خياراتنا الاقتصادية من الزاوية الأمنية

الانعطافات الكبرى ( الهزائم والانتصارات ) هي تطور او تراجع نوعي يقتضي سياسات نوعيه مع استحالة المعالجه بالآليات القديمة وأن استعملت تترك بصمتها أن لم يحصل تراجع ، فالواقعية بلا ضفاف والنزعة العمليه محفوفه بالمخاطر وعليها المضي على طريق جديد يتماهى مع المستجدات المهيمنه في الساحه السياسيه .
فمن يحدد الإبعاد الموضوعيه اقتصادياً وامنياً ( ومن يحدد من ) وهل العلاقه ديالكتيكيه ؟ يبدو أن المرجح في هذه العلاقه أو المتحكم الفاعل هو الجانب الأمني اليوم . ولكن هذا اليوم لم يمض بدون ثمن يترك بصمته في المستقبل المنظور أو ما بعده .

فبعد عشرة حزيران علينا الاعتراف أننا أمام منعطف لا يسعنا احتوائه باليات وأشخاص كانوا طرفاً أساسياً وهذا يشمل ليس المؤسسه الأمنية بل من هم ورائها وصولاً الى ( امريكا وايران ) تحديداً لما لهما من علاقه مباشره وغير مباشرة لما حدث .

لذلك ستكون خياراتنا متأثرة أو مرهونه لما تقوم به الدولتان الصديقتان اللدودتان . هذا ونحن لا زلنا دوله موحده بحدها الأدنى فكيف إذ استمر المنهج الكونفدرالي . لا بد أن يكون الحال أسوء بكثير ولذلك تصبح اللامركزيه الاداريه خياراً محترماً الان وبعد الان . ومحدداً اساسياً من محددات الخيارات الاقتصاديه . أي أن يكون لدينا مركزيه جديدة متفاعله تضمن لنا ادارة المشاريع الكبرى والستراتجيه من صناعه النفط إلى مشروع السكك الحديديه الفاو و ( الحوض الجاف ) الصناعة المدنية الحكوميه التي دمرها طيران التحالف عام 1991 وما قبل وما بعد وصولاً إلى إدارة مشاريع الري والبزل المرهونتين بالحكومه الايرانيه التي جعلت من شط العرب مكباً لنفاياتها النفطيه . واقامة السدود على ( الكرخه وقره تو ودوريج والطيب ) ( علاء اللامي / القيامه العراقيه ) ص 69) وهكذا تركيا التي تقيم مئات السدود من سد اليسو وغيره على دجله والفرات . وتستمد مركزيه الدوله شرعيتها وأهميتها من هذه المشاريع الستراتجيه التي لا تديرها أي كونفدراليه سواء كانت ( سنيه أو شيعيه أو كرديه ) .

وهذه المشاريع الستراتجيه هي بدائل للنفط الناضب أو ريعيته المتذبذبه والذي يعزز ا لمركزيه ومن أبرز مهامها هي الجيش الوطني حيث أننا في منخفض تأتيه الرياح الشماليه والشرقيه وحتى الغربيه العربيه التي جعلت من التشيع نوعاً من الهرطقه أضافه لثارات قديمه وحديثه من مشكلة الكويت ومحاوله الخفجي التي دفعت السعوديه للتدخل والتحالف ضد صدام آنذاك .

فالتصنيع والجيش الوطني ومشاريع الري والبزل فقط سيكونان سداً منيعاً أمام محاولات اللوبي ( الامريكي العراقي ) في دفعنا باتجاه

الانضواء تحت خدمه منظمة التجارة العالمية بالتنسيق مع رعاية صندوق النقد الدولي وتبعات اتفاقيات باريس في تخفيض الدين العراقي الذي سندفع اضعافه تحت هذه الطائله . فعندما يٌعلى سياجنا الكمركي الذي يأخذ الآن كمرك 5% بأسماً ليس كمركيا بل رسم الاعمار . يخجل من المنظمات المذكوره . التي ستقودنا طائعين إلى أزمات النقد والنفط وخاواتها وتداعياتها .

ولهذا تصبح الكونفدراليات الثلاثه إذا ما تمت مجرد العوبات تتقاذفها المصالح الاقليميه حتماً واكيد وتصبح هذه الكانتونات ربما قواعد عسكريه أو مناطق حره للفاعل الدولي الذي يعيد النظر بسياسته تجاه الشرق الاوسط العربي ليتقاسمها مع دول كبرى ناشئه في المنطقة وهما ( تركيا وايران واسرائيل ) ولكي تستمر سياسه الشرذمه والكانتونات في سوريا والعراق والسعوديه واليمن وصولاً للجانب العربي الافريقي مصر وليبيا .

فليس أمنامنا كوطنين أو ( أسلامين حقيقين لافاسدين ) الا هذا الخيار حيث ادلجة المذاهب أو صلتنا لهذا الحال والحصاد معروف عربياً وعراقياً لم نلمس الا التراجع وارتفاع شعارات المذهبيه التي تستثمرها دول الجوار . ولا يفوتنا في الختام بأنه بدون جيش وطني لا يمكن تصور قيام أي مشروع ستراتيجي يحميه ويذود عنه ويتم ذلك من خلال تجنيد الزامي ويتشكل لدينا جيش دفاع حقيقي يحمي حدوداً طالما كانت مستباحه للسنوات الماضيه .

ويترتب متماهياً مع هذه المؤسسه والمشاريع الستراتجيه قيام الأجهزة المركزيه السانده وهي المحكمه الدستوريه ووالهيئات المستقله ومجلس الخدمه وقيام الدولة بفائض النفط أو الاحتياطي النقدي باعادة تشكيل الاقتصاد العراقي الذي كان ولازال بيد الدوله وانجازه لكي لا يكون نهباً للوبيات الامريكيه أو الغربيه أو دول الجوار تتناهب اقتصاداً ونتحول إلى مجرد دوله كمبرادوريه ونحمل وكالات استيراد أو تصدير لرخص العماله وتعميق فقرنا الذي هو الآن جبل ثلج الظاهر منه تكافحه ببؤس شديد الدوله من خلال بطاقه تموين فقيرة ومساعدات الرعايه التي يتناهبها الفساد الذي يزحف حتى لخيم النازحين