عيد الفواجع والأحزان



عيد الميلاد الجديد موشح بالأحزان

إن كل عيد يزهو بالأفراح والمسرات , وينغمس بالأحلام والآمال , ويترقبه الجميع بالسرور والحبور والمباهج , بيد أن هذا العيد كالأعياد السابقة فقد أطفئت فيه شموع التفتح والبهجة والسعادة والاطمئنان , إذ أن مأساة كنيسة سيدة النجاة لازالت قائمة ولا تفارقنا , والجرائم والمجازر التي ارتكبها داعش في دهوك والموصل وديالى والانبار وفي معسكر سبايكر قد حفرت في القلوب أخاديد عميقة الغور من الآهات والحسرات والدموع الناطقة . إن هذه المجازر والتجاوزات المؤلمة قد سلبت منا النشوة والابتهاج في هذا العيد الذي كان ينتظره الجميع كي يعيشوا في أجواء من الأماني والارتياحِ والاطمئنان والأمان , غير أن الكلاب المسعورة والذئاب الجائعة للفتك والدمار قد أثارت في قلوبنا المؤمنة أوجاع يسوع عليه السلام , وكثفت دموع العذراء اليتيمة عليها السلام , وزرعت في النفوس المطمئنة الآمنة الخوف والرعب والهلع واليأس والتدمير . إننا نستقبل هذا العيد والأفئدة مليئة بالحسرات والتنهدات التي تظل تنزف ألما وحرقة على أرواح شهداء القوات المسلحة والحشد الشعبي والعشائر المجاهدة , ودموعنا لا تتوقف على شهداء العراق من مسلمين ومسيحيين وايزيدين وغيرهم .. فأي عيد نحتضن..؟ وأي عيد نستطيع أن نسرح فيه ونمرح في بلد قد ابتلي بالإرهابيين والقتلة وبالمنغصات والمزعجات والقلق والحرمان ..؟؟ فهذا العيد موشح بالأحزان وفاقد للامان , وغاطس في بحر الامتهان , فالإنسان العراقي لا يزال مرعوبا وخائفا مما يخبئ له الغادرون المجرمون الذين يمتهنون القتل والمضايقة والتشريد والاغتصاب , ويستبيحون المحرمات , ويهتكون الكرامات , ويسحقون ويدمرون وينسفون المقدسات بوقاحة وسفالة وانحطاط . إننا نستقبل هذه العيد الكئيب بعيون تذرف الدموع , وبصدورٍ تنفث التوجعات , وبنفوس تتمرغ على الجمر لفقد الأحبة والإخوان والجيران والأصدقاء من إخوتنا المسيحيين , الذين يمتازون بالطيبة والبراءة والمحبة والسلام والجمال , وما عندنا وما لدينا إلا أن نردد مع المتنبي العظيم :
عيدٌ بأيةِ حالٍ عدتَ يا عيدُ
بما مضى أم لأمرٍ فيكَ تجديدُ
أما الأحبةُ فالبيداءُ دونهُمُ
فليتَ دونكَ بيداً دونها بِيدُ
فيا أحبتنا إننا نقاسمكم الحزن والأسى على هذا المصاب الجلل , ولا ادري هل نقول لكم البقاء في حياتكم , أم نهنئكم في هذا العيد الذي اطل علينا وهو مكتسي كساء الفواجع والأحزان , وان مشاطرتنا لكم فيما يحزنكم ويفرحكم متأتي من قناعتنا بأنكم إخوتنا التاريخين الذين عبرتم بصدق عن ولاءكم للوطن ولكل العراقيين على مر العصور والدهور , فكيف ننسى مواقفكم المشرقة , وكيف ننأى عنكم في مصابكم الأليم الذي هو مصابنا فعلا وبالتأكيد .
وأخيرا نسال الله تعالى أن يعيد عليكم كل عيد وانتم في أمان واطمئنان ووئام والله معكم . ونسال خالقنا الكريم أن يرحم شهداء العراق .