الحياة تقوم .. بالمادح والقادح

 

لماذا تقديس الشخصيات؟ .. ألا يكفي أن يقدموا في ثوبهم العادي؟ .. بهذه الأسئلة بدأ حديثه .. وهو يحدّث العالم الفقيه بوعبد الله .. الصحابة.. والخلفاء.. والفقهاء.. وأهل الفكر .. والساسة.. والقادة العسكريون.. هم أناس .. كل تميّز بما جعله مميّزا عن غيره .. فلتحفظ ميزاته .. ولتعلن .. وتكون قدوة لغيره .. في الحفاظ عليها .. والاستزادة منها .. ويأخذ منها المرء .. بقدر مايعزّز موقفه .. وينشر الفضيلة بين أفراد المجتمع .. ويقوي أركانه .. ويدعمه ..

و يصبح التعامل.. مع شخصية كغيرها من الشخصيات .. لكنها تميّزت.. وبتميّزها نالت التقدير والاحترام ..

والمجتمع العادي.. هو الذي يتعامل مع الشخصية .. على أنها.. شخصية عادية.. في مظهرها .. لذلك تميّزت بعطائها .. بفضل مابذلته .. وأنفقت حياتها لأجله .. وأجل صالح المجتمع ..

إن التعامل مع الشخصية .. على أنها فوق النقد .. والسؤال.. ومحاربة كل من ينتقدها .. وتوجيه التهم له .. واستصغاره واحتقاره.. وتهديده في حياته .. وفكره.. وماله.. وعائلته.. لهو ..

إحتقار للنفس أولا .. فالنفس أعز من أن تنظر لغيرها.. هذه النظرة.. ولو أغدقت عليها بكل أنواع المدح والثناء.. وكذلك إلحاق الضرر بالشخصية المعنية بهذا التقديس .. فيضفي عليها التابع .. ماليس لها .. ولا منها .. وقد يلحقها جراء ذلك .. الغرور.. والتطاول.. فتهوى إلى قاع سحيق .. فيهوى معه .. الشخص.. والفكرة.. فيفقد الناس الثقة في كل شخص يحمل تلك الميزات العالية الغالية.. لأنهم رأوا رأي العين .. سقوطها وسقوط صاحبها .. فيستلزم وقتا .. وجيلا.. لإسترجاع الصورة الناصعة .. وإعادة تكوين شخصا .. يحمل بين جنباته .. ميزات تميّزه عن أفراد المجتمع ..

بين يدي الآن.. كتاب، عن.. نيوتن.. ضمن دفتي صفحاته .. إختار صاحبه .. هذا العنوان .. نيوتن بين مادحيه وقادحيه ..

وراح يسرد .. قول المادح .. وقول القادح .. وبقي نيوتن .. ذلك العملاق.. الذي سيظل يذكره التاريخ.. كلّما حاول.. الانفكاك من أسر .. الجاذبية.. ولم يتهم أصحاب المدح .. أصحاب القدح .. ولم يهن أهل القدح.. أهل المدح .. ولم يتهم أحدهما الآخر .. ولم يقل له ويلك .. أتدري من تنتقد؟ .. هل أنت في مستوى نيوتن؟ .. ولم يرد الآخر، أن .. نيوتن.. فوق النقد .. وأتى بما لم تأتي به الأوائل.. واستمر التاريخ .. في إنجاب حفدة .. للمادحين.. وللقادحين.. ولنيوتن.. وغيره .. فالحياة تقوم .. بالمادح.. والقادح