رسالة إلى الصديق البعيد القريب نوري المالكي |
تحية طيبة أكتب لك هذه الرسالة الموجزة على إثر قراءتي لمقالك حول المراجعة الفكرية والتنظيمية لحزب الدعوة المنشورة في أكثر من موقع إلكتروني ، وكتابتي لك الآن كما هي كتابتي لك وعنك سابقا ، واضحة صريحة ، وإذا كنتُ لم أتملقك ولم أحابك ولم أجاملك فيما كتبتُ سابقا ،إيمانا بفكري وحريتي فإني سألتزم ذات المعايير ، وبإيمان أشد وأمتن بفكري وحريتي ، وأزيد أيضا ،إيمانا بقدسية الحقيقة يا أبا إسراء . لا أريد هنا أن أدخل بسجال طويل وعريض عن مضمون المقالة التي جاءت كما قلت ركيكة بائسة شكلا ومضمونا ، ولكن بودي ان أسالك يا رئيس وزراء العراق السابق بل يا أمين حزب الدعوة الإسلامية ، لماذا كنت ومحازبوك ـ وأعرفهم جيدا ـ تحجم من طرح هذه القضية ، قضية المراجعة ، وتتهرب من ذلك ؟ وكانت المواقع تضج بالمقالات والكتابات عن ضرورة هذه المراجعة ؟ وشخصيا كتبتُ مقالا في موقع إيلاف بعنوان: ( نهاية حزب الدعوة بنهاية المالكي ونهاية المالكي بنهاية حزب الدعوة) ،داعياً إلى إعادة النظر بالمسيرة ، رغم اني خرجت من دائرة بلاء الإسلام السياسي ، وإنما أفكر بحزب الدعوة ،لأنه حزبٌ عراقي عريق ، أعطى مئات بل آلاف الشهداء على طريق الأخلاق والبناء ، حتى جئتَ أنت يا أخي ومحازبوك وأفسدتم ما تبقى من شموخ وتاريخ ، بانتهاجك سياسة فردية عمياء ، في إدارة الدولة ، وإدارة الحزب ، إنْ كنتَ حقا تؤمن بالحزب وأفكار الحزب ومصير الحزب . نعم ، سوف أتقدم بذلك بين يديك وإنْ لم تسمح لي ، لأن ضميري سوف يحاسبني فيما لم أقدم على ذلك ، لأني مؤمن بما أقول والله على كل شيء شهيد. أخي العزيز ، ولا أخافك في ما أقول ، كما كنت لا أخاف (عظمة ) سلطانك وقوتك، لأني كنت أعلم والله شاهد على ما أقول، إنها عظمةٌ ليست بمحلها، و سلطةٌ ليست مستمدةً من صقع التجربة الخيرة، ولا قوةٌ تستند إلى معيار الموضوعية، ولكن هي الصدفة جاءت بها، وخلقتها، وحتى لم تعمل على تنميتها، بل بقيت عظمة في الهواء ، فارغة من كل مضمون. أنصحك أن تبتعد عن الدعوة، لأن الدعوة هي بحد ذاتها، فكرا وتاريخا لا تقبلك، ترفضك بحق، خاصة وأنت الذي ساهمت أيَّ مساهمة بذبحها ، بسلخها ، بتعليبها مصالح ومطامح على قد الذات، وعلى قد عنفوان شهوة الحكم المقيتة، فهي تناديك من أعماقها أن تتركها، لعلها تضمّد جراحها الدامية. أنصحك أن تخرج على العالم، وتعترف بأخطائك الجسام، بحق العراق، وحق الشيعة، وحق حزب الدعوة المسكين، وحق المخلصين الذين أقسمت بينك وبين نفسك أن تمهرَ على جباههم حرمانَهم من خدمة العراق، حيث كنت تفتّش عن شذّاذ المصالح والمفاسد ومحبّي المال الحرام والجاه الأجوف، الذين يأنفون الفريسة فيما هي بعيدة عن المنال، ولكنهم يتهافتون عليها حينما تزكمُ أنوفَهُم رائحتُها المزعجةُ المؤذية ،فهل أقول كذبا بحق الرب الذي تعبده يا أبا إسراء؟ انتصر على نفسك، ثُر على ماض يستحق الثورة بكل إخلاص منك، وبكل شجاعة منك، واتجه إلى الرب الجليل، وكما قلت لك لست واعظا، ولكن ليس كل ناصح يجب أن يلتزم نصحه مع نفسه ، فتلك فلسفة ميتة، ولعل من النصاعة الروحية والشفافية الضمائرية، أنْ يقدِّم لنا ناصحٌ ما تستقيمُ به حياتُنا وهو يعترف في الوقت ذاته، أنه مذنب خطّاء. |