الغباء العربي الساطع؟!!

واقع الحياة المعاصرة يتميز بظاهرتين متوافقتين مع الليل والنهار , الأولى تتلخص في سيادة الماضي على الحاضر والمستقبل , والثانية بسيادة الحاضر والمستقبل على الماضي.

فالعالم مشطور إلى حالتين متناقظتين تماما والفرق بينهما كالفرق بين الليل والنهار , ومجتمعاتنا العربية تعيش في الليل وهي غير قادرة على إنارته لعجزها على صناعة الكهرباء , بسبب عللها الماضوية , وكون الماضي بلا كهرباء!!

المجتمعات العربية تريد العيش في عالم دامس , تنشط فيه العظايا والآفات والوحوش الكاسرة والدببة , ولا تسمع فيه إلا عواء الذئاب وزئير الأسود , وصراخ الضحايا والفرائس البريئة.

فلا داعي للكهرباء والماء الصالح للشرب ووسائل الإتصال والنقل والخدمات بأنواعها , ما دام كل شيئ يبدو أسوَدا وخانقا , وأن الوجود في الدنيا مأزق خطير , وعلينا أن نتحرر من إثم الحياة بصناعة الموت وتحويلها إلى ميدان فناء!!

هذه الأفكار المريضة الشاذة المناهضة لأبسط بديهيات القيم والعقائد والأديان , يتم تغذيتها وتقويتها من قبل أعداء العرب , الذين وجدوهم فرائس سهلة وتريد القيام بدور الضحية , لكي تغنم الآخرة بجنتها وحواريها وأشجارها التي تجري من تحتها الأنهار, وكأن البشر قد خُلق عبثا!!

كما يتم تنمية الرؤى والتصورات السلبية المتعارضة مع إرادة الحاضر والمستقبل , وحشر الأجيال في حفرة ماضوية ودفنهم فيها , وفقا لآليات تفاعلية إنفعالية مؤزرة بأعمال قبيحة , تبرهن على ضرورة الإمعان في حفر الحفرة التي وقعت فيها الأجيال.

ووفقا لذلك أصبح العرب يصنفون إلى ألوان وفئات , ومجاميع وأحزاب وفرق وجماعات , محشوة بطاقات عاطفية هوجاء ضد بعضها البعض , ويتم تسليحها بقدرات الإنقضاض على بعضها البعض , والتفرج عليها في ميادين القتل العقائدي المباح والمبرر بألف تصور وتصور , حتى صار قتل العربي للعربي من مراسيم وطقوس تقربه إلى ربه الذي يعبده , ولا يُعرف اليوم أي ربٍّ يعبد العرب , فلكل فئة ربّ وكتاب وشرائع وعبادات , وهي تدّعي ما تدّعيه من أنها الإسلام الحق وغيرها الباطل المبين؟!!

فهل يوجد أوضح وأسطع من هذا الغباء الفاحش؟!

وأين المصلحة الوطنية والإنسانية والعقائدية فيما يجري ببلاد العرب وفقا لآليات الإدعاء بدين؟!!

إذا كان الدين يُراد له أن يعمل ما يعمله في العرب اليوم , فلن يبقى عند الأجيال العربية القادمة أي دين!!

فهل سيدرك العرب وجودهم ودينهم , أم أنهم سيمعنون بسلوك الغباء حتى يأتي مَن يواريهم في حفرتهم التي ينطمرون فيها أجمعين؟!!

تلك حقائق مؤلمة تستدعي اليقظة والتنبيه بأقسى الأساليب , فقد زأرت آفات الوعيد الشديد والعرب ما استفاقوا ولا تنبهوا!!!