من هم موظفو المنطقة الخضراء؟

الاكتشافات الأخيرة عن وجود حالات فساد في بعض مفاصل المؤسسات الحكومية ،ليس خبراً جديداً يذهل العراقيين ، بل ان بعض الأرقام هي التي جعلت البسطاء من شعبنا يصابون بنوع من الجنون نتيجة تلك الأرقام الفلكية التي لم تستطع مخيلة هؤلاء من تحملها خصوصا أنها تتحدث بلغة المليارات .

بعض المسؤولين تداركوا الموقف ، واخذوا يعلنون عن وجود فساد في هذه او تلك المؤسسة . لعلها صحوة ضمير متأخرة ، او تبرئة ذمة . برغم أن الجميع يعلم ما وصل اليه العراق من حالة الترهل والفساد ما جعل المنظمات الدولية المتخصصة تضعه ضمن الدول العشرة الأكثر فسادا . في مقابل هيئة النزاهة العراقية تتحدث هي الأخرى عن حجم الفساد ،ولكن بخطوات خجولة .ولعل الأمر في هذا الاستحياء أن بعض من اتُهم في قضايا الفساد يتمتعون بحصانة متعددة الانواع : برلمانية ، حزبية ، قومية ، مذهبية ، أخوانية...الخ ما جعل هذه المؤسسة المحترمة تصطاد صغار الموظفين . حتى أن احد البسطاء – من أهل الله- قال : أنها تصيد البقة وتخطئ البعير !

بالعودة – وعذرا عن الأطالة- إلى موظفي المنطقة الخضراء ،وهل هم من كوكب آخر ؟

يمكن القول أن الأمر قد يصل إلى درجة المبالغة عندما يكشف احدهم في تصريحه لأحدى الفضائيات العراقية : أن مخصصات هؤلاء تبلغ حوالي 550 مليار عراقي بالتمام والكمال لعدد يتراوح بين 26 الى 28 ألف موظف اغلبهم من أقارب المسؤولين والمتنفذين لاسيما الأخوان وأبناء العمومة وطبعا هناك حصة مميزة للنسب -لأنه قطعة من الكبد- كما يقال وموصى به من قبل ( أم جهال) .

وهناك معلومة قد تكون جديدة على بعضهم ، نقلها لي احدهم – والناقل الكفر ليس بكافر- انه تم توزيع قطع أراضي على هؤلاء الموظفين وصل سعر بعضها الى نصف مليار دينار واكثر ! لانها تقع في ارقى احياء بغداد . في المقابل بعض المؤسسات الخدمية تقول : لاتوجد اراضي داخل بغداد ،وما موجود هو من نوع الزراعي الذي يحتاج الى قانون يجيز تحويل الارض الزراعية الفاقدة هذه الصفة التي تقع داخل حدود مدينة إلى سكنية. معادلة غريبة : لا يوجد على شريحة ، وتوجد لشريحة مترفة !

مخصصات مليارية وقطع اراضي ورواتب يمكن ان تصل الى اضعاف مضاعفة المخصصات – والله يعلم ما يخفى – في حين يعاني الاقتصاد العراقي من مشكلة تدني اسعار النفط بسبب

احادية الاقتصاد. في وقت نفسه مطالب من العراق البحث عن مصادرأخرى لتمويل ميزانية دولته . مثلا مشروع الفاو الكبير الذي يحتاج إلى ثلاثة مليارات دولار كي يصبح شاخصا اقتصاديا . كان الأجدر في هذا الوقت إلغاء مخصصات موظفي المنطقة الخضراء لمدة سنة لتمويل مثل هذا المشروع العملاق وغيره من المشاريع التي يمكن أن تعود بالفائدة على جميع العراقيين . وفي نفس الوقت مثل هذه الاختبارات ستكشف مدعي الوطنية الكلامية والورقية وتحدد هويتها وتصنيفها ،وهل ستركب البعض الأنانية وهو يقول : نفسي أولا ،وهناك من يقوم بهذا الأمر نيابةً عني .