· ثورة أعادت المسلمين الى البيعة بمعناها الذي ارساه الرسول "ص" والخلفاء الرشدين "رض" بعد ان إغتصبها معاوية.. بسلوك خارج على سنة محمد وخلفائه وآل بيته الاطهار
إنهار الإمام الثائر.. أبي عبد الله الحسين، جسديا، أمام قوة زحف الجيوش وخفق سيوفها.. فرسان متمرسين على وحشية القتال، الذي لا يشكل له ولأهل بيته وأصحابه.. عليهم السلام، سوى هامش؛ لإنشغالهم بالعبادة والعلم.
وهن العظم وتعطل العضلات، فتوهجت قوة الايمان، منتصرة على ضعف البدن؛ ما جعلها تنتصر على الرجال والرماح والنشاب وحزة عنق الحسين ذبح بها العسكر، في "الطف" سيدهم وهو في طغيان عزه الزائل، هناك.. في "دمشق".
لم تكن طاقات جسد الامام خارقة، بالمعنى الحديث، للمصطلح، لكنه.. مع اثنين وسبعين رجلا، إصطفوا مع الحق بمواجهة الباطل، إنتصر وما زال يتجدد نصره، في كل عام، متوسعا في ترسيخ معنى الشهادة وأهداف الثورة والرضى بالموت والسعادة بالنهاية التي شكلت بداية جديدة للعالم.
الطف
من واقعة "الطف 61 هـ" تأسس وعي جديد، بدءاً من مراسلي الحسين، وهو في المدينة المنورة، يدعونه للقدوم؛ كي يتسلم الخلافة، ثم لم يكتفوا بعدم الوفاء؛ جبنا، حين رأوا جيوش يزيد، إنما تنكروا لعهودهم، وإستغربوا شخص الحسين، وهو يسميهم باسمائهم ويواجههم برسائلهم.
هؤلاء خجلوا مما فعلوا؛ فثاروا بعد اربع سنوات، على ذواتهم أولا، ومن ثم تهاووا بيد عدو لا يرحم؛ أجهز على ثورتهم في غمضة عين، لكنهم كسروا حاجز الخوف من السطوة الاموية، وشرحوا حقيقة سلطتها القائمة على الوراثة، خلافا للشرع وللعهد المبرم بين الحسن بن علي بن ابي طالب.. عليه السلام، ومعاوية بن ابي سفيان، والذي يقضي بإستخلافه، وريثما يرحل، يتبوأ الامر رجلا يبايعه المسلمون.
البيعة
إستشهاد الحسين، أعاد المسلمين الى التفكير بصواب جادة البيعة بمعناها الذي ارساه الرسول "ص" والخلفاء الرشدين "رض" بعد ان إغتصبها معاوية، وهو ليس جديرا بها، وفق المواصفات الاسلامية، إنما إستحوذ عليها، عنوة، بسلوك ينافي الشرع ويخالف الايمان، خارجا على سنة محمد وخلفائه وآل بيته الاطهار.
لذا ونحن نستذكر الواقعة بمعناها الثوري العظيم، لا نقف عند قوة الجسد او ضعفه، إنما نسمو.. معها.. في فضاءات لا نهائية، من أسرار جسد بشري يتمزق بسيوف ورماح وسهام وحراب عشرات الالوف من الفرسان؛ لتنتصر به هزيمة اللحظة الظاهرية، الى فوز ابدي يشع من عمق جوهر التاريخ.. الى الابد، فائضا يسقي مديات تنفتح الى خارج أنطقة المكان والزمان والحاضنة العربية للإسلام؛ إذ تأثرت تجارب غير إسلامية بمعطيات ثورة الحسين، تناظرا مع وهن السيد المسيح.. عيسى بن مريم.. عليه السلام، الذي واجه صالبيه بضعفه البدني وقوته الايمانية؛ فإنتصر شاغلا المطلق الى آخر ذبذبات الوجود.
تناسخ
إنها تجارب تتناسخ، سائرة على سراط الإيمان بالآخرة لتقويم الدنيا.. صلب المسيح وذبح الحسين وصوم غاندي و... محمد باقر الصدر ومحمد محمد صادق الصدر، ليسا آخر حلقات السلسلة؛ فالحبل على الغارب.. الشر موجود يظلم والخير متأهب بمواجهته حتى يوم القيامة...