻنتقال بالمجتمع من حالة الصراع وفقدان الثقة وأعباء الماضي المرير نحو اﻻستقرار والسﻻم والتعاون تحت ظلال دولة المؤسسات الناجزة والقانون والمواطنة .
ان مشروع المصالحة هو اﻻطار المتماسك  للتفاعل الناجع مع القضايا الوطنية الكبرى كالاستقرار والتنمية ودحر اﻻرهاب ومحاصرة الفساد ، وهو مايعمل عليه السيد اياد عﻻوي مسؤول ملف المصالحة الوطنية ونائب رئيس الجمهورية بدأب متواصل ، من خﻻل حشد الطاقات الوطنية ، وتوظيف الجهود العربية واﻻسﻻمية والدولية في مواجهة التحديات الجسيمة وقيام الدولة المدنية الحديثة .