لقد بات من الجلي لكل شخص في عالمنا الراحل بأن سفينة العراق اليوم تطفو على أمواج خطرة تحيط بها من كل جانب نتيجة الهجوم البربري لعصابات داعش التي تهدد أمن الوطن حاضره ومستقبله في الصميم .ونتيجة للفساد الرهيب المستشري في مفاصل الدولة المصاحب لهذه الهجمة الإرهابية الدموية والذي لايقل خطره عن خطر الهجوم الداعشي المجرم . ونتيجة لصراعات السياسيين المستمرة الذين ينظر أحدهم للآخر بريبة الأعداء ومن منظور الربح والخسارة للمكاسب التي سيحصل عليها. وليس من جانب المخاطر التي تحيط بالوطن. فإن الأخطار تزداد حدة. ولا يمكنني أن أعمم هذا الأمر على الجميع لأن في العراق رجالا شرفاء يرفضون كل دعوة تعمق الجراح أكثر.ولكن ظاهرة الفساد حقيقة واقعة يجب تسليط الضوء عليها وعدم تجاهلها . لقد كنا نسمع من معلمينا في المدارس إن الثالوث الخطير الذي يهدد أمن الشعوب وحياتها ومستقبلها هو ثالوث الفقر والجهل والمرض . لكن يوجد في العراق اليوم ثالوثا خطيرا آخر أضيف إلى الثالوث الخطير المتعارف عليه هو ثالوث الفساد والطائفية والإرهاب. ومن حق أي مواطن عراقي ينتمي ألى تربة العراق أن يقلق على وطنه وأن يتساءل ألى أين تتجه سفينة العراق وأين سترسو؟ وهل يقودها ربابنة مهرة حاذقون حريصون على إيصالها ألى شاطئ الأمان بتخليصه من هذه الأمراض التي يسعى البعض لزرعها في المجتمع العراقي حتى تصبح ظاهرة عادية يخوض بها الخائضون دون أي محاسبة على من يرتكبها ؟ وكمواطن بسيط من هذا الشعب ينزف قلبي دما على وطني حين تضع منظمة الشفافية الدولية إسم العراق في آخر قائمة الدول التي يتفشى فيها الفساد كل عام . وحين أسمع ويسمع معي الكثير من أبناء الشعب قصصا رهيبة عن حيتان الفساد. وإن الآلاف من المشاريع الوهمية والحمايات والإمتيازات الخيالية التي أكلت المليارات من أموال الشعب والملايين يعيشون حالة الفقر المدقع نتمنى أن نجد هذه الحيتان في أقفاص العدالة لينالوا الجزاء العادل الذي يستحقونه نتيجة ماآرتكبته أياديهم الآثمة بحق هذا الوطن الجريح الذي غرفوا ويغرفون من خيراته الكثير من النعم. ولا أدري كيف يحق لمسلم أكل أموال الشعب ثم يذرف دموع التماسيح على الفقراء والمعدمين ويطالب بإنصافهم !!!. وإنه ماجاء إلى السلطة إلا لإنقاذهم من بؤسهم!!! ثم يدعي إنه يقتدي بعلي بن أبي طالب ع في الحكم ؟ وأقول له ألم تقرأ قوله ع : (والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهدا، وأجر في الأغلال مصفدا،أحب إلي أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالما لبعض العباد وغاصبا لشيئ من الحطام) ولو بقيت هذه الرؤوس المنافقة التي تتعامل بهذه الإزدواجية الصارخة وبهذا النفاق المقيت لايمكن لوطن جريح أن ينهض من كبوته أبدا. وعن الطائفية فيبدو إن البعض من هؤلاء السياسيين إتخذوها خليلا للوصول إلى أهدافهم، ولايستطيعون العيش بدونها رغم الحصول على حصصهم في الدولة العراقية . فقد سيطرت على عقولهم وأرواحهم ، وبات همهم الأول التشكيك بأبناء العراق الشرفاء من الحشد الشعبي الذين