من الأستبداد الدكتاتوري الى الإستهتار الديمقراطي!
العراق ماقبل العام 2003 كان يُعد النموذج الأسوء في العالم على مستوى نظامه الإستبدادي الدكتاتوري الدموي ..ولاأحد بحاجة الى إستعراض ماكان يجري وماجرى من ظلم وتدمير للبشر والثروات وهتك للحريات والحرمات وعدد ماشئت..نظام الحزب الواحد والفرد الأوحد الذي مارس الإستبداد بكل ماتعني الكلمة من معنى...الظلم والتعسّف وفرض القوة قهريّا ..تحكّم مطلق بالسلطة ...وعانا ماعانى الشعب العراقي بل وحتى الشعوب المجاورة من تلك الحقبة الديكتاتورية المقيتة...لذلك كان يوم إزالته عن صدر العراق ..يوم تأريخي فرح له الكثيرون... مع إن إزالته كانت بعملية جراحية كبرى وبإيدٍ أجنبية ومع ماكانت تحمل من آثار سلبية..ولكن ماكان من ظلم وجرائم للنظام جمّدت عند الأغلبية الساحقة من الشعب  التفكير  بالآثار الجانبية للعملية الجراحية .... كان الهم الأكبر هو إزالة كابوس النظام الديكتاتوري الإستبدادي ... ولم يكن في الحسبان أن يتكرر الظلم ويعود بوجوه أخرى وبأشكالٍ متعددة ...ويتفشّى الفساد وينتشر في جميع مفاصل الدولة ...إستسلم الشعب وعطّل إرادته وأهدى صوته بكل سخاء إلى مَنْ كان يعتقدهم من المؤمنين ... من الثقاة الصادقين ...بناءا على ماكانوا يدّعونه ويبشرون به من أفكار إيمانيّة كأنّها تنطلق من تحت أجنحة الملائكة ... وعلى ماكان يطلقونه من شعارات وطنية وإسلامية تنبعثُ منها أنفاس الزهاد وتخشع لها قلوب العبّاد ! فما أسعد الشعب العراقي بهذا البديل وبهذا التغيير ؟ مؤمنون ديمقراطيون ! حقاً أنه تغييرٌ جذريّ يستحق الإعتزاز به ... أن تُستبدل الدكتاتورية بالديمقراطية ...وماذا تريد الشعوب أكثر من ذلك ؟ ولكن مالذي جرى وماذا تغير بعد ذلك ؟ فمثلما يبدأ الدكتاتور صغيرا ثم يتجبّر ويتكبّر ويتمدد على حساب حريّة الشعب وتقييد إرادته وتضييق عيشه ..كذلك سياسيونا الديمقراطيون ! أوغلوا في عمق الديمقراطية وأطلقوا لأهواهم العنان في أجواءها وفضاءها الواسع ...فكانت النتيجة بدل الرئيس الواحد والقائد الأوحد  
عدد كبير من الرؤساء والقادة والزعامات والذوات المقدسة المزيّفة! وبدل الحزب الواحد ...عشرات من الأحزاب والكتل والكيانات والتجمّعات !!! وحلَّ محل الأستبداد الدكتاتوري .. الإستهتار الديمقراطي ! فإذا كان الدكتاتور المستبد قد أفرط بإستبداده وأقحم العراق والشعب العراقي في حروب عبثية مع الدول المجاورة وأحتلّ أراضيها عنوةً ...فقادة الإستهتار الديمقراطي قد أفرطوا بالتهاون حتى أُحتل ثلث العراق من قبل العدو! وإذا كان الدكتاتور ينفق أكثر من ثمانين بالمائة من ميزانية الشعب العراقي على التسليح والتصنيع العسكري ...فقادة الديمقراطية ينفقون نفس النسبة ولكن بالسرقات وبأساليب كثيرة ومتعددة وليس الفضائيون عنّا ببعيد ! وغيرها الكثير الكثير فالمجال لايتسع لذكر مثالب السياسيين والمسؤولين الذين ورثوا النظام السابق وأفرطوا وفرّطوا بثروات الشعب العراقي فضلا عن النزيف الدموي المستمر ... آثروا الأقارب والمتحزبين على حساب قوت الشعب العراقي ... أتبعوا جميع الوسائل الملتوية لسرقة المال من العقود الوهمية الى الإفادات السياحية... لاتكاد دولة في العالم تخلوا من وفد عراقي برلماني أو وزاري أو أعضاء مجلس محافظة أو موظفين بمستويات مختلفة... لالشيء يخدم العراق أبدا ...وإنما على سبيل السياحة والسفر ...تبديد للثروة العراقية وإستهانة بكرامة ودم العراقيين لامثيل له ولا يشبههم كل سياسيي العالم ..  ..عاصمتنا بغداد تعيش أسوء أيام عمرها على مستوى الخدمات ومع ذلك أمينها الوسيم يتفاخر على الفضائيات ..بأنها أنظف عاصمة!! كل محافظات العراق تعاني من سوء الخدمات في زمن الديمقراطيين ..أكثر من 11 سنه مرّت على العراق الديمقراطي وبميزانيته الإنفجارية الكبيرة ومساعدات الدول المانحة ولم يتغير شيءٌ من حال العراق ليكون بمصاف الدول المجاورة ! لا أريد أن أسهب أكثر وأخوض في السبب والمسبب فلاشيء يغيب عن القاريء الكريم...ولكن مثلما كان العراق النموذج الأسوء في زمن الدكتاتورية  وعلى كافة المستويات ..فهو اليوم أيضا في زمن الديمقراطيين يحتل مرتبة متقدمة في قائمة أسوء الدول الفاسدة .. وهذا هو الإستهتار بقواعد الديمقراطية والعبث بمقدرات الشعب وتحت غطاءها.