بغداد ..من صخرة عبعوب إلى وسامته

بغداد مدينة لا تشبه اي مدينة في الكون مهما تكالبت عليها غير الزمان وتوالت عليها طوارق الحدثان لانها شمس الوجود وقطب الرحى وسر الأماني وبهجة الزمان،هي مدينة الشعراء والادباء وهي حاضرة الدنيا وهي مدينة الجمال وهي مدينة حكايات الف ليلة وليلة.

بغداد اليوم ليست بغداد الامس لكنها تبقى مدينة الاخبار والحكايات والنوادر والعجائب،واخر عجائبها له علاقة مباشرة بامينها الوسيم الذي لم يستطع ان يفهم قيمة بغداد ولم يتمكن ان يقدم لها ما يجعلها تشعر بحقيقة زهوها وعظيم تاريخها فاكتفت بنظرات الحزن والحالم وهي تستمع الى تفاهات رجل امتطى صهوتها في غفلة من الزمن.

بغداد ستبقى صامدة بوجه التخلف والانحلال والفظاظة والصفاقة وستشمخ على التاريخ من جديد وسيندثر امينها عبعوب مع انقاض المزابل التي تملا كل ركن وزاوية من احيائها وشوارعها ولن يكون الا ذكرى تضاف الى ذكريات وحكايات الشطار والعيارين التي تمثل صفحة من صفحات بغداد الادبية.

وعبعوب حالة طبيعية وليست استثنائية في مرحلة عاشها العراق بكل غرابتها وشواذها ومثلت القاعدة فيها تواجد الشواذ والجهلة والمنحرفين والفاسدين والمرتشين والفضائيين بينما مثل تواجد المخلصين والشرفاء والحكماء والنزهاء الاستثناء، وهذه الغرابة تضاف ايضا الى تاريخ بغداد والى سنوات زمن نوري المالكي.

ولان بغداد عزيزة وشامخة فإنها بين فترة وأخرى تنفض عنها رداء غبار الأيام والسنوات لتجدد نفسها بنفسها وهذا ما يحدث الان بالضبط فعبعوب الذي جاء مع المالكي سيلتحق بصاحبه ولن يبقى منه الا ذكريات الفكاهة والطرافة والغرابة التي غلفها بسذاجة لا يمكن ان تجدها الا في مخيلة الاطفال والمراهقين.

ان اختيار عبعوب كامين للعاصمة بغداد ما كان ليحدث لو ان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي يدرك قيمة بغداد وأهميتها،لكنه تعامل معها وكانها محظية او جارية في قصر الأمير وهبها لشخص مختل عقليا ومضطرب نفسيا دون ان يدرك ان هذا المختل يستحق الكوي والعزل ولا يستحق ان يكون امينا.والمالكي في تصرفه انما كان ينطلق من دوافع شخصية ضيقة اراد فيها اقصاء طرف سياسي وبصورة شخصية مجردة دون ان يلتفت لعواقب هذا الاختيار الذي جاء كردة فعل هستيرية غير منضبطة.

أخر الأخبار تقول ان عبعوب قد اقيل من منصبه كأمين لبغداد من قبل رئيس الوزراء الدكتور العبادي وهذا خبر جيد طال انتظاره من قبل البغداديين الذين يعتبرون استمرار عبعوب اهانة لبغداد وللذوق العام ولكرامة الانسان حتى مع وجود صخرته التاريخية ومع وسامته التي أطارت لب الفارسيات من على صفحات التواصل الاجتماعي رغم ان ايران لا يوجد فيها فيس بوك.

ان تغيير عبعوب امر منطقي في اطار عملية التغيير التي طالبت بها المرجعية الدينية والكتل السياسية والمجتمع الدولي وفي اطار مكافحة الفساد والترهل والفضائيين والفاشلين وفي اطار المرحلة السياسية والامنية والاقتصادية الجديدة والتي تختلف كليا عن المرحلة التي جاءت بعبعوب خاصة وان عبعوب ينتمي الى كل هذه المسميات.

عبعوب سينتهي وقته عاجلا ام اجلا وستتوقف معه الصفاقة والبلادة والسطحية غير ان حكاياته عن الصخرة والوسامة والزرق ورق واليابان ستبقى حاضرة في مجالس وكتابات العراقيين لانها من النوادر والحكايات التي لا يمكن ان تتكرر الا في بغداد وفي قصص الف ليلة وليلة.