تنادوا لنداء المرجعية الرشيدة ، وهبوا عن بكرة أبيهم للدفاع عن تربة العراق الطاهرة ، ويقفون اليوم بكل شرف وإباء لصد هذا الغزو الداعشي البربري الذي يستهدف الجميع دون آستثناء ، وتسيل دماؤهم الطاهرة يوميا على ثراه. حتى إن الكثير منهم محروم من حقوقه. ويتلقى الطعنات اللئيمة الحاقدة من هؤلاء الطائفيين المتنعمين بخيرات العراق، ويبنون إتهاماتهم على حوادث فردية مرفوضة ، ويدركون في قرارة نفوسهم إن الطائفية هي السهم المؤلم في كنانة أعداء العراق يطلقونه بآستمرار في وسائل إعلامهم لتمزيق اللحمة الاجتماعية العراقية. وتحريض قوى الإرهاب لكي توغل في سفك دماء الأبرياء بالحديث الطائفي المقيت والكاذب والمضلل عن (قتل السنة وتهجيرهم ) لكن أصواتهم تتناغم عن عمد وسبق إصرار مع هذا الإعلام المعادي وهم الذين أقسموا على أن يكونوا أمناء على مصالح الشعب العراقي في الحكومة الجديدة التي يرأسها الدكتور حيدر العبادي والتي بدأت بخطوات مهمة لوضع العراق على الطريق الصحيح .وأعلنت مرارا وتكرارا إن العراق ملك لجميع مكوناته دون أي تمييز . ولكن لاحياة لمن تنادي.وأتمنى كمواطن عراقي أن يشرع مجلس النواب قانونا يحرم فيها كل ترويج للطائفية والعنصرية ، ويعاقب دعاتها على أساسها لكن هيهات أن يحدث ذلك من مجلس لم يقدم للشعب شيئا يذكر. ومن غرائب الساحة السياسية العراقية إن هؤلاء الذين ملأوا الدنيا ضجيجا عن مقاومتهم للإحتلال الأمريكي يستنجدون اليوم بالأمريكان لتسليحهم ولتبني إقليمهم السني .لكي يتخلصوا من ( الإقصاء والتهميش ) التي تعانيه مناطقهم وفق إدعاآتهم المشبوهة. ولا أدري كيف تتم المصالحة مع هؤلاء الذين يسعون لتقسيم العراق طائفيا وفق مشروع بايدن.؟ وقد سمعت أحدهم يقول بعظمة لسانه في إحدى الفضائيات : ( نحن ثلاثة شعوب في العراق ويجب أن يدرك الجميع هذه الحقيقة .!!!) لكنهم يتباكون على العراق وعلى ما وصل إليه!!! بعد أن وصلت مصداقيتهم ألى درجة الصفر وضاق الشعب ذرعا بتصريحاتهم الخاوية. وهناك الكثير من الزبد الذي يسمعه العراقيون من هؤلاء السياسيين في الفضائيات. ويحق للعراقيين أن يلقبوهم ب ( ساسة الفضائيات ) وهم جديرون بهذا اللقب. إن هذا الوطن الجريح الذي فيه مايقارب المليوني مهجر وملايين الأرامل والأيتام والمعدمين ويهدده الإرهاب الداعشي بالويل والثبور والقتل والدمار بحاجة ماسة اليوم إلى الرجال الذين وصفهم المتنبي في بيته الشعري: إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام. ولا شك إنه زاخر بمثل هؤلاء الرجال الذين يتحملون بحق مسؤولية قيادة هذا الوطن لكي ينقذوه من بعض جراحه الدامية الكثيرة. ويبنوا دولة الإنسان والمواطنة الحقة البعيدة عن كل روح طائفية وعنصرية مدمرة وإن السفينة لو غرقت لاسامح الله لايسلم منها من يعمق جراح وطنه أبدا.أتمنى كفرد ينتمي إلى تربة العراق أن يكون العام الميلادي الجديد عاما تلتئم فيه بعض جراح العراق ويتطلب ذلك الكثير من العمل المضني والمثابر من قبل مسؤولين مخلصين قلبا وروحا ونهجا لتربة وطنهم الجريح.
|