لماذا نلوم المواطن حين يشعر باتساع الهوة بين مطالبة الضرورية ومصالحه الأساسية، وبين نوابه في مجلس النواب الذين لا يأبهون لهذا المواطن وذلك من خلال نقاشات ونتائج تصويت يرى أن أغلبها غير متفاعلة مع الواقع، حتى بات الكثير من المواطنين المتفاعلين مع وسائل الإعلام ووسائط الاتصال يتذمّرون من هذا التباعد، وينكرون أن تكون ثمة صلات بينهم وبين نوابهم في المجلس، حيث يرون أنه لا يُمثّلهم، وليس معنياً بقضاياهم. والخلل ليس في المجلس كنظام، وهو الذي ينص في معظم مواده على خدمة الصالح العام، والحفاظ على وحدة الجماعة وكيان الدولة، ومصالح الأمة. المشكلة الحقيقية في التباعد بين النائب والمواطن هي عدم اضطلاع بعض الأعضاء بمسؤولياتهم وتحمّلهم الأمانة التي أُلقيت على عواتقهم، فالتزامهم فقط بقضايا الوطن والمواطن والعمل على حلّها - على سبيل المثال- كفيل بتحقيق التماس مع متطلبات المواطنين كضرورات وطنية تخدم الوطن والمواطن، ولا يجب أن يُنظر لها كأعباء على الدولة، لأنها في نهاية الأمر متطلبات وطنية تساهم في تنمية البلاد واستقرارها والحفاظ على وحدتها، بل وحتى جودة الناتج التنموي وأداء الموظف الحكومي وولاء المواطن، فإن رعاية المجلس لمصالح المواطن غير متعارضة مع مصالح الوطن، ولا يجب أن تظهر في نقاشات المجلس وتصويته ما يفترض هذا التعارض مطلقاً، فلا وطن بغير مواطنين منتمين ولا مواطنين بغير وطن يرعى مصالحهم ويحقق تطلّعاتهم، ولذا فالتصويت لمصالح المواطن هو تصويت بالضرورة لمصلحة الوطن ووحدته واستقراره، ولا يجب أن يتردّد المجلس في التصويت الجماعي لمصلحة المواطن؛ التي هي حتماً مصلحة الوطن، فمثلًا إقرار رفع الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين، والتأمين الصحي ومراقبة الأسعار، ومحاربة الغلاء والفساد والغش التجاري، وغيرها من المشاكل التي تتعلّق بالمواطن والحرص على الرفع من مستواه المعيشي.. راجين أن يكون أعضاء المجلس الموقرون دوماً وأبداً في مستوى الثقة النبيلة والتطلّعات الشعبية، وأن يُعايشوا الأحداث والظروف وينظروا إليها نظرة شمولية بعيدة؛ قبل أن يتصدّروا لأي تصويت.. الذي يُحسب على المجلس وما ينجزه وطنياً وتاريخيا
|