رجال الدين وعجز الميزانية ؟ الجزء الثاني


هناك تحديات كبيرة تواجه العوائل الحاكمة في الخليج امام هذا الطرح والمتابعة والمراجعة والنقاش من قبل المواطنين والفوائد التي حصل عليها ابناء الخليج من المشاريع المنجزة والمتأخرة والمتعثرة وطرحها للنقاش عبر وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام ومشاركة المواطنين من خلال ذلك للتعرف على الأسباب ووضع الرؤى المستقبلية للإيجابيات والسلبيات..
للحقيقة والتاريخ نقول إن الازمة في اسعار النفط هي السيف المسلط على رقاب العوائل الحاكمة في الخليج رغم أحداثه وصراعاته السياسية التي تجري تحت السطح فان السياسة الاقتصادية لم تستطع ايجاد حل امثل لمشاكل خليج مابعد النفط.. 
لهذا لن نكون في طرحنا مواربين أو مجاملين على حساب شعوب المنطقة لذلك لابد من اعادة انتاج نظريات وحلول عبر تذويب الثقافة الاقتصادية المحلية و استغلال العادات والتقاليد لمقاومة الروح الاستهلاكية وذلك باعتبار أن ثقافة المجتمع تشكل أرضية للاتفاق على ما اتت به الازمة النفطية من اختلاف؟ 
إن الثقافة التي سادت طوال العقود الماضية مرتبطة بطفرة اسعار النفط أما الثقافة الجديدة المطلوبة مرتبطة بثقافة اخرى إنها ثقافة شد الحزام ليعمم على الجميع واولهم العوائل الحاكمة. 
لقد رافق الطفرة المالية في الخليج التوجه نحو إنشاء جامعات وجمعيات دينية توجه موادها إلى جمهورعمودي موجود بفعل ترابط الاهتمام بحيث ادى التزايد الكبير في عدد شيوخ الدين الى زعزعة ثقافة المكان عبرإعادة النظر بالواقع حيث لم يعد شيخ الدين يخاطب مكان أو شعب واحد بل قدم قيم وتجارب الى اماكن اخرى والتي بدأت تقوض الثقافة المحلية حيث أصبح المواطن طرفا مشاركا ونتيجة لمنطق التفاعل الذي فرضته التكنولوجيا لذلك علينا إعادة النظر في دور شيوخ الدين ووظيفتهم الاجتماعية بإمداد المجال الثقافي والإعلامي والاقتصادي الخليجي بصورة تدعو للتغيير في العادات والتقاليد الاستهلاكية. 
وتبدو السعودية مثالاً بالغ الفائدة لتقديم نظرية دينية الى المواطن عن الخليج بين الأمس واليوم. الناس البسطاء في سبعينات القرن الماضي واصرار الحكومة السعودية لاحرازمعنى وجود الدين كجزء من بناء الدولة وهذا ما لايستقيم في ظل غياب الموجه الديني وقوته الضاغطة نموذجاً لكل ما من شأنه أن يحول بين السبعينات واليوم. الواضح أن لاعادة انتاج ميزانية اقتصادية غيراستهلاكية الدور مقترن برجال الدين لتحقيقها ولاسبيل الى ذلك في ظل بقاء رجل الدين في المسجد بل المشاركة في الحكم وهذا ما يحتم عليه ترك المسجد لمنع انتفاضة الشباب ومساعدة الحاكم للتحكم بالمقود في عالم ما بعد النفط لانها مرحلة خطرة تقودها نخب ثقافية و سياسية تقود شعب تواق لتطبيق ما تعلمه شبابه في أكاديميات العلوم السياسية و الفلسفة وعلم الاقتصاد.. 
لكن في الوقت عينه لا بد من السؤال: أي دور يرتجى للعوائل الحاكمة في ظل المد الشبابي وثقافة خليج ما بعد النفط؟ 
المطلوب المشاركة بإمكاناتهم المادية والتأسيسية للمستقبل ومواجهة الانحرافات التي قد تكبر وتحرف شعوب المنطقة عن مسارها وخطها؟ بطرح بدائل ناضجة وعدم إفراغ السلطة من دور تلك العوائل التاريخي الذي يبقيها على مسافة أمان بما يصب في خدمة البعد الاقتصادي الخليجي..
فقد قدر المراقبون بأن دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة إلى تريليون دولار في الخمس سنوات القادمة لمشاريع البنى التحية وهذه الاموال لايمكن ان توجد الا في خزائن العوائل الحاكمة وتحولها من الادارة السياسية الى ادارة عجلة الاقتصاد الخليجي وبذلك تحافظ على قوتها بنصف مشاركة سياسية واقتصادية ونظرا لدورها التاريخي ستحافظ على مكتسباتها عبر مشاركة رجال الدين باستنهاض التاريخ وطرح العبر لتهيئة المواطن الخليجي للقبول بالوضع الجديد...