اعتاد المستشرقون على استعمال المصطح اعلاه لوصف طائفة من المسلمين الذين يعرفون اليوم بـ (السُنة ). فقد استعمله نيكلسون كثيرا في مؤلفاته وتابعه جيب واخرون. وقد ترجم الدكتور صفاء خلوصي قول نيكلسون الاتي في الخليفة المأمون: The new Calipha was anything but orthodox. بالنص الاتي: كان الخليفة الجديد كل شي عدا ان يكون سنيا. و امثلة هذا النقل كثيرة جدا في ترجمة الدكتور صفاء لكتاب نيكلسون تاريخ الادب العربي. فمثلا نجد لهذا المصطلح استعمالا تحت عنوان: (:(The triumph of orthodoxy(انتصار السنة) ، اثناء حديثه عن المتوكل الذي يصفه نيكلسون بقوله : استهل الخليفة المتوكل ارتقاءه عرش الخلافة باعلان المبادئ الاعتزالية الحادية وبالعودة الى العقيدة التقليدية. وقد اتخذت اجراءات صارمة ضد المنشقين ولم يبق في الاسلام بعد اليوم إلا مجال ضيق للتفكير المستقل. واعتبر الجمهور الفلسفة وعلم الطبيعة ضربا من الكفر ...واتخذت الروح الرجعية حوالي منتصف القرن العاشر للميلاد شكلا مبدئيا في نظام ابي الحسن الاشعري ابي الطريقة التقليدية في الاسلام التي هي في جوهرها مضادة للحرية العقلية. وقد ابقت تأثيرها الجامد دون تصدع تقريبا الى يوم الناس هذا. اما المستشرق جيب فيكرر المصطلح نفسه في كتابه (التيارات الحديثة في الاسلام ، 1947) في محاولة منه لتشخيص سبب الجمود والتحجر الذي اصاب الاسلام وتعاليمه بسبب الفكر الارثذودكسي الاسلامي بقوله : الاسلام دين حي وحيوي ، و يجتذب القلوب والعقول والضمائر لعشرات ومئات الملايين ، اذ يحدد لهم معايير حياة تعمرها الامانة ويحكمها العقل وتهديها تقوى الله. وليس الاسلام هو الذي تحجر ، بل صيغه الارثوذكسية (السنية ) و لاهوته المذهبي وعلم الدفاع الاجتماعي عنه. وهذا هو موقع الانفصال ومصدر الاستياء الذي تشعر به نسبة كبيرة من اكثر المؤمنين به تعليما وذكاء ... ولن يستطيع أي دين ان يقاوم التمزق اخر الامر اذا استمرت الهوة قائمة بين ما يفرضه على الارادة وبين جاذبيته لاذهان اتباعه. اذن كان المستشرقون يقصدون باستعمال المصطلح orthodoxy)) طائفة معينة من المسلمين الذين اتبعوا ابي الحسن الاشعري. والمصطلح يجب ان لا يعمم ليشمل جميع المسلمين السنة. فليس كل السنة يعادون الحرية الفكرية والفلسفة وعلوم الكلام. فالجاحظ نفسه – مثلا- كان معتزليا سنيا وكذلك عبد القاهر الجرجاني وابي حيان التوحيدي وغيرهم كثير. فالتعميم و الاطلاق لا يمكن ان يؤدي الى نتائج دقيقة وموضوعية. لذلك يمكن ان يكون المصطلح دالا على المتطرفين والمتشددين من السنة اتباع ابن حنبل وابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب والذين يعرفون بالوهابية او كما يطلقون على انفسهم بـ (السلفية) الذين ينقسمون – ايضا- الى اتجاهات وتيارات مختلفة.
|