لوبي النفط والطاقة

لا ندري ، اين ذهب علم الأقتصاد ودهاقنته ومنظروه ، والاف الحواسيب الخارقة لأستشراف مستقبل الأقتصاد ، بحيث تندلع أزمة مالية عالمية دون مقدمات ، فتصبح دول كبرى مفلسة ما بين عشية وضحاها ، لنسمع بعدها عن أرقام مخيفة وغير مسبوقة لمستوى البطالة !  
نسمع كل يوم عن أراء متناقضة عن وضع النفط ، ما بين متشائم من أن الثروة النفطية قابلة للنضوب في الأفق المنظور ، وما بين مفرط بالتفاؤل الى درجة التبجح خصوصا من قبل الدول النفطية ، ولا تبدو قاعدة (العرض والطلب) سارية ، فمنذ سيطرة (داعش) على منابع نفطية مهمة  في العراق وسوريا ، وتخريبها لشرايين التصدير المهمة  ، انخفض سعر النفط الى النصف تقريبا ، بينما المنطق يقول أن اسعار النفط سترتفع عند أي توتّر يُلم بالدول المصدّرة حتى لو (عطست) !، النشرات الأقتصادية تبرر ذلك أن الطلب قد انخفض على النفط  ، ولا أعلم كيف ينخفض الطلب على عصب الحياة العصرية والصناعة والتكنولوجيا الى هذه الدرجة ونحن على الأقل على ابواب الشتاء ! ، لكن الأحتمالين الوحيدان اللذان يجعلان مبدأ (العرض والطلب ) قابلا للتطبيق هو أولهما تسابق شيوخ الخليج الى رفع سقف الأنتاج كما هو شأنهم  دائما ، حتى لو كان ذلك سببا في خراب دول بأكملها خصوصا العراق ، انطلاقا من مبدأ (مصائب قوم عند قوم عند قوم  فوائد) ! ، والاحتمال الثاني ، أن (النفط الداعشي) ، قد وجد طريقه الى الأسواق العالمية ! .   
وهنالك سبب ثالث ، فبدلا من ايجاد بديل رصين ونظيف للطاقة ، صرنا نسمع دعايات محمومة عن ما يسمى (الوقود الصخري ) ، علما أن كلفة استخراجه أضعاف ما للنفط الأحفوري التقليدي ، والأدهى أن استخراجه يحتاج الى كميات كبيرة من المياه العذبة الساخنة والتي تحتاج الى طاقة بدورها ، والجميع يعلم ، أن العالم يعاني من نقص حاد في المياه العذبة ، دون أن نسمع أي شكوى من المنظمات البيئية التي طالما ملأت العالم صخبا عن مضار الأسراف المزعوم  في حرق الوقود ، ولكن يبدو أن تلك المنظمات تأخذ بنظر الأعتبار الجهة التي (تحرق) الوقود ، خصوصا الدول النامية !. -- أقرأ مقالتي (احترار الكوكب ، أكذوبة ؟! - 30 تموز 2013).
يبدو من التنافس المحموم بين شركات أنتاج السيارات الكهربائية ، أن هنالك توجها للتقليل من انبعاث غاز ثاني أوكيد الكربون ، ولا أجد أي علاقة بين انتاج السيارات الكهربائية والتقليل من التلوث البيئي ، ففي كل الأحوال انت بحاجة الى أعادة شحن سيارتك الكهربائية ، أو تزويدها بالهيدروجين الذي يحترق داخل محركات لا تختلف كثيرا عن محركات البنزين التقليدية ، أو السيارات المجهزة بخلايا الوقود التي تحتاج غاز الهيدروجين ، أو حتى السيارات الهجينة ، ففي كل الحالات انت بحاجة الى التيار الكهربائي ، فكيف ستحصل عليه بغير الطرق التقليدية ؟  -- أنظر مقالتي (ماذا تعرف عن الطاقة المتجددة- 29 كانون الثاني 2014).
في كرتنا الأرضية التي قال عنها شاعرنا (مظفر النواب) أنها وجر ذئاب ، كل شيء مسيس ويخضع الى (لوبي) غير منظور وبعيد عن الأضواء ، ابتداءً من الأنظمة السياسية ، مرورا (بأحزاب) المنظمات البيئية  والأعلام ، انتهاءً بمنظمات حقوق الأنسان ، فلكل تلك الواجهات معاييرها المزدوجة ، علما أن جميع انواع الطاقة البديلة (وان جاءت متأخرة جدا بسبب ضغط هذا اللوبي) ، بعيدة عن واقعنا العملي ومكلفة جدا ولا تلبي نهمنا للطاقة الذي لا رجعة عنه . ولا نعلم ماذا يخبّئ لنا غدا هذا (اللوبي) ، فقد نستيقظ يوما لنجد أنفسنا بلا أرض  !.