أبواب النواب مغلقة حتى حين


اشتكى كثير من الاعلاميين في الايام الماضية، من ان «عدداً كبيراً» من اعضاء مجلس النواب في دورته الحالية، لا يجيبون على اتصالاتهم الهاتفية وانهم «أغلقوا» هواتفهم النقالة.
وفي الحقيقة، فان كثيراً من اعضاء مجلس النواب تجاهلوا ليس فقط الرد على هواتف الاعلاميين، بل انهم ضربوا صفحاً عن مطالب الناس، فلم يتخذوا موقفاً، بل حتى انهم لم يدلوا بتصريح، بشأن مأساة قطع الرواتب التي تعرض لها كثير من العاملين في مؤسسات وزارات عراقية؛ كما لم يلتفتوا الى التظاهرات والاحتجاجات التي قام بها منتسبو مؤسسات تابعة لوزارة الصناعة والمعادن مثلاً، طيلة ايام؛ بسبب قطع رواتبهم، فكيف يجعلون من انفسهم نواباً عن الشعب، اذا لم يلتفتوا الى تلك الامور الحيوية التي تهم معيشة الناس وارزاقها؟
ام انهم اطمأنوا الى حقيقة ان الانتخابات العامة انصرمت لتوها، وان الانتخابات المقبلة ما زالت بعيدة؛ وبالتالي لا ضرورة بحسب وجهة نظرهم للدفاع عن مصالح الناس، الا اذا جرى الأمر قبل ايام او اسابيع من الانتخابات!
هكذا يفكر بعض نوابنا وسياسيينا، وهكذا يستهينون بمصالح الناس بقدر تعلق الامر بمصالحهم هم، فلقد كان النواب يصولون ويجولون ابان الحملة الانتخابية السابقة، وكانوا يفتحون خطوطهم الهاتفية للجميع، ويملؤون الاعلام المرئي والمسموع والمقروء بوجودهم، وكانت اصواتهم ترتفع بشدة للمطالبة بتخفيض رواتب المسؤولين او غيرها من الامور، بل ان بعضهم شارك في احتجاجات؛ هذا قبيل الانتخابات، اما الآن فكأنما على رؤوسهم الطير كما يقال؛ فلا حديث عن «مظلوميات» الناس، ولا كلام عن المستحقات المعيشية لهم، وفوق هذا فان كثيراً من النواب سارع على الفور بمجرد اعلان عطلة المجلس التشريعية، الى شد الرحال الى بلدان اخرى، وكأنهم فرحون بتأجيل الملفات المهمة التي لا غنى عنها، ومنها الموازنة، والنفط والغاز؛ وملفات الفساد التي باتت اخبارها ـ مجرد اخبارها ـ تزكم الانوف، فما بالك اذا فتحت وعوقب المفسدون؟! اضافة الى قوانين اخرى واجبة الاقرار العاجل.
يفترض بعضو مجلس النواب وتلك بديهية، ان يدافع عن مصالح ناخبيه الذين تسلم المنصب بأصواتهم، اذ انه بمجرد حضوره الى المجلس سيكون ممثلاً للشعب كل الشعب، وليس فقط الذين صوتوا له، ومثل هذا الامر تعلمنا اياه الانتخابات في الدول الديمقراطية؛ على النائب وكذلك المسؤولين التنفيذيين ان يتكلموا باسم جميع الناس وليس باسم 30 او 40 او 50% ممن صوتوا لهم، وهكذا تبنى الدول وتلبى مطالب الناس وليس بالتقاعس وترك مصالح الناس وقضاياهم طيلة اربع سنوات هي عمر الدورة الانتخابية؛ ثم التطرق اليها بعد انقضاء تلك السنوات الاربع! عندما يكون الشعب عانى ما عانى، بسبب تكاسل كثير من النواب.
ان على نائب الشعب ان يدافع اولا عن مصالح ناخبيه، ونعني بهم عموم العراقيين، حتى اولئك الذين قاطعوا الانتخابات؛ فان لهم صوتهم النافذ بالتأكيد، وان عليه ان يعبر عن مطالبهم ويسعى لتلبيتها وتنفيذها، وله بعد ذلك ان يأخذ عطلته ويتمتع بها؛ اذ ليس من احد يحسده حينئذ، بعد أن يكون الجميع قد نالوا مرادهم بفعل تفاني النائب واخلاصه.