تسألني حبيبتي الغالية الجميلة : لماذا تقولُ لي دائماً إنّك سعيدٌ بي ، وستحبّني أكثر بكثير من الآن ، عندما ينخفِضُ سعرُ النفطِ ، وتشِّحُ المُوازنة ؟ كيف يمكن أن تحبّ الآخرين كلّ هذا الحب ، وهم يهدّدونكَ يومياً بخفض راتبك إلى النصف ، وأنت لا تملك غيره .. بينما هناك احتمال كبير ، بأنّني ، أنا بالذات ، قد أكرهك حتماً ، إذا حدث ذلك !!! .. فأجيبها :
ياربّةَ العالم الضيّق ، والبيت المُستأجَرِ أبداً ، كوطنِ أسلافنا الغَجَرِ العِظام . يا أمرأة الغرفة اليابسةِ ، والسريرِ المُفرَد . إنّ سعادتي لاتوصَفْ ، عندما ينخفِضُ سعرُ النفطِ ، وتشِّحُ المُوازنة . سأحتفي بكِ ، وتحتفين َ بي .. وتغمرنا الكثير من السعادات الصغيرة . سنجلسُ معاً لنتدفّأّ بدنانيرنا القليلة الطيّبة . نشتري بها خُبزَنا كفافَ يومنا ، وننامُ بسلامٍ آمنين . وعندما سيطردنا المؤجِّرُ من الدار .. سنستأجِرُ داراً أصغر يشبهُ عش العصافير ، وينفتحُ على جهات الريح الأربع . وأثناء نومنا ، سنحلمً بأقتصادٍ " مُتنَوِّع " ، و" حُكْمٍ صالح " Good Governance ، وبلدٍ خالٍ من السَبَخِ والوَسَخ . غيرنا .. ستطاردهُ أكوامٌ من الدولارات الشبيهةِ بجثث " الأيبولا " . ولعنةُ الثروات الشائنة. وصفاقة الأقاويل التي لا تنتهي . وقصص الكوابيس الطويلة جداً. والحِرْصُ المُتأَخِّرُ للدولةِ المُفلِسَة ، على المال العام . النفطُ يُشعِلُ الحرائقَ ، فتَفِّرُ الحبيباتُ من القلب .. ويعتري الروحَ بردٌ شديد . أنا وأنتِ فقط .. سنشعرُ أنّ الحُبّ الذي بيننا ، يكبرُ ويتكائرُ ، مثل فرَحٍ " وحيد الخليّة " ، كلّما انخفض سعر " خام برنت " سنتاً واحداً . أنا وأنتِ .. الزاهدانِ الصغيرانِ جدّاً ، اللذانِ لم يسمع بنا أحد ، ولم يرنا أحد ، ولا يعرفنا أحد ، ولا يلتفّتْ إلينا أحد .. سنعيشُ حياةً يغمرها العرفانُ والرضا .. بعيداً عن لغو الوجوه المُسَخّمَةِ للزعامات البليدةِ ، وعن حصص " الريع " المسروقةِ من فم الجياع . أنا وأنتِ .. حتّى عندما نموت .. سنذهبُ إلى الجَنّة
|